كشفت صحيفة “ذا صن” البريطانية، أمس، أن خللا وقع بمنظومة الردع النووي البريطانية “ترايدنت” خلال اختبارها الشهر الماضي عندما سقط صاروخ في المحيط بالقرب من الغواصة التي أطلقته.
ونقلت صحيفة ذا صن عن مصدر لم تذكره بالاسم قوله “انطلق (الصاروخ) من الغواصة لكنه سقط بجوارها مباشرة”.
وذكرت تقارير أنه كانت هناك محاولات للتكتم على الحادث إلا أن ما كشفته الصحيفة أجبرت وزارة الدفاع البريطانية على الاعتراف بما حدث.
وأكدت وزارة الدفاع البريطانية وقوع “خلل” في أثناء الاختبار لكنها قالت “منظومة الردع النووي البريطانية لا تزال آمنة وسليمة وفعالة”.
وقالت الوزارة في بيان لها إن الحادث وقع في 30 يناير/ كانون الأول الماضي أثناء تدريب روتيني على الغواصة HMS Vanguard (وهي واحدة من أربع غواصات نووية بريطانية تحمل صواريخ ترايدنت).
وبحسب صحيفة “ذا صن”: “تم إطلاق صاروخ (ترايدنت 2) في الهواء بواسطة الغاز المضغوط في أنبوب الإطلاق، لكن معززاته في المرحلة الأولى لم تشتعل وسقط الصاروخ الذي يبلغ وزنه 58 طنا والمزود برؤوس حربية وهمية في المحيط وغرق”.
وكانت السفينة “إتش إم إس فانغارد” تحت السطح، وكانت تحوم على عمق الإطلاق، لكنها لم تصب بالصاروخ الذي يبلغ طوله قرابة 14 مترا أثناء سقوطه مرة أخرى في المحيط الأطلسي.
وكان من المقرر أن يطير الصاروخ نحو 6 آلاف كيلومتر من ساحل فلوريدا إلى نقطة الاصطدام في وسط المحيط الأطلسي بين البرازيل وغرب أفريقيا، لكنه فشل وسقط.
على الفور، فتح تحقيق لمعرفة الخطأ الذي حدث وأمر بالبحث لاستعادة تكنولوجيا الصواريخ السرية للغاية من قاع البحر في “بورت كانافيرال” بفلوريدا.
وكشفت الصحيفة أن وزير الدفاع غرانت شابس كان يشهد الاختبار على متن السفينة “فانغارد “وإنه تعذر اشتعال معززات المرحلة الأولى للصاروخ، المزود برؤوس حربية وهمية خلال الاختبار.
وكان للحادث أن يكون له عواقب كارثية وأولها على حياة وزير الدفاع ومن معه. وفي السياق علق ضابط المخابرات البحرية الأمريكية السابق مالكولم نانس قائلاً: “إنه لمن حسن الحظ أن الصاروخ لم يحمل رأسًا نوويًا ولم يصطدم بالغواصة ويحطمها ويقتل أفراد الطاقم ويتسبب بكارثة.. خصوصًا أن الصاروخ يمكن أن يحمل رؤوسًا نووية تستطيع تدمير مدينة بأكملها”.
وقال شابس في بيان إن العملية أكدت من جديد فعالية الردع النووي للمملكة المتحدة وأن الغواصة وطاقمها “تم اعتمادهم بنجاح” ليكونوا جاهزين للتشغيل، لكن خللا وقع “يقتصر فقط على هذه الواقعة”.
وقال شابس “لا توجد أي تداعيات على اعتمادية منظومة صواريخ ترايدنت بالكامل ومخزونها… لا توجد أي تداعيات على قدرتنا على إطلاق أسلحتنا النووية في حال نشأت ظروف تستدعي القيام بذلك… لدى الحكومة ثقة مطلقة في أن نظام الردع النووي لا يزال فعالا وموثوقا وقويا”.
ولم يقدم شابس المزيد من التفاصيل ” وعزا ذلك لاعتبارات الأمن القومي”.
ويعد هذا الفشل الثاني على التوالي لصاروخ ترايدنت أطلق من السفينة نفسها “فانغارد” خلال أقل من عشر سنوات بعد أن خرج صاروخ عن مساره في عام 2016 واتجه نحو الولايات المتحدة بدلاً من الأطلسي قبل سقوطه في البحر. وهذا الإخفاق محرج لدولة كانت تتباهى ذات يوم بأكبر وأقوى قوة بحرية في العالم.
ووقتها، اتهمت حكومة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي بالتستر على عملية الإطلاق الفاشلة، حيث كان من المقرر أن يصوت البرلمان على تجديد الردع النووي للمملكة المتحدة.
وكان الهدف في التجربة الأخيرة أقرب بمقدار نحو 1610 كيلومترات من هدف الإطلاق الفاشل في عام 2016، وأقل من نصف المدى المعلن لصاروخ “ترايدنت 2”.
وتعد عمليات الإطلاق البريطانية نادرة، لأن تكلفة إطلاق كل صاروخ تتجاوز 17 مليون جنيه إسترليني (نحو 20 مليون دولار).
ويوفر منظومة الردع النووي البريطانية أسطول مؤلف من أربع غواصات تعمل بالطاقة النووية ومجهزة بنظام الصواريخ الباليستية ترايدنت أمريكي الصنع، والذي تصنعه شركة لوكهيد مارتن. ويتم تصنيع الرؤوس الحربية في بريطانيا.
وتقول بريطانيا والولايات المتحدة إنه تم إجراء أكثر من 190 تجربة ناجحة لمنظومة الصواريخ ترايدنت.
وبقدر ما أثار الموضوع من تساؤلات جدية حول منظومة الردع النووية البريطانية، بقدر ما أثار من تعليقات ساخرة على مواقع التواصل، انخرطت فيها حسابات محسوبة على روسيا.