وول ستريت جورنال: حماس تعود لأساليب حرب العصابات.. وخلافات وتذمر في إسرائيل حول “اليوم التالي”

20240116151844reup-2024-01-16t151702z_878666138_rc2ge0albaci_rtrmadp_3_israel-palestinians-eu-sanctions.h-730x438.jpg

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعدته سمر سعيد وجاريد ماسلين قالا فيه إن تحول حماس إلى أسلوب حرب العصابات يثير منظور الحرب الدائمة أمام إسرائيل. فقد لجأت الحركة إلى أساليب “اضرب واهرب” والقتال من خلال مجموعات صغيرة لكي تظهر أنها قادرة على القتال لأشهر إن لم يكن لسنوات. وجاء في التقرير أن سبعة أشهر على الحرب مرت ولم تُهزم حماس بعد، مما يثير المخاوف من أنها تسير نحو حرب للأبد.

وأضاف التقرير أن الحركة لا تستخدم شبكة الأنفاق أو الخلايا الصغيرة أو تأثيرها الاجتماعي للنجاة فقط ولكن لمضايقة القوات الإسرائيلية.

وتهاجم حماس بقوة أكبر وتطلق الصواريخ المضادة للدبابات على الجنود المتحصنين في المنازل وعلى العربات الإسرائيلية وبشكل يومي، حسب شهادات جنود احتياط من فرقة الكوماندو 98 التي تقاتل في جباليا. وتعلق الصحيفة أن تصميم حماس على القتال يمثل مشكلة استراتيجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي تعهد بتدمير الحركة.

وأشارت الصحيفة إلى قلق داخل إسرائيل وبخاصة المؤسسة الأمنية أن نتنياهو ليست لديه خطة موثوقة لاستبدال حماس وأن الإنجازات العسكرية التي تم تحقيقها ستتلاشى.

وفي الوقت الذي أرسلته فيه إسرائيل دباباتها إلى رفح التي تزعم أنها المعقل الأخير لحماس، شنت الأخيرة سلسلة من الهجمات على الجيش الإسرائيلي في الشمال، حيث تم استدعاء الدبابات لدعم القتال في المناطق التي ظلت هادئة لعدة أشهر وشنت غارات جوية أصابت كما تقول إسرائيل 100 هدف منها “غرفة حرب” لحماس وسط غزة.

ويقول جوست هيلترمان، مسؤول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل، “حماس موجودة في كل مكان في غزة” و”لم تهزم بعد”. والواقع هو أن إسرائيل بعيدة كل البعد عن تحقيق النصر النهائي الذي يتحدث عنه نتنياهو، فسواء غزت إسرائيل رفح أم لم تغزها، ستنجو حماس وتواصل القتال في أماكن أخرى في غزة، وهذا هو تقييم المسؤولين العسكريين الإسرائيليين والسابقين وتقديرات الاستخبارات الأمريكية. وفي يوم الإثنين هدد نتنياهو قائلا: “لن نتوقف حتى ينهار نظام حماس الإرهابي، وسننتقم من الذين دبروا الهجوم وحتى آخر واحد فيهم”.

وقالت الصحيفة إن يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة والمتهم بتدبير هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر يمثل تحديا آخر.

وأرسل السنوار رسائل إلى الوسطاء في محادثات وقف إطلاق النار أن الحركة حضرت لحرب طويلة مع إسرائيل، واصفا تفكير نتنياهو حول تفكيك حماس بالساذج.

وقال مفاوض عن عربي عن السنوار: “طالما رغب بإظهار سيطرة حماس على الوضع وأنهم لم يتخلوا عن ساحة المعركة وأنهم يستطيعون مواصلة الحرب لأشهر إن لم تكن سنوات”.

وتقول الصحيفة إن حماس استخدمت الأنفاق من أجل تحريك مقاتليها وتخزين السلاح والتحول إلى حرب العصابات في غزة والتي تحكمها منذ فوزها بالانتخابات البرلمانية عام 2006.

ويعكس التحول عودة إلى الجذور كحركة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية منذ الانتفاضة الأولى في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي. ويعني في ظل الحرب الحالية في غزة تبني استراتيجية “اضرب واهرب” والعمل ضمن خلايا صغيرة. ولم تبد الحركة أي إشارة أنها مترددة بالقتال.

وأخبر المفاوضون الوسطاء أن تهديدات نتنياهو بغزو رفح لن تخيفهم. وأظهر قادة حماس مرونة في مفاوضات إطلاق النار التي رفضها نتنياهو. وقال القيادي في حركة حماس، موسى أبو مرزوق، في تصريحات لقناة إم بي سي بدبي في 6 أيار/مايو، “هددت إسرائيل بمهاجمة رفح وتقول إنها سنتهي عمليتها هناك”، “من يقف أمامكم؟ امضو وواصلوا الهجوم وأنهوا المهمة”.

وتضيف الصحيفة أن الجيش دخل غزة في تشرين الأول/أكتوبر بتعليمات لتنظيف مناطق غزة من حماس وبدون أن يكون لديه خطة عمن سيحل محلها عند انسحاب القوات. وعندما سحبت إسرائيل معظم قواتها من الشمال وركزت على الوسط والجنوب، وجدت حماس فرصة للعودة وتأكيد تأثيرها.
وانتقد مسؤولون أمنيون نتنياهو بعدم تحضير سلطة بديلة عن حماس، فيما تساءل آخرون عن حكمة فرض سلطة على الفلسطينيين وسط الحرب.

وفي يوم الثلاثاء، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري “فيما يتعلق بمن سيحل محل حماس، بلا شك البديل سيضع ضغوطا عليها، ولكن هذا السؤال من مهمة الطبقة السياسية”. وكانت جباليا من المناطق التي أرسل إليها الجيش قواته مع أنها جزء من شمال غزة، التي قال الجيش إنه فكك سلطة حماس فيها.

وعبر مسؤولون أمريكيون عن قلقهم من عودة الجيش الإسرائيلي إلى الشمال، مشيرين إلى أن الرئيس بايدن طلب خطة ما بعد الحرب. ولكن تجدد القتال يعني أن الجيش الإسرائيلي لم يعمل ما يكفي لتحسين حياة الفلسطينيين هناك، مما فتح مجالا لعودة حماس. ولم تتخل الأخيرة عن دورها كحاكم فعلي للقطاع، حيث أرسلت عناصرها بدون زي. وأكدت دورها من خلال الشرطة والدفاع المدني ولم تتخل عن دورها كحركة اجتماعية.

وفي تقرير مماثل نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” وأعده كل من أدم راسغون وداميان كيف قالا فيه إن القادة العسكريين الإسرائيليين باتوا يشعرون بالخطر من غياب خطة لحكم غزة. وقالا إن عودة الجيش الإسرائيلي للمرة الثانية أو الثالثة لمواجهة حماس في مناطق خرج منها أدى لمواجهة الحكومة الإسرائيلية لغضب من داخل الجيش نفسه. وبدأ المسؤولون العسكريون الكبار، حاليون وبارزون، بالحديث علنا عن فشل الحكومة في تقديم خطة لما سيجري بعد الحرب، وهو ما أجبر القوات الإسرائيلية على القتال للشهر الثامن في مناطق عاد إليها مقاتلو حماس.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهما إن بعض الجنرالات محبطون من نتنياهو لفشله في تطوير خطة بديلة عن حماس في غزة. وهناك توقعات قليلة من الخبراء حول بناء سلطة وسط الحرب لكن استراتيجية “نظف وتمسك وشكِل” معروفة في الحروب ضد جماعات التمرد. بالنسبة للنقاد، فإسرائيل لا تزال في مرحلة التنظيف وبدون اتفاق وقف للنار الذي تجمد.

عودة الجيش الإسرائيلي للمرة الثانية أو الثالثة لمواجهة حماس في مناطق خرج منها أدى لمواجهة غضب من داخل الجيش نفسه

وقال المسؤولان الإسرائيليان إن عدم استعداد نتنياهو لمناقشة اليوم التالي فتح المجال أمام حماس لكي تعيد تشكيل نفسها في مناطق مثل جباليا.

ويرى عيران ليمان، نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي ما بين 2006- 2015 أن “غياب الرؤية القوية لليوم التالي” هي جزء من النقد لإسرائيل إلى جانب الشجب الذي ركز على سقوط المدنيين المتزايد في الحرب. ويرى محللون أنه كان على الجنرالات الإسرائيليين طرح أسئلة صعبة قبل عدة أشهر.

ويرى أرون ديفيد ميلر، من مركز كارنيغي للسلام العالمي “ستنجو حماس أو أي منظمة مثلها، إلا إذا بدأت مبكرا بتحويل اتجاه الشمس والقمر والنجوم باتجاه يخلق تيار مواجه”، وبدون اتجاه تحصل مشكلة.

لكن نتنياهو رفض فكرة حكومة مدنية طالما بقيت حماس. وفي بودكاست نشره يوم الإثنين قال فيه إن غزة ستظل منزوعة السلاح و”لن يأتي أحد إلا عندما يعرفون أن دمرت حماس أو في طريقك لتدميرها”.

ومع الشكوك المتزايدة حول قدرة إسرائيل تحقيق هذا الهدف، فهناك فجوة تتوسع مع الحكومة الإسرائيلية.

وعبر المسؤولون العسكريون مع البيت الأبيض عن تذمرهم من غياب استراتيجية ما بعد الحرب. لكن حجم التذمر الداخلي والخارجي يتسع مع تمدد عمليات المقاومة ووضوحها. وقال المسؤولان الإسرائيليان إنه بدون بديل عن حماس لإدارة الشؤون اليومية فهناك إمكانية لعودة الحركة من جديد.