رام الله الإخباري
عاموس هرئيل / هآرتس
أعلن الجيش الإسرائيلي أمس عن موت مجندة، وهي المراقبة الشاويش نوعا مرتسيانو، بعد يوم على نشر حماس فيلماً ظهرت فيه وهي على قيد الحياة بأيدي رجال حماس. أشار الجيش إلى أن قتل مرتسيانو في القطاع لا يستند إلى الفيلم، واتهم حماس بإدارة حرب نفسية قاسية ضد عائلات المخطوفين. بالتزامن، نشر في ساحة أخرى فيلم ظهرت فيه الباحثة الإسرائيلية اليزابيث تسوركوف وهي على قيد الحياة وتتحدث. تم اختطاف تسوركوف في العراق على يد مليشيا شيعية مؤيدة لإيران قبل ثمانية أشهر. توقيت هذا النشر لا يبدو صدفياً. قيادة حماس طلبت مؤخراً من المليشيات في العراق المساعدة في المعركة ضد إسرائيل. حالة تسوركوف حدث مأساوي آخر تم ابتلاعه في ضجة الحرب الشاملة.
الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قال أمس إنه يعتقد بأنه سيتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المخطوفين لدى حماس. ونشرت “واشنطن بوست” هذه المرة نقلاً عن مصادر إسرائيلية، أن على الأجندة صفقة لإطلاق سراح نحو 70 – 100 امرأة وطفل إسرائيليين من غزة، مقابل إطلاق سراح نفس العدد من السجناء الفلسطينيين ووقف إطلاق النار لبضعة أيام في القطاع.
مصادر إسرائيلية تصف رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، أنه الشخص الوحيد في الطرف الفلسطيني الذي سيقرر ما إذا كان سيتم التوصل إلى صفقة. يعمل السنوار على رأس مجموعة صغيرة ومتعصبة من الأعضاء المخضرمين في الذراع العسكري، تشمل شقيقه محمد، ومروان عيسى، ومحمد ضيف. هذه هي المجموعة تقود ألوية حماس وهي التي تملي سياسة المنظمة. قيادة المنظمة في الخارج تعمل بالأساس على نقل الرسائل من دول أخرى للسنوار ورجاله في القطاع.
يتبع السنوار خطاً متصلباً في طلباته، لكن بعض المصادر تدعي أنه يتلوى في مواقفه حول إمكانية تنفيذ الصفقة. ورغم اعتقاد السنوار بأنه حقق انتصاراً كبيراً تاريخياً على إسرائيل في 7 تشرين الأول، يبدو أن جزءاً من الأحداث الأخيرة قد فاجأه؛ وهذا يتعلق بنزوح قسري لمليون شخص من شمال القطاع إلى الجنوب، وبموجة اغتيال كبار قادة حماس، والصعوبة التي يواجهها الذراع العسكري في العمل تحت ضغط الجيش الإسرائيلي.
الأخوان السنوار، مثل محمد ضيف، هما من مواليد مخيم خانيونس للاجئين. ويصعب التصديق بأنهم قد بقوا في شمال القطاع منذ اللحظة التي اقتحم فيها الجيش الإسرائيلي هذه المنطقة.
قضية لم تتم تسويتها
إلى جانب الأمل في التوصل إلى صفقة حول المخطوفين، يبدو أن بايدن بدأ يفقد صبره إزاء الأضرار التي تتسبب بها العملية الإسرائيلية في غزة، رغم أنه يتماهى بشكل كامل مع عدالتها. على المدى الأبعد، يربط الرئيس بشكل علني بين إخراج سلطة حماس من غزة، وإعادة الدفع قدماً باتفاق سياسي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. أما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فلا يؤمن بذلك، بل ويخاف من أن يفكك الجناح اليميني المتطرف الحكومة من الداخل، إذا وافق على وقف سريع لإطلاق النار وإذا عاد إلى التفاوض مع السلطة الفلسطينية.
وزير الخارجية، إيلي كوهين، قدر أول أمس بأن نافذة الزمن المتاحة لإسرائيل تقلصت إلى أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. هذا بدرجة معينة هو التقدير الذي يسمع بهدوء في أوساط جهاز الأمن. الوزير غالنت يريد وقتاً أطول من ذلك، وهو يؤيد توسيع وتعميق العملية. وإذا لم يغير نيته، فستضطر إسرائيل لفحص إجراء تغيير في أسلوب العملية العسكرية. أوصت الإدارة الأمريكية في السابق بإخراج القوات، ثم الانتقال إلى العمليات المركزة أكثر، مثل الاقتحام المحدود زمنياً لأهداف حماس.
مثل عملية كهذه ستكون مقرونة بتسريح معظم الاحتياط. هذا جيد للاقتصاد، لكن تنطوي عليه أخطار؛ فغزة ستبقى قضية بدون حل، سواء بخصوص هزيمة حماس أو مصير المخطوفين. من غير الواضح أيضاً كيف سيكون بالإمكان استقرار الحدود مع لبنان مع بقاء تهديد قوة الرضوان التابعة لـ “حـزب الله” والتي تنتشر قرب الحدود، والتي كشفت عن نواياها في الأسابيع الأخيرة. يتعزز في بعض الدول الأوروبية تقدير بأن الحرب لن تقتصر على قطاع غزة، وربما تنزلق في نهاية المطاف إلى مواجهة، بقوة أكبر، بين إسرائيل و”حزب الله”.
ثمة تهديد جديد نسبياً سمع أمس أيضاً من اليمن، حيث قال رئيس الحكومة الحوثي بأن بلاده ستضرب السفن الإسرائيلية التي تمر في البحر الأحمر، إضافة إلى إطلاق الصواريخ والمسيرات نحو إيلات. أمس، اعترضت منظومة “حيتس” صاروخاً أطلق من اليمن في منطقة البحر الأحمر خارج حدود إسرائيل. أمريكا تعتبر الحوثيين جزاًء من الدائرة البعيدة للمواجهة، وهي تفضل إبقاء معالجة الأمر لإسرائيل. ولكن يبدو أنه سيكون على الإدارة الأمريكية توضيح رسائلها لإيران، إذا كانت معنية حقاً بمنع أي صدامات محلية من الانزلاق إلى حرب إقليمية.
القدس العربي