بعد عمليتين نوعيتين، الأولى استهداف حزب الله لسفينة \"أحي حانيت\" الإسرائيلية عام 2006، وتمكن عناصر الكوماندوز البحري التابع لكتائب القسام من الوصول إلى \"زيكيم\" بحرا في العام الماضي، ضاعف الجيش الإسرائيلي، وخاصة البحرية الإسرائيلية، استعداداته لمواجهة سيناريوهات مختلفة، تعتمد تطوير وزرع أجهزة رصد بشكل مكثف، وتطوير أدوات الرد السريع على كل هدف يتم تحديده.
ويتضح أنه لم يتبق أي مجال للشك في أن مقاتلي كتائب القسام سجلوا نجاحا عملانيا مثيرا، يكشف عن قصور أمني خطير في الجيش الإسرائيلي، عندما تمكن عدد من عناصر الكوماندو البحرية التابعة لكتائب القسام من الوصول إلى \"زيكيم\" أثناء الحرب العدوانية الأخير على قطاع غزة، في الصيف الماضي، وهو ما أكده شريط سري تسرب من حواسيب الجيش الإسرائيلي.
وتبين، بحسب الشريط، أن غواصين من الكوماندو البحرية الفلسطينية وصلوا من شواطئ غزة إلى \"زيكيم\"، دون أن ينتبه لهم أحد، وأن أحدهم هاجم دبابة متحركة، وألصق بها عبوة ناسفة، انفجرت، دون أن توقع أضرارا، بحسب التقارير الإسرائيلية.
وبينت التحقيقات أن الجيش الإسرائيلي وجد صعوبة، في المرحلة الأولى، في السيطرة على الحدث، وتوجيه بالنار باتجاه عناصر البحرية الفلسطينية، وأن المجندات العاملات في مجال الرصد لم يتمكنّ، لمدة تزيد عن 20 دقيقة من رصد دخول أول الغواصين. وفقط بعد دخول غواصين اثنين آخرين أدركت راصدات الجيش أن الحديث عن أربع مقاتلين كانوا يكمنون خلف شجيرات قريبة من الشاطئ.
وبحسب تقرير، نشره موقع \"واللا\" الإلكتروني، فقد وجدت الراصدات صعوبة في نقل المعلومات إلى قوات الجيش ليتم استدعاؤها إلى المكان. وتمكنت طائرة من سلاح الجو من قتلهم قبل أن يتمكنوا من العودة قطاع غزة بحرا.
وقال ضابط كبير في سلاح البحرية الإسرائيلية، للموقع، إن الحادثة هي مقدمة لما قد يحصل على الحدود مع لبنان في حرب شاملة مع حزب الله، حيث يهدد الأمين العام، حسن نصر الله، منذ سنتين باحتلال مناطق في إسرائيل، كما نشر أنه ينوي العمل في الساحة البحرية للوصول إلى شواطئ الخضيرة ونتانيا.
وبحسب الضابط نفسه فإنه لا يمكن تجاهل ما فعلته حماس في \"زيكيم\"، وإذا كان حزب الله لا يقوم بهذا الربط، فإن إيران تقوم بذلك.
ويضيف التقرير أنه منذ أن ادعى حزب الله سيادة لبنان على المنطقة التي اكتشف فيها حقول الغاز في البحر المتوسط بدأت \"المعركة البحرية الهادئة\" بينه وبين الجيش الإسرائيلي. كما أن معلومات وصلت من \"مصادر نوعية\" إلى أجهزة الأمن الإسرائيلية لم تبق مجالا للشك في أن حزب الله يبني قوة ويراكم وسائل قتالية لتهديد قوات الجيش الإسرائيلي في البحر.
وبحسب التقرير، فإن الجيش يأخذ بالحسبان عدة سيناريوهات متنوعة: غواصون ودراجات مائية وقوارب سريعة وأخرى مفخخة، وقطع بحرية بدون أشخاص فيها، أو طائرات بدون طيار تنفجر على قطع بحرية إسرائيلية أو على منصات حقول الغاز.
ونقل الموقع عن خبراء أمنيين إسرائيليين قولهم إنهم يعتقدون أن حزب الله يعتمد العقيدة الإيرانية التي تقول بتفعيل قوات صغيرة بكميات كبيرة في الوقت نفسه. وبالتالي ستضطر \"القوة المدافعة إلى تشخيص تحركات مشبوهة بسرعة في حيز تتحرك فيها مئات القطع البحرية المدنية، ومهاجمة عدد كبير من القطع البحرية الصغيرة في الوقت نفسه\".
ويقول د. شمعون شابيرا، مسؤول كبير سابق في شعبة الدراسات في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وكاتب كتاب \"حزب الله بين إيران ولبنان\"، ويعمل اليوم باحثا في \"المركز الأورشليمي لشؤون السياسات\"، إن حزب لله بدأت ببناء قوة بحرية عام 1989، وأن الغواصين بدأوا التدريبات في ميناء بيروت، بإرشاد ضباط إيرانيين، وبشكل خاص على زرع عبوات ناسفة على قطع بحرية تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية التي كانت تفرض حصارا على لبنان. وبعد ذلك توجهوا إلى إيران لمتابعة التدريبات على السباحة لمسافات طويلة، والدخول إلى شواطئ إسرائيل.
ويضيف أن حزب الله طور وبمساعدة إيرانية، مع مرور السنين، قدرات صاروخية بحرية تستعين بمحطة كاشوف (رادار) على الشاطئ. وفي الحرب العدوانية الأخيرة على لبنان، في صيف العام 2006، تمكن، بالنتيجة، من إصابة سفينة \"أحي حانيت\" الإسرائيلية بصاروخ من طراز \"سي 802\"، فقتل أربعة جنود، ووقعت أضرار كبيرة للسفينة بحيث كادت أن تغرق.
وكرد فعل، بدأ الجيش الإسرائيلي يستثمر في أنظمة رقابة وجمع معلومات متقدمة، وزرع مجسات في مناطق التحكم، ووسائل كهروضوئية في داخل إسرائيل بحيث تراقب عمق الأراضي اللبنانية، إضافة إلى وسائل جمع معلومات وأجهزة رصد من الصناعة الإسرائيلية.
وتابع التقرير أن كل هذه المعلومات تنقل إلى سلاح البحرية وإلى غرفة عمليات الاستخبارات العسكرية فور وصولها، بحيث تظل كل القطع البحرية على مسافة عشرات الأميال من الشواطئ اللبنانية والإسرائيلية تحت الرقابة.
ونقل التقرير عن ضابط كبير في سلاح البحرية قوله إن هناك خارطة رقمية في غرفة العمليات يظهر فيها كل قطعة بحرية، ويتم تخزين معلومات بشأنها. وأنه يكفي تحويل شاشة الحاسوب في مكتبه ليعرض خريطة عليها علامات تمثل ألف قطعة بحرية من نهر الليطاني باتجاه الجنوب الغربي.
ويقول الضابط: \"أستطيع أن أعرف أين كانت كل هذه القطع قبل ساعتين، وعدد جهات جمع المعلومات التي تقوم برصدها في الوقت نفسه\". وبحسبه فإن المعلومات التي يتم جمعها تحذر من القطع البحرية المشبوهة، وفي أثناء الحرب يتم نقل هذه المعلومات بشأنها لتصبح أهدافا للهجوم.
ويضيف أن الأنظمة المتطورة تنتج معلومات استخبارية كثيرة، ويعمل ضباط غرفة العمليات في سلاح البحرية على استخلاص المعلومات العملية منها.
وبحسب الضابط نفسه فإن الصيادين اللبنانيين يقتربون في كل ليلة إلى مسافة 30 مترا من الخط الحدودي، وكل واحد منهم مشتبه بـ\"النشاط التخريبي\" إلى حين يثبت العكس.
ويمضي الضابط، فيقول إن \"النقاط تواصل التحرك على الشاشة، وكل نقطة تمثل قطعة بحرية، ويكون بالمقدور متابعة نحو ألف قطعة بحرية في الوقت نفسه وتحويلها في وقت واحد إلى أهداف تعرف كيف تدمرها قوات الجيش. ومع خروج غواصة تابعة لسلاح البحرية من الميناء تواصل الشاشة متابعة تحركاتها حتى تدخل إلى \"المرحلة السرية\". وتظهر نقاط أخرى قطعا بحرية لبنانية أو أجنبية تبحر في المنطقة. وتكفي كبسة زر واحدة، لفتح نافذة معطيات تشير إلى نوع القطعة البحرية، ومسارها في الساعات الأخيرة، وأية أجهزة رصد تتابعها في الزمن الحقيقي، وتاريخها\".
وعلى صلة، يضيف التقرير، فإن \"الجهود الدفاعية\" تتواصل، حيث تقوم الكتيبة \"914\"، تحت قيادة العقيد (بريغادير جنرال) رونين حجاج ، في سلاح البحرية، بعملياتها في الساحة الشمالية آساسا، وتستعد لإمكانية تدهور الأوضاع على الحدود، من خلال \"صدّ عملية فردية تنذر باندلاع المعركة القادمة\".
ويقول الضابط إن \"ضابط الاستخبارات المسؤول عن الساحة الشمالية يبني مختلف السيناريوهات لتدريب الكتيبة، بضمنها إطلاق صاروخ باتجاه القطعة البحرية الإسرائيلية، والقفز إلى الماء، وكذلك التعرض لإطلاق نيران من قبل غواصين.
وخلافا لما يحصل في شواطئ قطاع غزة، ففي الساحة الشمالية، بحسب التقرير، تتصرف القوات البحرية بشكل منضبط أكثر، ويتجنبون إطلاق النار إلا في الحالات غير العادية لإبعاد الصيادين. وفي الغالب يتم إبلاغ قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، والتي تقوم بدورها بإبلاغ الجيش اللبناني لمعالجة القضية.
ويضيف الضابط أن \"الجيش بات يعرف كل صياد ينشط في المنطقة\".
إلى ذلك، يشير التقرير إلى تدريبات في السنة الماضية في قاعدة سلاح البحرية في حيفا، تضمنت عدة سيناريوهات، بينها دخول غواصين بشكل مفاجئ إلى إسرائيل، أو اقتراب ثلاث دراجات بحرية إلى بعد عشرات الأمتار عن الخط الحدودي، أو دخول سفينة إلى المياه الإقليمية، أو استنفار كل القوات البحرية، بما فيها الغواصات وسفن الصواريخ والسفن الحربية من طراز \"دبور\"، للإبحار بسرعة إلى عرض البحر لمنع تنفيذ عملية.
كما يشير إلى أن هذه التدريبات قد كشفت مدى التعاون بين قوات البحرية والقوات البرية، وكيفية استخدام ذلك في الحرب القادمة، حيث أن الاستخبارات التابعة للبحرية تقوم بتحديد أهداف في الزمن الحقيقي، ونقل المعطيات إلى القطع البحرية المختلفة.
ويقول الضابط إنه سيكون قادرا على ضرب أهداف في الليطاني وأهداف أخرى متحركة، مشيرا إلى أن هناك فرصا جديدة للإنغلاق على أهداف من البحر بواسطة معلومات استخبارية كثيرة تتراكم، ثم إطلاق نيران دقيقة وكثيفة عليها.
وردا على سؤال ما إذا كان حزب الله سيشن حربا ثالثة في المدى المنظور، أجاب الضابط بأنه لا يعرف، ولكنه يستطيع التأكيد بأنه على أتم الجاهزية. على حد قوله.