دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، السبت، شهرها الثاني عشر من دون مؤشرات على تراجع حدة القصف والغارات الإسرائيلية الدامية أو احتمال التوصل إلى هدنة سريعة والإفراج عن المحتجزين.
يأتي هذا غداة مقتل ناشطة أمريكية- تركية الجمعة خلال تظاهرة ضد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، حيث اعترف الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار، بينما أسفت واشنطن لـ”الخسارة المأسوية”.
قبل الفجر وفي الصباح الباكر، هزت غارات جوية عدة وقصف مدفعي القطاع الفلسطيني المحاصر، بحسب ما أفاد صحافيون. وقال شهود ومسعفون إن 17 فلسطينيا على الأقل استشهدوا، بينهم نساء وأطفال، في جباليا ومدينة غزة في الشمال، وكذلك في النصيرات والبريج في الوسط.
وكتب مفوض عام الأونروا فيليب لازاريني عبر منصة إكس: “أحد عشر شهرا. كفى. لا أحد يستطيع تحمل هذا الأمر فترة أطول. يجب أن تنتصر الإنسانية. يجب وقف النار الآن”.
تتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بعرقلة التوصل إلى هدنة، في وقت يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطا داخلية لإبرام اتفاق من شأنه إطلاق سراح محتجزين.
وتجمع آلاف المتظاهرين مساء السبت في تل أبيب ومدن أخرى بينها القدس وحيفا، مطالبين الحكومة بتأمين إطلاق المحتجزين. وحملوا لافتات كتبت عليها: “أيديكم ملطخة بالدماء” و”من التالي؟” في إشارة إلى مقتل ستة محتجزين استعادت إسرائيل جثثهم من جنوب قطاع غزة الأحد.
مذعورون
في غزة، أعلن الدفاع المدني السبت أن غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين فلسطينيين ما أدى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص على الأقل، بينما أعلن الجيش أنه استهدف مقرا لقيادة حماس.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل: “ثلاثة شهداء وأكثر من عشرين إصابة تم انتشالهم، بعد قصف الطيران الحربي الإسرائيلي بصاروخين مصلى وغرفة صف في مدرسة عمرو بن العاص التي تؤوي نازحين في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة”.
كما أفادت مصادر طبية بأن 33 فلسطينيا على الأقل أصيبوا في غارة جوية إسرائيلية على منطقة سكنية في بيت لاهيا، ويتلقون العلاج في مستشفيات العودة وكمال عدوان والإندونيسي.
في مخيم جباليا، قصفت خيمة للنازحين داخل مدرسة حليمة السعدية التي كانت تؤوي نازحين، حسب شهود.
وقال أحمد عبد ربه: “يوجد ما بين 3000 و3500 شخص في هذه المدرسة. كنا نائمين عندما سقط علينا صاروخ فجأة. استيقظنا مذعورين. وجدنا شهداء، بينهم أطفال ونساء”.
وأظهرت صور الخيمة محترقة وآثار دماء على الفرش والأرض، وسط بعض الممتلكات البسيطة التي دُمرت أو احترقت.
في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، بكى فلسطينيون أمام جثث خمسة من أقاربهم استشهدوا في النصيرات.
ورغم جهود تبذلها دول الوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر منذ أشهر، لم يتوصل طرفا الحرب إلى اتفاق بشأن وقف النار، يتيح كذلك تبادل المحتجزين الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وتعثّرت المحادثات للتوصل إلى هدنة في الأسابيع الماضية بسبب خلافات أبرزها الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر المعروف باسم “محور فيلادلفيا”، وعدد الأسرى الفلسطينيين الذين يمكن إطلاقهم في مقابل الإفراج عن محتجزين.
ويصرّ نتنياهو على إبقاء قوات إسرائيلية عند الشريط الحدودي، في حين تتمسك حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) بيل بيرنز السبت إنه “يعمل جاهدا” مع الوسطاء لتحسين إطار اتفاق وقف إطلاق النار، مضيفا: “آمل بأن نقدم مقترحا أكثر تفصيلا (لاتفاق هدنة) في الأيام المقبلة”.
رصاصة في الرأس
إلى ذلك، انسحبت إسرائيل من مدينة جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة بعد عملية عسكرية استمرت عشرة أيام.
وقال مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة إن 36 فلسطينيا، بينهم ثمانية أطفال، استشهدوا في الأيام العشرة للعملية. من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أن أحد جنوده قتل خلال المواجهات في جنين يوم 31 آب/ أغسطس.
تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967 وكثفت عملياتها العسكرية فيها إثر اندلاع الحرب في غزة.
كما طالبت عائلة مواطنة تركية أميركية قتلت الجمعة بالرصاص خلال تظاهرة احتجاج على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة بتحقيق مستقل في مقتلها متهمة الجيش الإسرائيلي بقتلها في ما وصفته بأنه عملية “عنيفة”.
أصيبت عائشة نور إزغي إيغي البالغة 26 عاما “برصاصة في الرأس” خلال مشاركتها في التظاهرة في بلدة بيتا.
وقالت عائلة الضحية في بيان: “لقد خطفت من حياتنا من دون طائل وبطريقة غير قانونية وعنيفة، من جانب الجيش الإسرائيلي”.
وقالت تركيا إنها قُتلت على يد “جنود الاحتلال الإسرائيلي”، فيما وصفت الولايات المتحدة مصرعها بأنه “مأساوي” وضغطت على إسرائيل للتحقيق.
وندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإسرائيل ووصفها السبت بأنها دولة “وحشية”. وحضّ الدول الإسلامية على مواجهتها، قائلا إن “الوقوف ضد إرهاب الدولة الإسرائيلية واجب إسلامي علينا. إنه واجب ديني”.
ورد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قائلا إن أردوغان “يواصل إلقاء الشعب التركي في نيران الكراهية والعنف من أجل أصدقائه في حماس”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته “ردت بإطلاق النار باتجاه محرض رئيسي على أعمال عنف يرمي الحجارة باتجاه القوات ويشكل تهديدا لها”.