يبدو أن موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الحرب بين إسرائيل وحماس يثير حالة من عدم الفهم والانزعاج لدى بعض الدبلوماسيين الفرنسيين، إذ وقع حوالي عشرة سفراء مذكِّرةً موجهة إلى وزارة الخارجية الفرنسية وقصر الإليزيه عبروا فيها عن أسفهم وقلقهم حيال موقف الرئيس الفرنسي الداعم لإسرائيل منذ
هجوم حركة حماس على إسرائيل وما تبعه من قصف إسرائيل مكثف على غزة، بحسب ما كشفت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية.
وبحسب دبلوماسيين سابقين تواصلت معهم “لوفيغارو” ، فإن هذه الرسالة أو المذكرة هي “ خطوة جماعية غير مسبوقة من جانب السفراء الفرنسيين في الشرق الأوسط”، وفي بعض دول المغرب العربي.
في المذكرة، يقول هؤلاء السفراء المعارضين لسياسة ماكرون: “موقفنا المؤيد لإسرائيل في بداية الأزمة يساء فهمه في الشرق الأوسط ويتعارض مع موقف فرنسا المتوازن تقليديا بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، كما يشير أحد الدبلوماسيين في الأعمدة، كما تنقل “لوفيغارو”.
كما حذر السفراء الفرنسيون من مغبة أن موقف ماكرون الموالي الداعم لإسرائيل قد يؤدي إلى أزمة ثقة طويلة و“خطيرة” بين فرنسا ودول منطقة الشرق الأوسط. كما قد تكون له عواقب أو تداعيات فورية: منذ بداية الحرب، لم يعد بعض السفراء الفرنسيين قادرين على الوصول إلى دوائر صنع القرار في البلدان التي
يتمركزون فيها. وتلقى أحدهم تهديدات بالقتل، والجميع قلقون من فقدان مصداقية فرنسا. كما خرجت عدة مظاهرات أمام السفارات الفرنسية في تونس وطهران وبيروت، بحسب “لوفيغارو”.
وردا على سؤال حول هذا الموضوع، اليوم الثلاثاء، على أثير إذاعة “ فرانس إنتر”، دافع المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران عن “نفوذ فرنسا” الذي تستخدمه “بحكمة”، قائلا: “ قلة من رؤساء الدول قادرون على إجراء اتصالات مباشرة مع نظرائهم الأكثر نفوذا للعمل بشأن هذا الصراع، وجمع هذا العدد الكبير
من رؤساء الدول في عاصمتهم لتحديد المساعدات الإنسانية (المؤتمر الإنساني لغزة في باريس) ”.
ومع ذلك، يبدو أن الرئيس الفرنسي قد سمع رسالة سفراء بلاده في بلدان شرق أوسطية وتحذيراتهم من تداعيات موقفه الداعم بقوة لإسرائيل. ففي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، يوم الجمعة الماضي، انتقد إيمانويل ماكرون بشدة الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة ضد السكان المدنيين في غزة، في إعادة
تموضع من المفترض أن تلقى ترحيب به هؤلاء السفراء الذين انتقدوا موقفه من الحرب المستعرة في غزّة.
لكن توصيات الرئيس الفرنسي هذه لـ“بي بي سي” أثارت حفيظة المسؤولين الإسرائيليين، إذ استنكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “خطأ واقعياً وأخلاقياً فادحاً”. وعلى نفس المنوال تحدث وزير دفاعه يوآف غالانت، منتقداً “وقاحة القادة الأوروبيين الذين يعظون إسرائيل في خضم الحرب”. وهو ما يبدو أنه دفع
الرئيس الفرنسي إلى التحدث هاتفياً مع نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، في محاولة لتصحيح ”الموقف”، حيث “ أكد له مجدداً على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتضامن فرنسا معها في حربها ضد الإرهاب”. ثم بعد ذلك، استبعد قصر الإليزيه، في مؤتمر صحافي، أي فكرة لوقف إطلاق النار في غزّة.