قناة عبرية: القسام استبق طوفان الأقصى بتضليل منهجي وأوقع "إسرائيل" في فخ الاعتياد

تواصل السجال في وسائل الإعلام الإسرائيلية حول فضيحة شرائح الهواتف الإسرائيلية التي رصدت الاستخبارات الإسرائيلية تشغيلها في قطاع غزة عشية عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر، بينما كشف ضابطٌ إسرائيلي سابق أن تشغيل الشرائح بشكل جماعي على هذا النحو لم يكن الأول من نوعه، فقد مارست كتائب القسام عملية تضليل لتحويل تشغيل هذه الشرائح لأمر طبيعي.

القناة 14 الإسرائيلية، المقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، هي من بادرت إلى نشر الخبر حول تشغيل الشرائح للإيحاء أن الأجهزة الاستخبارية إما متواطئة أو تتحمل مسؤولية التقصير

الصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، أوضح أن القناة 14 الإسرائيلية، المقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، هي من بادرت إلى نشر الخبر حول تشغيل الشرائح للإيحاء أن الأجهزة الاستخبارية إما متواطئة أو تتحمل مسؤولية التقصير عن عدم إبلاغ نتنياهو بتشغيل الشرائح قبل فجر السابع من أكتوبر.

وبيّن أنس أبو عرقوب لـ الترا فلسطين، أن كتائب القسام أوقعت الاستخبارات الإسرائيلية في "فخ الاعتياد"، إذ قامت بتشغيل هذا الشرائح أكثر من مرة للإيحاء أن هذا الإجراء لا يعني أنها تستعد لشيء كبير، بل هو أمر اعتيادي يحدث من حين لآخر.

وأضاف أبو عرقوب، أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى استخدام الشرائح الإسرائيلية من قبل قوات النخبة القسامية بهدف الحفاظ على الاتصال مع القوات المكلفة بالتوغل لمسافات طويلة بعيدًا عن قطاع غزة، حيث تتوقف أجهزة الاتصال اللاسلكية التقليدية عن العمل.

صحيفة "يسرائيل هيوم"، المتهمة في إسرائيل بأنها بوق إعلامي لنتنياهو، نشرت أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" اعتبرت تشغيل الشرائح في قطاع غزة جاء ضمن مناورة تجريها حماس ويمكن العودة للحياة الطبيعية، ولم يعقد الجهاز جلسة تقدير موقف، "ولو فعلت ذلك لكانت الأمور مختلفة عن ماهي عليه الآن" على حد قولها.

من جانبه، المراسل العسكري للقناة 12 نيري دفوري، قال إن ليلة السابع من أكتوبر شهدت تشغيل مئات الهواتف التي تعمل بشرائح إسرائيلية في قطاع غزة، ولكن هذا لم يكن الحدث الأول من نوعه، بل تكرر القيام بذلك في السابق، وهذا جعل تشغيل الهواتف بهذه الطريقة ليس كافيًا لاستنتاج أن حماس ستبادر لشن حرب.

اللواء احتياط يسرائيل زيف، الرئيس الأسبق لشعبة العمليات في جيش الاحتلال، أكد هو الآخر أن كتائب القسام انتهجت قبل عملية طوفان الأقصى سياسة تحويل المعطيات والتحركات المريبة إلى حالات معتادة، ومن ذلك تشغيل الشرائح الإسرائيلية أكثر من مرة، "وللأسف نجحت في عملية التضليل".

يؤكد على ذلك أيضًا المعلق السياسي في القناة 12 عميت سيغل، الذي خلص إلى أن حركة حماس نجحت في خداع استخبارات الاحتلال في مسألة الشرائح الإسرائيلية، وقال: "كانت هناك محاولة من حماس لدفع اليقظة الإسرائيلية للتآكل، ولأن تعتقد إسرائيل في ليلة السابع من أكتوبر أن ما يجري هي مناورة ليس إلا، وبالفعل الاستخبارات فسرت ما تقوم به حماس بشكل خاطئ والنتيجة معروفة".

أما المحلل العسكري في التلفزيون الإسرائيلي الرسمي روعي شارون، فقدم أربعة مبررات في الإجابة على سؤال "لماذا لم يبادر الجيش لرصد التهديد رغم كل الإشارات والتحذيرات"، مبينًا أن الشرائح التي تم تشغيلها بالعشرات وليس المئات، وقد يصل العدد إلى 200 شريحة، ولم يتم تشغيلها كلها في نفس الثانية بل بالتدريج على مدار الليل بأكمله.

وأوضح روعي شارون، أن عملية تشغيل الشرائح حدثت بالفعل مرة أو مرتين قبل ليلة السابع من أكتوبر، وهذا جعل أجهزة الاستخبارات تفسر ما حدث بأنها مناورة إضافية، "وفي أكثر الحالات تطرفًا، إذا لم يكن المخطط هو مناورة، قد يكون تنفيذ عملية مداهمة محدودة في منطقتين أو ثلاث مناطق، ومن أجل ذلك تم الاكتفاء بنشر 400 جندي من لواء غزة، ووحدة تاكيلا، وهي وحدة خاصة تابعة لجهاز الشاباك.

وبيّن روعي شارون، أن أجهزة الاستخبارات كانت تخشى أن تكون المعلومات إنذار خاطئ، واستدعاء الكثير من من القوات قد يؤدي إلى حرق المعلومات الاستخبارية، واكتشاف حركة حماس للطريقة التي حصلت من خلالها الاستخبارات الإسرائيلية على المعلومات في حال فتحها تحقيقًا حول "لماذا تستدعي إسرائيل فجأة عددًا كبيرًا من قواتها".

وأضاف، أن أحد أسباب الامتناع عن تحريك عدد كبير من القوات، هو الخوف من أن تحريك هذه القوات قد يدفع حماس للاعتقاد أن إسرائيل تخطط لشن هجوم كاسح عليها، وهذا قد يؤدي لاشتعال حرب.

يُذكر أن الكشف عن تشغيل مئات أو عشرات الشرائح ليلة السابع من أكتوبر، لم تكن الفضيحة الوحيدة التي رافقت التحقيقات في إخفاقات عملية طوفان الأقصى، فقد تم الكشف سابقًا عن تجاهل قادة كبار إنذارات من وحدات استخبارية بوجود تحركات لأعداد كبيرة من مقاتلي كتائب القسام.