حملة الملاحقات الإسرائيلية لفلسطينيي الداخل تشمل إبعاد نواب عرب من الكنيست

20230710145404afpp-afp_33nj6wx.h-1-730x438.jpg

تواصل السلطات الإسرائيلية حملة ترهيب فلسطيني الداخل في محاولة لإسكات احتجاجهم على الحرب المتوحشة على غزة، من خلال الاعتقال والطرد من العمل وغيره وحتى إبعاد نواب عرب من البرلمان الإسرائيلي الكنيست كما حصل اليوم الأربعاء مع النائبتين عايدة توما سليمان (ونالجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة/العربية للتغيير)، وإيمان خطيب ياسين (القائمة العربية الموحدة) وذلك بعد إجراء مشابه مع النائب الشيوعي اليهودي عوفر كاسيف في الأسبوع المنصرم.

وأدانت كتلة الجبهة والعربيّة للتغيير القرار المجحف، الصادر اليوم عن لجنة سلوكيات الكنيست، بإبعاد النائبة توما لمدّة شهرين واقتطاع جزء من راتبها، موضحة أن هذا القرار يعتبر تصعيدا خطيرا للملاحقة السياسية وكم الأفواه من داخل أروقة الكنيست، لتنضم لجنة السلوكيات إلى أذرع شرطة بن غفير الّتي شنّت هجمةً شرسة ومسعورة ضد ناشطين ومنتخبي جمهور. وأكّدت الكتلة على أن “الموقف في دعوة النائبة عايدة توما- سليمان كسائر نواب الكتلة سعيًا لوقف الحرب على غزّة ووقف قتل المدنيين والأبرياء، قبل أن يكون سياسيًا مشروعًا، هو موقف إنساني نبيل لا يتماثل مع جرائم وفظائع الاحتلال في غزّة. وأكدت أيضا أن المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة ومعها أذرعها الرسمية المختلفة تطلق العنان لانفلات اليمين المتعطّش للدّماء، بدعم من وزراء في الحكومة دعوا “لنكبة غزّة 2023″، فيما تقمع الأصوات التي تدعو للحل السّياسي لا العسكري”.

وأضافت: “تردنا الأخبار تباعًا حول اقتحام مستشفى الشفاء والتحقيق مع المصابين، كيف يمكن وصف ما يقترفه جيش الاحتلال هناك؟ إنّ المحاسبة لمجرّد التشكيك بالرواية الإسرائيلية الرسمية هو أيضًا جزء من هذه الملاحقة والتي على ما يبدو تتصاعد ضد نوّابنا خشيةً من مواصلة فضح الوجه الحقيقي للاحتلال بعد إحراجه وقادته على السّاحة الدولية”.

وخلص تحالف الجبهة برئاسة أيمن عودة والعربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي للقول في هذا المضمار: “ندعم النائبة عايدة توما سليمان والنائب عوفر كسيف الذي أُبعد سابقا عن الكنيست لمدّة شهر ونصف، كما ندعم كل من يتعرّض للملاحقة سواء ناشطين أو منتخبي جمهور، ونؤكد على مواصلة التشبث بمواقفنا السّياسية وقولها جهرًا رغمًا عن كل محاولات قمع أصواتنا”.

الكنيست ينضم لحملة الإخراس

في تعقيبها على القرار، قالت توما- سليمان لـ”القدس العربي” إنه يأتي استمرارا لحملة الملاحقة السياسية وكم الأفواه لقيادة الجماهير العربية، وهو مسمار أخير في نعش حرية التعبير، منوهة بأن قرار لجنة السلوكيات البرلمانية قد تلقته اليوم بعد تحريض أرعن شنه صحافيون عنصريون من ناشطي اليمين المتطرف وشارك فيه أعضاء كنيست بإرسال أكثر من 2500 شكوى ضدها إثر تغريدة نشرتها تحمل شهادات من مشفى الشفاء في غزة.

وأضافت توما- سليمان: “في الأمس خلال اجتماع اللجنة كان من الواضح أنهم لا يستندون إلى أي مسوغات قانونية، وأن الجلسة كانت محاسبة سياسية ومحاولة تطويع موقفي السياسي الرافض للحرب ولممارسات تمس بحياة مدنيين ومستشفيات ومدارس في غزة”. وأوضحت أن مواقفها سياسية قانونية ومشروعة وأخلاقية، وأن وظيفتها كعضوة كنيست “المراقبة وتوجيه الأسئلة الصعبة بدون تردّد أو خوف، ومن أجل ذلك منحنا الحصانة البرلمانية، ولكن ماهية قرار اليوم هو محاكمة سياسية لكل صوت إنساني وأخلاقي ينادي بوقف الحرب ووقف إراقة الدماء”. وختمت عايدة توما- سليمان بالقول إنها ليست صدفة أن العقوبات تمس بحقها وزملائها في المشاركة في الجلسات فالهدف هو إخماد أي صوت مختلف، وأي نقد على الحرب وويلاتها، حتى في هذه الأيام العصيبة لن أخضع لمحاولات كم الأفواه العنصرية والصمت، وسأواصل النضال من أجل شعبنا مجتمعنا والمبادئ التي انتخبت من أجلها.

النائبة توما: الهدف هو إخماد أي صوت مختلف، وأي نقد على الحرب وويلاتها

لا أدلة محسوسة على ذبح أطفال واغتصاب نساء

وكانت النائبة إيمان خطيب ياسين قد تعرضت لعقاب مماثل على خلفية تشكيكها برواية ذبح الأطفال وقطع رؤوسهم في مستوطنات “غلاف غزة” في السابع من أكتوبر الماضي حيث كانت قد قالت في الأسبوع الماضي إنها تستنكر قتل المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، منوهة بأنها لم تر صورا توثق مزاعم “ذبح الأطفال واغتصاب النساء” في ذاك اليوم.

وأثارت هذه التصريحات عاصفة من ردود الفعل شملت رئيس كتلتها النائب منصور عباس، الذي حمل عليها ودعاها لتقديم استقالتها، ولاحقا برّر موقفه بالقول إن تصريحات كهذه غير حذرة مضرة وإن دعوته لاستقالتها تأتي من باب حمايتها هي وحماية كتلتها والمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل الذي يستهدف من قبل جهات يمينية عنصرية.

ولاحقا أوضحت إيمان خطيب ياسين في كلمة مقتضبة أنها لم تقصد التنكر لما حصل في السابع من أكتوبر من قتل لمدنيين إسرائيليين، داعية لوقف الحرب. ولم تقدم إيمان خطيب ياسين استقالتها وتعرضت لعقاب الإبعاد عن الكنيست رغم توضيحها واستنكار كتلتها الموحدة لما اعتبرته “اعتداء السابع من أكتوبر”.

اعتقالات بالجملة

ويأتي موقف الموحدة المذكور تزامنا مع قيام السلطات الإسرائيلية قبل نحو عشرة أيام بتجميد الحسابات المصرفية لجمعيات الإغاثة التابعة للقائمة العربية الموحدة (الحركة الإسلامية الشق الجنوبي) بدعوى أن كفالاتها لعشرات آلاف الأيتام والمحتاجين في القطاع والضفة يتم بالتعاون مع “جهات فلسطينية إرهابية”.

يشار أيضا إلى أن الشرطة الإسرائيلية كانت قد اعتقلت يوم السبت الماضي رئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة والنائبة السابقة حنين زعبي مع عدد من القيادات السياسية، الذين أبعدوا بقرار محكمة عن منازلهم لعدة أيام، وكل ذلك لمشاركتهم في وقفة احتجاج في الناصرة دعت لوقف الحرب.

ودعت لجنة المتابعة العليا، مساء اليوم الأربعاء، فلسطينيي الداخل لنشر منشور لها يدعو لوقف الحرب، عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وأوضح مركز أبحاث الكنيست اليوم أن النيابة العامة الإسرائيلية فتحت حتى الآن 65 ملفا قضائيا بحق ناشطين بدعوى مساندتهم لـ”الإرهاب” فيما تم اعتقال العشرات والتحقيق مع مئات على الخلفية ذاتها في الشهر الأخير شملت فنانات منهن دلال أبو آمنة، وميساء عبد الهادي.