صحيفة: "حلقة مُفرغة" تمنع وصول المساعدات لشمال غزة

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم السبت، تصف فيه كيف كان هناك 14 شاحنة تحمل مساعدات مطلوبة بشدة من برنامج الغذاء العالمي تتجه نحو شمال قطاع غزة في وقت مبكر من صباح يوم الثلاثاء الماضي، عندما أوقف الجيش الإسرائيلي القافلة عند نقطة تفتيش لساعات ثم أعادها.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه أوقف القافلة لأن الطريق كان مزدحما للغاية وبالتالي غير آمن. 

وقالت الوكالة إنه بعد عودة القافلة إلى الجنوب، أوقف آلاف الأشخاص اليائسين الشاحنات وأخذوا حوالي 200 طن من الطعام.

وتقول الصحيفة "هناك حلقة مفرغة تمنع أي مساعدات أساسية تقريباً من الوصول إلى شمال غزة المدمر، حيث أدى القصف الإسرائيلي إلى تحويل المراكز الحضرية إلى أنقاض. وبعد إنهاء سيطرة حماس، قامت القوات البرية الإسرائيلية بالحد من تدفق المساعدات شمالاً، دون توفير سلطة مدنية بديلة لاستعادة النظام والخدمات الأساسية لربع مليون شخص رفضوا الأوامر الإسرائيلية بالتحرك جنوباً."

ويؤكد التقرير أن الكارثة تلوح في الأفق، حيث "أكد الأطباء المحليون أكثر من اثنتي عشرة حالة وفاة مرتبطة بالجوع في الأسبوع الماضي وازداد هذا العدد إلى 25 على الأقل مع حلول يوم السبت، "كما تدفع الندرة الأشخاص اليائسين إلى التجمهر والاستيلاء على ما تصل إليه المساعدات، مما يثير أعمال عنف تمنع الجماعات الإنسانية والجيش الإسرائيلي من جلب المزيد من المساعدات".

ويقضي الناس في الشمال، الذين يحتمون في الأنقاض التي دمرها القصف، أيامهم في البحث عن الطعام، حيث يأكل الناس وجبة واحدة على الأكثر كل يوم، فيما يقوم الكثيرون بخلط العلف الحيواني في خبزهم. وينتشر التهاب الكبد الوبائي (أ) والإسهال بسرعة، خاصة بين الأطفال. ويقول البالغون إن شعرهم وأسنانهم تتساقط وتتكسر أظافرهم، وهي علامات على سوء التغذية.

وتقول الصحيفة : "لا تستهلك ماهرة هشام وزوجها في مدينة غزة سوى الشاي والماء في بعض الأيام حتى يتمكن أطفالهما من تناول المزيد من الخبز الذي يصنعونه من مزيج كريه الرائحة من الدقيق المختلف وعلف الأرانب الذي يباع في السوق. وللتخلص من آلام الجوع، تنام الفتيات المراهقات حتى تبدأ الشمس في الغروب ثم يبتلعن ملاعق من الزعتر المطحون".

"وقال هشام (36 عاماً) إن الصبي البالغ من العمر 10 سنوات أضاف بعض السكر وأكله: "اليوم استيقظ ابني ولم يجد شيئا في المطبخ سوى ليمونة...لقد حطم قلبي."

وتؤدي الظروف المروعة في الشمال إلى تفاقم إحباط الإدارة الأميركية تجاه إسرائيل وتدفع الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، وجماعات الإغاثة إلى التحرك لإسقاط المواد الغذائية جواً للتغلب على العقبات التي تعترض التسليم البري، لكن عمليات الإنزال الجوي لا يمكنها سوى تغطية جزء ضئيل من الاحتياجات المتزايدة. ويقول عمال الإغاثة إنها باهظة الثمن ومعقدة من الناحية اللوجستية وصغيرة الحجم مقارنة بقوافل الشاحنات.

يشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن قال يوم الخميس إنه أمر الجيش الأميركي ببناء رصيف مؤقت قبالة ساحل غزة لسفن الشحن لتوصيل المساعدات. لكن توسيع نطاق المشروع سيستغرق بعض الوقت، وبمجرد وصول المساعدات إلى الشاطئ، قد تواجه نفس تحديات التوزيع الآمن التي تواجهها قوافل الشاحنات.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية يوم الخميس إن البيت الأبيض يعمل مع إسرائيل لفتح معبر بري جديد في شمال غزة، "والذي قال مسؤول إسرائيلي إنه يمكن فتحه يوم الجمعة. لكن ليس من الواضح حجم المساعدات التي ستدخل أو إلى متى. ويقول عمال الإغاثة إن زيادة كبيرة ومستدامة هي وحدها القادرة على تجنب المجاعة التي تلوح في الأفق" بحسب الصحيفة.

وتصل جميع المساعدات تقريبًا إلى غزة عبر نقطتي دخول في الجنوب. ولم يصل سوى القليل جدًا من هذه المساعدات إلى شمال الجيب منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في شهر تشرين الأول الماضي.

وتدعي إسرائيل إنها تبذل كل ما في وسعها لضمان وصول المساعدات إلى غزة، والشمال على وجه الخصوص. وتقول إنها لا تحدد حجم المساعدات إلى القطاع ضمن الفئات المسموح بها، وأنها توافق على دخول شاحنات مساعدات أكثر مما تستطيع الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية توزيعه.

والأسبوع الماضي، وصلت مجموعة من بعثات الأمم المتحدة إلى الشمال، ومعظمها قوافل صغيرة تحمل الإمدادات الطبية بدلا من الغذاء، وهو الأمر الأكثر طلبا بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب التي عزلت الشمال بالكامل تقريبا عن بقية العالم.

وتنسب الصحيفة إلى سكوت أندرسون، المسؤول الكبير بوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والذي عاد مؤخرا من إحدى تلك البعثات، قوله إن الطعام كان الشيء الأول الذي يطلبه الجميع.

ولم ير أندرسون أي طعام معروض للبيع في السوق، باستثناء القليل من الليمون والخضروات الورقية.

ورفض الجيش الإسرائيلي، الذي يسيطر على ممرات الوصول من الجنوب إلى الشمال عبر نقطتي تفتيش، السماح لأكثر من نصف بعثات المساعدات التي تقودها الأمم المتحدة، بالوصول إلى الشمال، في يناير وأوائل فبراير، لما قال إنها "أسباب أمنية"، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، إنه لم يُسمح لها بتوصيل المساعدات الغذائية أو الطبية إلى الشمال، منذ انتهاء وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعا في أواخر نوفمبر الماضي.

وعلقت وكالات الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية بعثاتها لتوصيل الغذاء إلى الشمال تماما في 5 فبراير، عندما تعرضت قافلة مساعدات كانت تنتظر بالقرب من نقطة تفتيش للوصول إلى شمالي غزة، لنيران البحرية الإسرائيلية.

وقالت إسرائيل إن قواتها كانت تستهدف "البنية التحتية" لحماس، وإنها ستحقق في الحادث. ومنذ ذلك الحين، لم يقم سوى برنامج الأغذية العالمي بمحاولات غير ناجحة لإعادة تشغيل قوافل الغذاء إلى الشمال.

ووضعت الحرب المتواصلة منذ 5 أشهر، أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة يشكّلون الغالبية العظمى من السكان، أمام خطر المجاعة، وفق الأمم المتحدة.

وتؤكد المنظمات الدولية، أن كمية المساعدات التي تدخل القطاع المحاصر، وتحتاج إلى موافقة إسرائيل، لا تقارن بما يحتاج إليه السكان.

في المقابل، اعترف المسؤولون الإسرائيليون بأن انعدام النظام في شمال غزة أعاق إيصال المساعدات هناك، ويقولون إنهم يحاولون مساعدة الأمم المتحدة على إيجاد طرق لحماية قوافل المساعدات، بما في ذلك من خلال مقاولين من القطاع الخاص.

وتجري إسرائيل عمليات تفتيش صارمة على كل ما يدخل إلى غزة، وتسمح بالغذاء والدواء والخيام ومياه الشرب، بينما تحظر كل شيء آخر تقريبًا خشية أن ينتهي به الأمر في أيدي حماس، بحسب "وول ستريت جورنال".