ساعات قليلة ويودع العالم عاماً شهد من التطورات والأحداث ما يجعله يتوقف طويلاً لكي يستوعب دروسها، قبل أن يدخل إلى العام الجديد.
فمن الحرب الإسرائيلية في غزة إلى طفرة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وضع عام 2023 العالم أمام تحديات كبيرة في 2024.
وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، يقدم المفكر الأمريكي تيلر كوين، أستاذ كرسي هولبرت إل.هاريس في قسم الاقتصاد بجامعة جورج ماسون الأمريكية، ثلاثة دروس يرى أنها الأجدر بالتوقف عندها خلال العام الحالي، الذي كان مليئاً بالأحداث التي تحتّم إعادة النظر في الكثير من وجهات نظرنا الاجتماعية العلمية.
يتوقف كوين، المدير المشارك لمدونة “الثورة الهامشية” على الإنترنت، عند الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، والحرب الروسية في أوكرانيا، ويقول إن الدرس الأوضح من هذه الحروب هو أن القدرة على الردع لم تعد بنفس القوة التي كنا نتصورها، وإن الإصرار مع إيمان المرء بقضيته وتشبثه بالدفاع عنها يمكن أن يتفوق على القوة العسكرية الكاسحة للخصم.
ويضيف أن الجيش الإسرائيلي أقوى كثيراً من حركة “حماس”، وهو ما يظهر حالياً على الأرض. ومع ذلك لم تمنع قوة الجيش الإسرائيلي “حماس” من مواصلة ضرباتها داخل إسرائيل.
في الوقت نفسه، فإن أوكرانيا، ومع كل الدعم الاقتصادي والعسكري من الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لم تتمكّن من منع روسيا من مواصلة الحرب، رغم ما تتكبّده من خسائر باهظة، سواء على الصعيد العسكري، أو السمعة الدولية، وذلك ببساطة لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد السيطرة على أوكرانيا، ويؤمن بحق بلاده في السيطرة على مناطق عديدة فيها.
ولا يوجد في هذه التطورات ما يمثل نبأ ساراً للولايات المتحدة التي تعتمد على الردع لدعم العديد من حلفائها. كما أنها نبأ سيئ للعالم ككل، لأن الردع يدعم النتائج السلمية والحفاظ على الوضع القائم.
أما الدرس الثاني، الذي تناوله كوين في تحليله، فيتعلق بالمكاسب الهائلة التي يمكن تحقيقها في التكنولوجيا بسرعة. فقبل عام، أو حتى أشهر قليلة، لم يكن أغلب الناس يدركون أن الذكاء الاصطناعي، وبخاصة منصة المحادثة الآلية شات جي.بي.تي4، سيؤدي إلى تحولات كبيرة متعددة الأبعاد بهذا الشكل. والآن؛ يتوقع الخبراء أن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان في أغلب مجالات التفكير، خلال أقل من 10 سنوات. وهناك الكثير من الخبراء من يتوقع حدوث ذلك خلال أقل من 3 سنوات.
وينتقل كوين، كاتب عمود “المشهد الاقتصادي” في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، والذي يحتل المركز 72 في قائمة مجلة “فورين أفيرز” (شؤون خارجية) لأهم 100 مفكر عالمي، إلى الدرس الثالث المستفاد من 2023، وهو أن الحوكمة غير مهمة حتى يثبت العكس.
ويقول إن دليله على ذلك هو الجامعات الأمريكية، وبخاصة النزاعات الأخيرة حول معاداة السامية في الحرم الجامعي، والحرية الأكاديمية، وسلامة الطلاب، وغير ذلك.
ويضيف أنه لن يناقش كل هذه النقاط، لكنها كافية للقول إنها أصبحت تمثّل كارثة لصورة التعليم الجامعي الأمريكي. فما يحدث في الجامعات الأمريكية حالياً يعني، على الأقل، أن أداءها سيئ.
وأخيراً، يقول تيلر كوين إنه إذا أراد تلخيص أهم ما ميّز العام الحالي، فسيقول إنه شهد مفاجآت أكثر مما يستطيع علماء الاجتماع توقعه. وإحدى هذه المفاجآت هي أن الردع الفاشل يعتبر أمراً سلبياً للغاية، في حين أن طفرة الذكاء الاصطناعي يمكن اعتبارها إيجابية للغاية.