مشروع "تهدئة" أميركية في غزة تؤمن وصول الدواء والغذاء للأسرى الإسرائيليين

قال مصدر مصري مطلع على مفاوضات التهدئة بشأن غزة لـ"العربي الجديد" إن هناك تصوراً جديداً بشأن التوصل إلى تهدئة إنسانية وليست هدنة، لتخفيف حدة الصراع والتخفيف عن مواطني القطاع، في ظل تصاعد التوتر إقليمياً.

وأشار إلى أن ذلك يأتي بدفع من الإدارة الأميركية التي ترغب في تحسين أوضاع الأسرى الإسرائيليين، وضمان وصول الأدوية والمواد الغذائية بشكل مؤقت، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية في القطاع، والتي يتأثر بها الأسرى الإسرائيليون الأحياء لدى الحركة.

وأشار المصدر إلى أن "تغييراً طفيفاً حدث في موقف الإدارة الأميركية، التي باتت تبدي مرونة بشأن الموقف من استمرار الحرب وبعض البنود التي حددتها المقاومة من أجل الوصول إلى اتفاق يقضي بتحرير الأسرى"، مضيفاً أن "المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن، يرغبون في تحقيق اختراق للأزمة، يكون بمثابة قوة دفع في مسار الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي"، لافتاً إلى أن "هناك ضغوطاً كبيرة على القاهرة من جانب واشنطن، لإحداث هذا الاختراق في مسار المفاوضات".

ولفت المصدر إلى أن "الجانب الأبرز في التحركات الاقليمية الحالية بشأن جهود الوساطة، تتركز على تأمين وضع معيشي وصحي مستقر نسبياً للأسرى الإسرائيليين في غزة، بعد ما أكدت حركة حماس أن وضعهم تأثر كثيراً بالحصار المفروض على القطاع، ومنع الجيش الإسرائيلي تدفق المساعدات". وكشف المصدر عن "تحركات فرنسية حثيثة في الوساطة الحالية، في محاولة من جانبها لإحياء اتفاق إدخال الأدوية السابق للأسرى، مقابل وصول الأدوية التي تحتاجها مستشفيات القطاع".

كذلك قال المصدر المطلع على مسار المفاوضات إن مصر وجهت الدعوة لحركة "حماس" لزيارة القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة، للاطلاع على "الخطة الأميركية المُطورة" بشأن التوصل إلى اتفاق "تهدئة". لكن القيادي في "حماس"، موسى أبو مرزوق، قال لـ"العربي الجديد"، إنه لا يملك معلومات حول توجه وفد من الحركة إلى العاصمة المصرية القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة"، مضيفاً في الوقت ذاته أنه "على الرغم من ذلك، فإن الفرصة لا تزال متاحة للتوصل إلى اتفاق".

وكان مدير الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" وليام بيرنز قد أكد في تصريحات نقلتها هيئة البث الإسرائيلية، فجر أمس الثلاثاء، مواصلة بلاده "العمل الجاد من أجل التوصل لاتفاق بشأن المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس"، وأنه "لم يعتقد بأن أي شخص يمكنه ضمان هذا الأمر". وذكر بيرنز أن "بدائل عدم التوصل إلى اتفاق، ستكون أسوأ للمدنيين في غزة، وكذلك للمحتجزين الإسرائيليين وعائلاتهم"، مضيفاً أن "هناك أطفالاً يتضورون جوعاً في قطاع غزة، ومن الصعب توزيع المساعدات بشكل فعال من دون وقف إطلاق النار".

"حماس" مستعدة لأي مقترح جاد لاتفاق في غزة

من جهته، قال مصدر قيادي في "حماس" لـ"العربي الجديد" إن الحركة "أكدت مراراً للوسطاء استعدادها للتجاوب مع أي مقترح جاد من أجل التوصل إلى اتفاق"، مكرراً أنه "حتى الآن لا تتوفر الجدية من الجانب الإسرائيلي". وأضاف المصدر أن "الوسطاء أنفسهم (في إشارة إلى الوسيطين المصري والقطري) أشادوا في أكثر من مناسبة بتعاطي المقاومة مع الجهود المبذولة"، مشدداً على أن "حماس والمقاومة، تتألم لألم أهالي القطاع، ولا تفوت فرصة يمكن من خلالها تخفيف معاناتهم إلا وتتعاطى معها".

وتابع القيادي في الحركة: "الألم نفسه الذي يعاني منه سكان القطاع، يعاني منه أيضاً الشارع الإسرائيلي، بعيداً عن رئيس حكومته، الذي بات الجميع يعلم ويدرك أنه يتحرك لمصالحه الخاصة فقط".

ولفت المصدر إلى أن "كتائب القسام من جانبها تلتزم بتعاليم الإسلام في ما يخص معاملة الأسرى، وتسعى لتأمينهم ومعاملتهم معاملة حسنة، على عكس ما يقوم به الاحتلال مع الأسرى الفلسطينيين، لكن هذا بالطبع تم بقدر ما هو مستطاع، والوضع الحالي في القطاع يسري على كل من بداخله، حتى إن الجميع تابع صوراً منتشرة للحيوانات مثل الكلاب والقطط في غزة وقد أصابها ما أصاب الجميع من الجوع". واستطرد: "هناك الكثير من الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، يعانون أوضاعاً قاسية بسبب نقص الأدوية والطعام، بخلاف عمليات القصف المتواصلة التي تحول في أوقات كثيرة دون تقديم المساعدة للمصابين منهم".

معاندة إسرائيلية

وفي السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، طلال عوكل، لـ"العربي الجديد": "ما تزال هناك فرصة، لأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من الصعب أن تسلم بالفشل، وترضخ للخطوط الحمراء التي وضعها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو"، مضيفاً أن "بايدن يعلم يقيناً أن نتنياهو لا يريد الصفقة، وأنه غير مهتم بالرهائن، ولا يرغب بوقف الحرب، ولذلك ثمة تساؤل حول من يلوي ذراع الآخر، بايدن أم نتنياهو".

وتوقع عوكل "أن يتعرض نتنياهو لضغوط شديدة، إذ يخشى الأميركي أنه في حال فشله في إبرام الصفقة، فإن نتنياهو قد يتجرأ على توسيع الحرب في الشمال، ويبدأ بمناورات تهديدية في مدينة رفح، عبر خطوات عملية من غير الضروري أن تصل خلال رمضان إلى البدء بعملية عسكرية برية".

من جهته، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية مختار الغباشي، لـ"العربي الجديد"، إن "الواقع يقول إننا أقرب إلى مواجهة عسكرية من الوصول إلى وقف إطلاق النار، لأنه من الواضح أن هناك عناداً إسرائيلياً، وتأييداً أميركياً لهذا العناد الإسرائيلي"، مضيفاً أن "الحديث الأميركي عن ميناء بحري وإدخال مساعدات (إنسانية) عبره لغز كبير جداً، وأميركا مطالبة بتفسيره". وتابع أن "هناك قضية جوهرية، وهي أن إسرائيل تعاند، وأن فشلها في السيطرة العسكرية يضعها في مشكلة وأزمة كبرى".