تبدي حركة المقاومة الإسلامية حماس مرونة في التعاطي مع الوساطة التي تقودها قطر ومصر والولايات المتحدة للتوصل لاتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية على غزة ولو عبر مراحل، في انتظار الموقف النهائي لبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي المتمسك حتى آخر لحظة بخيار اجتياح رفح.
وبحسب التسريبات المتداولة، تلقت حماس من دول الوساطة اقتراحاً ينص على وقف القتال مدة 40 يوماً، وكذلك إطلاق سراح محتجزين في غزة مقابل تحرير أسرى فلسطينيين. ومؤخراً كشف سامح شكري وزير الخارجية المصري، ملامح الصفقة الأولية التي يتم التفاوض بشأنها.
وبحسب أبرز ملامحها يتم إطلاق سراح المحتجرين الإسرائيليين البالغ عددهم 134 (وفق تقديرات تل أبيب) على 3 مراحل تبدأ بـ33 أسيرا، ثم الباقي على مرحلتين بفاصل زمني قدره 10 أسابيع”.
وإلى آخر اجتماع عقد بين الطرفين، كانت حماس مصرة على إطلاق سراح 50 أسيراً مقابل كل جندي إسرائيلي، و30 أسيراً مقابل كل مدني تحتجزه”.
وظلت المفاوضات الجارية بين القاهرة والدوحة عالقة حول مفهوم وقف إطلاق النار، إذ اعتبرت مصادر عدة أن حماس يخالجها تحفظ بشأن المصطلحات التي اعتبرت بعضها فضفاضة، من قبيل هدوء مستدام، وهو لا يشير صراحة لوقف العمليات الإسرائيلية على القطاع المحاصر. كما أن الحديث عن مفاوضات جادة لبدء تنفيذ “التحركات لإقامة الدولة الفلسطينية”، لم تكن واضحة بشكل مريح.
قطر تراجع موقفها من الوساطة
لم تعلن السلطات القطرية بعد عن نتائج تقييم دورها في الوساطة التي ترعاها بين حماس وإسرائيل، منذ صدور تأكيد من قبل الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، أن الدوحة تعيد تقييم دورها في الوساطة.
وتقيم الدوحة جهدها الدبلوماسي، أمام محاولات ساسة تل أبيب المناورة وكيل تهم للوسيط الذي يرعى المفاوضات لإنهاء الحرب التي يشنها جيش الاحتلال وتكلف المزيد من الضحايا.
وأكدت قطر صراحة إحباطها من نتائج الوساطة التي تقودها، مع التأكيد على مراجعة جهودها في هذا السياق، دون التخلي حالياً عن الالتزام بدعم أي جهد لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، ووقف العمل لثني ساسة تل أبيب على شن هجوم على رفح.
ومنذ أن كشفت السلطات القطرية مغادرة الفرق الفنية الإسرائيلية الدولة الخليجية، لم يعلن عن عودة أي فريق لاستكمال الحوار.
القاهرة تساند جهود الدوحة
تتحرك القاهرة لتحقيق اختراق في الوساطة، مع المخاوف المتزايدة من تفجر الوضع، وتحديداً مع ارتفاع أصوات الجهات الداعمة لتصعيد الوضع، واجتياح رفح، وما يمكن أن يسببه من فلتان أمني، ويسهم في تعقيد الوضع.
واستقبلت القاهرة وفوداً من الأطراف المعنية بالمفاوضات الجارية بين حماس وإسرائيل، إلى جانب التنسيق مع الدوحة وواشنطن، لترجمة الجهود لصفقة تنهي الأزمة، وتوقف شلال الدماء. وترددت وفود من حركة المقاومة الإسلامية حماس على القاهرة، لتبادل الآراء حول تفاصيل الصفقة التي يتم الإعداد لها، ومحاولة سد الفجوات التي تحول دون التوصل لتوقيعها، بضمان مشاركة قطر والولايات المتحدة الأمريكية.
وأجرت وفود حماس مفاوضات مباشرة مع الجانب المصري، الذي يتحرك بسرعة مع الوسطاء القطريين والأمريكيين، لحلحلة الخلافات القائمة مع إسرائيل.
نتنياهو متمسك بخيار اجتياح رفح
أشارت معلومات واردة من تل أبيب أن وزراء في حكومة الحرب، إلى جانب جهات أمنية، منفتحون على تفاصيل الصفقة الأخيرة التي يتم الإعداد لها، مع محاولات لتحقيق أكبر قدر من “المكاسب” وتحديد سقف “التنازلات”. لكن مع بعض المرونة التي يبديها ساسة في تل أبيب، ما تزال معضلة تشدد بنيامين نتنياهو تعرقل أي جهد للتوصل لاتفاق. وما يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي، يعلن عزمه اجتياح رفح. ويأتي الموقف الإسرائيلي، رغم تحذيرات دولية متزايدة من تداعيات كارثية محتملة، في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح فيها. وتتمسك حماس بضرورة إنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم، وإدخال مساعدات إنسانية كافية، ضمن أي اتفاق لتبادل الأسرى.
تحركات أوروبية لحفظ ماء الوجه
وتتحرك عدد من العواصم الغربية لتخفيف حدة الأزمة بعد توسع دائرة الانتقادات التي تطال الدول الداعمة لإسرائيل، في ظل تنامي موجة الغضب الشعبي من التواطؤ مع سلطات الاحتلال. وتوجه وزير الخارجية الفرنسي إلى القاهرة في محطة لم تكن مقررة سلفاً خلال جولة في الشرق الأوسط، وذلك مع وصول الجهود الرامية للتوصل إلى هدنة في غزة إلى مرحلة حاسمة.
أمريكا تدعم إسرائيل وتضغط على حماس
وتواصل الولايات المتحدة دعم ساسة إسرائيل رغم تصاعد موجات الغضب الشعبي، وتوسع دائرة الاحتجاجات التي تشهدها جامعات أمريكية.
ومؤخراً، دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حركة حماس إلى القبول بما اعتبر أنه “مقترح ذكي للغاية” مطروح على الطاولة حاليا للتوصل إلى اتفاق هدنة مع إسرائيل.
حديث بلينكن جاء خلال لقاء مع عدد من عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة خارج الفندق الذي يقيم به في تل أبيب، وهي المحطة الأخيرة المعلنة في جولة قادته إلى السعودية والأردن.
وقال بلينكن: “اُتيحت لي الفرصة للقاء عائلات بعض الرهائن، كما أفعل في كل زيارة إلى إسرائيل”.
وضع كارثي في غزة
تتصاعد تحذيرات فلسطينية ودولية من ارتفاع كبير محتمل في عدد الضحايا، في حال نفذت إسرائيل تهديدها باجتياح عسكري لمدينة رفح جنوب قطاع غزة. وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا، ورغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية”.
وتجاوزت أرقام الضحايا 100 ألف بين شهيد وجريح ومفقود، ومئات آلاف المشردين والنازحين، وهو ما اعتبرته منظمات أممية أكبر مأساة يشهدها العالم في العصر الحديث.