تسود حالة من التشاؤم في إسرائيل بشأن تقدم مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس ووقف إطلاق النار في قطاع غزة ، في مقابل التفاؤل الذي تبثه واشنطن التي ترى أن إسرائيل وحركة حماس لا تزالان قريبتين من التوصل إلى اتفاق، على الرغم من تزايد المخاوف من نشوب حرب إقليمية في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية ، في طهران، والقيادي في حزب الله، فؤاد شكر، في بيروت.
وفيما تبذل واشنطن جهودا "دبلوماسية مكثفة" لمنع المزيد من التصعيد بعدما هددت إيران بالرد على اغتيال هنية، وفي ظل الترقب في إسرائيل لهجوم واسع من حزب الله ردا على اغتيال شكر؛ قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي: "نحن قريبون أكثر من أي وقت مضى حسبما نعتقد" من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
من جهة أخرى، كشف هيئة البث العام الإسرائيلية أن عائلات الأسرى المحتجزين في قطاع غزة التي التقت بمسؤولين مطلعين على المفاوضات في الأسبوع الماضي، أُبلغت بعدم وجود تقدم حالي في المحادثات، وأن المسؤولين في فريق التفاوض متشائمون بشأن احتمالية تحقيق "اختراق قريب" في المفاوضات التي تدار عبر الوسطاء.
وبحسب المصادر، فإن "المحادثات متعثرة ليس فقط بسبب التوتر في الشمال والمخاوف من رد إيراني، ولكن أيضًا لعدم وجود توافق بشأن محور فيلادلفيا وممر نتساريم"، في إشارة إلى المطالب التي أضافها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، بشأن إيجاد آلية لمنع انتقال المقاومين من جنوبي القطاع إلى شماله خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق المقترح، والإبقاء على قوات الاحتلال في محور فيلادلفيا و معبر رفح .
ونقلت "كان 11" عن مصادر إسرائيلية وأجنبية مطلعة على المفاوضات أيضًا أن المحادثات متوقفة ولم يتم تحديد موعد لاستئنافها؛ في حين أعلن مسؤولون أميركيون في عدة مناسبات في الأسابيع الأخيرة أن التوصل إلى اتفاق بات وشيكا، وحثوا إسرائيل وحماس على قبول اقتراح سيؤدي إلى وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، في مرحلته الأولى.
وردا على تصريحات كيربي، قال مكتب نتنياهو ، إن حكومته "لم تتلق أي رد من حماس" حول صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى رغم أن تل أبيب قدمت "عرضا واضحا، وأرسلت وفدها المفاوض للقاهرة يوم السبت الماضي"، فيما قال البيت الأبيض إن المفاوضات "وصلت إلى مرحلتها النهائية"، دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.
من جانبه، قال كيربي للصحافيين: "أعتقد أننا أقرب من أي وقت مضى" للتوصل إلى اتفاق، وأضاف "هناك اقتراح جيد أمام الطرفين ويجب عليهما قبوله لكي نتمكن من وضعه موضع التنفيذ". واعتبر أن "الفجوات قد تقلصت في المفاوضات. نعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق"، ولفت إلى أن الفجوات "التي يجب تسويتها تتعلق بتفاصيل تنفيذ الاقتراح".
وعيّنت حركة حماس يحيى السنوار رئيسًا لمكتبها السياسي خلفا لهنية، ما أثار مخاوف في إسرائيل من أن تصبح المفاوضات أكثر صعوبة. وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عبر موقعها الإلكتروني ("واينت") إنه "رغم أن السنوار كان يُعتبر لفترة طويلة معارضًا للتسويات بينما كان يُنظر إلى هنية على أنه شخص أكثر اعتدالًا، فإن إسرائيل تعتقد الآن أن العكس هو الصحيح".
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة، لم تسمها، زعمها أن هنية كان "عقبة في المفاوضات، وكان يمنع التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن". وادعت المصادر أن "هنية كان يتظاهر بالاعتدال أمام الولايات المتحدة وقطر، لكنه كان يرفض التقدم في الصفقة، بينما كان السنوار يسعى إلى تحقيق اتفاق"، واعتبرت المصادر أنه "من المتوقع أن يسهم تعيين السنوار في دفع المفاوضات قدما".
ومع ذلك، قالت مصادر "يديعوت أحرونوت" أن نية إيران وحزب الله بشن هجوم على إسرائيل للرد على اغتيال هنية وشكر، قد تؤدي إلى "شعور السنوار بالنشوة وأن يتخذ قرارا بالانتظار حتى تنفيذ الهجوم قبل الرد إيجابيًا على الصفقة"، وعلى وقع ارتفاع منسوب التوتر، عزّزت الولايات المتحدة منظومتها العسكرية في المنطقة، ونشرت مزيدا من السفن الحربية والطائرات المقاتلة لحماية إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن التقارير "كشفت عن تقدم كبير في المحادثات مع مصر حول إحدى القضايا التي كانت تعرقل التقدم، وهي مطلب نتنياهو بالسيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح". وخلال محادثات الوفد الإسرائيلي في القاهرة، تم الاتفاق على معظم هذه النقاط، علما بأن وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، ورؤساء الأجهزة الأمنية يعتقدون أن هذه التعديلات غير ضرورية وقد تهدد الصفقة.