أظهرت الكثير من التقارير أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر على الوظائف في المستقبل؛ لأن الشركات ستقوم بتعيين عدد أقل من الموظفين لتأدية المهام.
وبحسب التقرير، قد يؤدي الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى عدد أقل من عمليات التوظيف داخل المؤسسات في المستقبل، خاصة بعد أن قدمت "OpenAI" للعالم "ChatGPT" في عام 2022، إذ وصل الاهتمام بالذكاء الاصطناعي التوليدي إلى آفاق جديدة.
وفي حين يشعر بعض الأشخاص أن التكنولوجيا الناشئة ستكون مفيدة وتساعدهم في حياتهم اليومية، هناك قسم آخر من الناس يقول إنها سوف تلغي وظائف الإنسان؛ إذ سيساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي بانخفاض عدد الموظفين في المؤسسات، بمعنى آخر، ستقوم الشركات بتعيين عدد أقل من الموظفين في المستقبل بفضل الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن يحدث هذا التحول تدريجيا خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.
وعندما تبدأ الشركات في استخدام التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل أكبر، فإنها ستصبح أكثر كفاءة، وهذا يعني أنها لن تحتاج إلى عدد كبير من الأشخاص في الوظائف التقليدية.
وقد بدأت شركات بالفعل في استبدال بعض القوى العاملة البشرية لديها بالذكاء الاصطناعي. إحدى هذه الشركات تصدرت عناوين الأخبار أخيرًا؛ لنجاحها في مجال الأتمتة والانتقال إلى الذكاء الاصطناعي، وهي شركة كلارنا السويدية للتكنولوجيا المالية، التي كشفت أخيرًا أن مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بها تولى العمل الذي كان يقوم به 700 موظف. وهذه الأخبار تأتي بعد عام من قيام الشركة بصرف عدد مماثل من الموظفين تقريبًا.
وفي الوقت الذي يجلب فيه عصر الذكاء الاصطناعي ضجة كبيرة، إلا أنه لا يزال مكلفًا للغاية؛ إذ سيكلف تركيب التكنولوجيا وتشغيلها أكثر من تكلفة قيام الإنسان بهذه المهمة. كذلك، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل البشر في معظم الوظائف في الوقت الحالي، مثل المعلمين والخبازين والمثمنين العقاريين.
ووجدت دراسة قام بها مختبر MIT-IBM Watson AI Lab أن 23% فقط من الوظائف يمكن استبدالها بالذكاء الاصطناعي بشكل فعال من حيث التكلفة. وتوقع الباحثون أيضًا أن الأمر سيستغرق عقودًا حتى تصبح مهام الرؤية الحاسوبية فعالة من الناحية المالية للشركات، حتى مع انخفاض التكلفة بنسبة 20% سنويًا.
يذكر أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، قال في مؤتمر "دافوس" إن الذكاء العام الاصطناعي AGI، وهو شكل افتراضي من الذكاء الاصطناعي يتمتع بذكاء يمكنه من أداء مهام مثل البشر، سوف يغيّر العالم والوظائف بشكل أقل بكثير مما نعتقد جميعًا.
وفي الوقت الذي يشير فيه البعض إلى مخاطر الذكاء الاصطناعي على وظائف البشر، يؤكد آخرون عكس ذلك، مشيرين إلى أن الشبكات العصبية الاصطناعية تحقق نتائج شبيهة بالنتائج البشرية من خلال تقليد بعض وظائف الدماغ البشري، لكن هذه الأنظمة ليست أدمغة بشرية، ومن دون تغذيتها بالبيانات وتحديد المهام، فإنها لن تحقق شيئًا.
وإذا نظرنا إلى تاريخ التكنولوجيا منذ الثورة الصناعية فصاعدا، سيتبين لنا أن الإبداعات غالبا ما تكون مصحوبة بالخوف من فقدان الوظائف، ولكنها تؤدي إلى مستويات معيشة أعلى وأجور أفضل.
وفي الثمانينات، أثار وصول برامج المحاسبة، مثل مايكروسوفت إكسيل، توقعات باختفاء المحاسبة وفقدان عدد كبير من الوظائف، والحقيقة أنها خلقت 1.1 مليون وظيفة جديدة ذات أجور أفضل، مثل المديرين الماليين ومحللي الإدارة، بين عامي 1987 و2000، بينما تسبب بخسارة نصف مليون وظيفة فقط.
وفي السنوات المقبلة، سيكون الذكاء الاصطناعي قوة تحويلية في كل صناعة، ما يغير طريقة عمل الناس ويعزز الاقتصادات في جميع أنحاء العالم. إنها تقنية تتمتع بالقدرة على تغيير الطريقة التي يعمل بها العالم، لكن تمامًا مثل التقنيات الأخرى، لا يوجد سوى البشر لتعليمها.
وفي الوقت الذي يمكن فيه أن يكون الذكاء الاصطناعي زميل عمل منتجًا بشكل لا يصدق، ويطلق العنان للأفضل في كل موظف، ولكنه ليس بديلاً للبشر، فإن الشركات الناجحة في المستقبل لن تتخلص من العمال البشريين لصالح الذكاء الاصطناعي، وبدلا من ذلك، سوف يسير الإنسان والآلة إلى المستقبل جنبا إلى جنب.