قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، إن هدف الحرب على غزة في "تدمير حركة حماس لن يتحقق"، مؤكداً أن تعهدات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بهذا الشأن "متبجحة"، وأنه يخوض حرباً لأجل مستقبله الشخصي.
جاء ذلك في مقال كتبه أولمرت على صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الجمعة 22 ديسمبر/كانون الأول 2023، وقال أولمرت: "تدمير حماس لن يتحقق، وسواء تم العثور على يحيى السنوار (زعيم الحركة في غزة) أو قضى حياة قصيرة مختبئاً حتى يتم القضاء عليه هو ومحمد الضيف (زعيم الجهاز العسكري للحركة) وشركائهما في قيادة حماس، فإن الحركة ستكون قوة ضعيفة جداً ومنهكة ونازفة، لكنها ستستمر في الوجود".
أولمرت أضاف: "بما أن هذا هو التقييم الحقيقي للوضع، فيتعيّن علينا أن نستعد لتغيير الاتجاه، أعلم أن هذا قد لا يحظى بشعبية (في الوسط الإسرائيلي)".
وتابع أولمرت: "وفي أجواء التحريض والتبجح والغطرسة، التي تطبع سلوك هذه الحكومة ورئيسها (بنيامين نتنياهو)، لا ينبغي للمرء أن يخجل من قول أشياء غير واضحة ولكنها ضرورية، من منطلق الشعور بالمسؤولية الوطنية".
كما أردف أولمرت: "تواجه دولة إسرائيل الآن الاختيار بين وقف إطلاق النار كجزء من صفقة قد تعيد الرهائن إلى وطنهم، على أمل أن يكون معظمهم على قيد الحياة، أو وقف إطلاق النار بدون اتفاق وبدون رهائن وبدون إنجاز واضح، مع الخسارة الكاملة لبقايا الدعم الشعبي الدولي لحق دولة إسرائيل في الوجود دون تهديدات إرهابية من منظمات القتل"، على حد تعبيره.
ووفق إحصاءات إسرائيلية أسرت "حماس" نحو 239 شخصاً خلال هجومها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بادلت العشرات منهم خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مع إسرائيل التي تحتجز في سجونها 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
إضافة إلى ذلك، أوضح أولمرت أن "وقف الأعمال العدائية سيفرض علينا من قبل أقرب حلفائنا، بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، ولن يستطيعوا (الحلفاء) بعد الآن تحمل الثمن الذي يدفعونه في نظر الجمهور في ظل الفجوة بين عدم الحل العسكري واستمرار القتال وتكاليف إنسانية لن يكونوا مستعدين لتحمل نتائجها". وقال: "هذان هما الطريقان الوحيدان اللذان يقفان أمامنا".
كما أوضح: "أن استمرار القتال سيحقق لنا إنجازات محلية مهمة، حيث سيتم قتل مزيد من مقاتلي حماس، واكتشاف مزيد من الأنفاق، والكشف عن المزيد من قادة منظمة القتل، ولكن لن يكون هناك قضاء على حماس، وربما يكون هناك، لا سمح الله، مزيد من الرهائن القتلى".
وأردف: "إذا أنهت إسرائيل القتال (..) مع قائمة طويلة من الرهائن القتلى، فلن نتمكن من مسامحة أنفسنا كشعب ومجتمع".
وتابع: "وإذا كان هذا هو ما سينتهي إليه الأمر، فإن الإطاحة بالأوغاد الفارغين من عرش رئيس الوزراء لن يكون تعويضاً كافياً عن فشلنا الأخلاقي كدولة. إنه وقت القرار. وقف إطلاق النار مع رهائن أحياء، أو وقف قسري للأعمال العدائية مع قتلى".
ووجّه أولمرت انتقادات حادة لنتنياهو الذي تعهّد بداية الحرب بالقضاء على "حماس"، وقال إن "التوقعات التي صنعتها حكومتنا المشؤومة فيما يتعلق بأهداف الحرب لا أساس لها من الصحة وغير حقيقية وغير قابلة للتحقيق منذ البداية".
وأضاف: "أطلقها (التوقعات) نتنياهو بوجه محمر، وعيناه ترتجفان ويداه تتحركان بوتيرة مسرحية، بعد وقت قصير من امتصاص الصدمة الأولية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، لقد بدا وكأنه رجل انقلب عالمه".
وتابع: "تم إعلان أهداف الحرب لأسباب شنيعة، وبطبيعة الحال نحن جميعاً نريد القضاء على حماس، وليس بيننا شخص ذكي لا يرغب في اختفاء حماس، بل يتخيل في لحظات الغضب والأزمات أن غزة كومة من الأنقاض".
وأشار أولمرت إلى أنه "لو كان نتنياهو واعياً تماماً عندما أطلق لأول مرة هذا التعهد المتبجح، أو عندما كرره في كل مؤتمراته الصحفية البشعة، لكان عليه أن يعرف أنه لا توجد إمكانية لتحقيق ذلك".
وقال: "للأسف، لم يكن نتنياهو منذ البداية منخرطاً في حرب من أجل مواطني إسرائيل، بل في حربه الخاصة، حربه الشخصية والسياسية الخاصة هو وعائلته".
وأضاف: "إن صياغة الهدف بتدمير حماس يمهد الطريق لإلقاء اللوم على كل المستويات تحت نتنياهو لعدم تحقيق ذلك الهدف".
وتابع متخيلاً ما سيقوله نتنياهو لاحقاً: "أنا بيبي (اللقب الذي يطلقه الإسرائيليون على نتنياهو) أردت ذلك وهم أي وزير الدفاع ورئيس الأركان وهيئة الأركان العامة والجنود، أولئك الذين ألمح أنصار نتنياهو إلى تورطهم في مؤامرة غادرة مع حماس، والتي أدت إلى كارثة أكتوبر هم المذنبون. أنا، بيبي البطل، كنت على استعداد لقيادة الهجوم حتى التدمير النهائي لحركة حماس".
وأردف عن نتنياهو: "الغرور.. الاحتيال.. الخداع.. المسرح، هذا بيبي (نتنياهو) في جوهره، في أنقى صور كذبه".
وختم بالقول: "من الواضح للكثيرين اليوم أنه رغم أن الجيش الإسرائيلي يقاتل (..) ورغم تكبّده خسائر فادحة، فإنه لا توجد فرصة لتحقيق التوقعات التي خلقها بيبي، لن يكون هناك تدمير لحماس".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت حتى صباح الجمعة "20 ألفاً و57 شهيداً و53 ألفاً و320 جريحاً معظمهم أطفال ونساء"، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً للسلطات في القطاع والأمم المتحدة.