نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريرا لمراسلها في القدس بيتر بيومينت، قال فيه إن القوات الإسرائيلية التي تقدمت في غزة، تخوض معارك مع وحدات النخبة التابعة لحماس التي يحاول أفرادها زرع القنابل في طريق المدرعات أو السيطرة عليها واستخدام الصواريخ المضادة لضربها.
وأشار الكاتب إلى أن المعركة البرية في غزة تظهر صورتها بشكل بطيء، في ظل تصاعد أعداد الضحايا في غزة، وقلق إسرائيلي بشأن مسار الحرب.
ففي الظلام والحر الشديد في ليل غزة، حاولت القوات في الكتيبة 13 من لواء جولاني التقدم في شمال غزة وسط الأضواء من الغارات الجوية والقصف المدفعي في قطاع غزة. لكن الكمين عندما حدث، كان مفاجئا لهم، حيث ظهرت وحدة من 30 مقاتلا في قوات النخبة لحماس الذين انتظروا على مداخل الأنفاق.
واستخدمت حماس في المعركة الطويلة المسيرات والصواريخ المضادة للدبابات وقنابل الهاون ضد المصفحات الإسرائيلية. وفي مرحلة ما، حاولت وحدة من حماس الوصول إلى العربات الإسرائيلية وسط القتال الشرس الذي خلف 20 قتيلا منهم وفرّ العشرة الآخرون، بحسب التقرير.
وقال العقيد تومير غرينبيرغ قائد الكتيبة، في تصريحات للصحافة الإسرائيلية: “لقد ظهروا من الأنفاق، وحاصرونا وأطلقوا قنابل صاروخية علينا وحاولوا التقدم نحو عرباتنا المصفحة لتفجيرها”. وفي تسجيل صوتي، سُمع غرينبيرغ وهو يطلب المساعدة: “لقد تلقينا هجوما كبيرا، محاولة هجوم، أريد نيراناً كاتمة لرد هجمات الإرهابيين وأي شخص خارج العربات المصفحة لقتلهم”.
ويقول الكاتب إن الهجوم البري الإسرائيلي قبل سبعة أيام، واجه كمائن ضد الدبابات وتجمعات الجنود والمواقع التي اتخذتها الدبابات في المباني المدمرة بسبب الغارات. وخاضت العربات الإسرائيلية معارك استُخدمت فيها الصواريخ الموجهة، ولقيت أمامها ألغاماً.
وأسفر ذلك عن قتلى في الجنود الإسرائيليين، وسط مزاعم من الجيش أنه قتل أعدادا من مقاتلي حماس في معارك شرسة، وسط محاصرة القوات الإسرائيلية مدينة غزة من 3 جوانب.
ودفعت إسرائيل بقواتها في منطقة كثيفة سكانيا، وتم الكشف عن الخسائر من خلال الجنازات والنعي لعدد من الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا حتى الآن.
ومع دخول الغزو البري أسبوعه الثاني، فهناك أسئلة باتت ملحّة، هل يمكن تحقيق أهداف الحرب؟ وماذا سيحدث في اليوم التالي بعد توقف الحرب؟
وصورة الغزو البري في غزة تظهر مجزّأة من إحاطات المسؤولين التي يتم فيها الحفاظ على التفاصيل سرية، ومن إعلانات النعي للجنود القتلى، وأيضا مقاطع الفيديو التي تنشرها إسرائيل وحماس، ومن صور الأقمار الاصطناعية عن غزة.
ومع تقدم الجيش الإسرائيلي في غزة، فقد واجه عددا من التحديات، من مداخل الأنفاق المخفية التي يختبئ فيها عناصر فرق مواجهة الدبابات والمفخخات والمسيرات التي تلقي الذخيرة.
وفي الأسبوع الماضي، تحدث إيدو مزراحي، المهندس الحربي الإسرائيلي مع راديو الجيش، قائلا إن القوات في المرحلة الأولى لفتح طرق في غزة، و”هذه بالتأكيد تضاريس مزروعة بحقول ألغام ومفخخات”، وهو ما قاد القوات الإسرائيلية لجرف أنقاض البنايات بالجرافات لتجنب الطرف المزروعة بالألغام.
وقال الجنرال بن اتزيك كوهين: “نحن على أبواب غزة”، مضيفا أن مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي يظهرون من الأنفاق لإطلاق الصواريخ ثم الانسحاب إلى المخبأ. وكان التلخيص الأكثر إثارة للدهشة في يوم الثلاثاء، عندما تكبد الجيش الإسرائيلي أكبر خسارة في صفوف جنوده، بعدما تعرضت العربة المصفحة “نمر” لهجوم بصاروخ مضاد للدبابات مخلفا 9 جنود قتلى.
وإلى جانب الذين قُتلوا في المواجهات، فهناك خسائر فادحة بين الجنود الذين أصيبوا بجراح. وبث الجيش الإسرائيلي فيديوهات تم فيها تغطية عمليات فوضوية لإجلاء الجرحى من قبل الوحدة 669، وهي وحدة نخبة للبحث والإنقاذ والتي قامت بـ150 عملية طيران إلى غزة ونقلت 260 جنديا جُرحوا، حيث تمت بعض عمليات الإنقاذ تحت النيران.
ورغم زعم الجيش الإسرائيلي بأنه يحقق نجاحا، إلا أنه لم يخلق الظروف لأهم وأكثر هدف ملح، وهو إنقاذ أكثر من 240 أسيرا لدى حماس. واستمر إطلاق الصواريخ من غزة أيضا.
وفي الوقت الذي تبدو هذه الحرب مختلفة، إلا أن البعض في إسرائيل يتساءل عن أوجه الخلاف. وظهرت الشكوك في أماكن غير متوقعة، ففي الصحيفة التي تعبّر عن الوسط والموالية “يديعوت أحرونوت” كتب نداف إيال في الأسبوع الماضي: “الحكومة تتحدث بصوتين، حيث وعدت فيه بمحو حماس وتدمير قدراتها العسكرية بطريقة لن تكون قادرة بعدها على حكم قطاع مرة أخرى”، و”خلف الأبواب يتحدث المسؤولون فيما بينهم بصوت لا لُبس فيه، بأن الإطاحة بحماس تحتاج لسنوات، وأن الحقائق سيتم خلقها على الأرض مثل محور أمني يتم دعمه بعمليات اغتيال ومداهمات ستحتاج لسنوات”.
وظهرت الشكوك في صحيفة “جيروزاليم بوست” المحافظة بشأن ما تم تحقيقه من تقدم، حيث قالت: “سواء تحركت إسرائيل سريعا وبكفاءة لإنهاء تهديد حماس بعد 15 عاما، فهذا يظل سؤالا مفتوحا”.
وظهر الشك أيضا في مقال لناثان براون، في موقع وقفية كارنيغي للسلام العالمي، حيث تساءل عن “اليوم التالي” لو هزمت إسرائيل حماس، وإن كان النصر التقليدي عليها ممكنا. وتساءل براون “ماذا يعني النصر؟” مضيفا: “مهما كانت الأهداف، فماذا ستحقق إسرائيل؟ وكيف لأحد معرفة أن الحرب قد انتهت؟ هذه أسئلة تظهر خطأ السيناريوهات وافتراض “اليوم التالي” وكأن حربا تقليدية ستفتح المجال بوضوح وبنظافة لترتيبات ما بعد الحرب”.