منذ الساعات الأولى لهجوم حركة حماس على إسرائيل، يصدح مسؤولون إسرائيليون في السر والعلن بتصريحات تؤكد عزم تل أبيب على القيام باجتياح بري لقطاع غزة، الذي يتعرض منذ أسبوعين لقصف مكثف.
في الوقت ذاته هناك معلومات عن ضغوطات أمريكية ناعمة على تل أبيب لتأجيل الهجوم البري، بغية حل مسألة الرهائن المتواجدين لدى الفصائل الفلسطينية في غزة، والذين يقدر عددهم بـ222 بينهم أجانب و مزدوجي الجنسية.
وبين هذا وذاك، اتهم جنرالات متقاعدون مقربون من قيادة الجيش الإسرائيلي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالتراجع عن قراره منح الضوء الأخضر للعملية البرية، وتردده في جدوى الاجتياح الآن.
واستعرت الخلافات بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، حول موعد وشكل الاجتياح البري، حسب ما أفادت صحيفة «يسرائيل هيوم» المقربة من رئيس الحكومة.
- مصيدة ضخمة
من بين هؤلاء المؤيدين للهجوم البري، خرج جنرال وحيد مناصراً لخيار التأجيل وداعماً لنتنياهو، إذ يرى الجنرال المتقاعد إسحاق بريك، المعروف بانتقاداته الدائمة لقيادة الجيش الإسرائيلي الاجتياح أشبه بـ«مصيدة ضخمة» ستوقع خسائر فادحة، وربما تفجر حرباً إقليمية.
ووصف اللواء المتقاعد البالغ من العمر 75 عاماً المتحمسين للاجتياح بالمغرورين الذين لا يفقهون شيئاً في الحرب، كما حذر الرجل السبعيني الذي يسميه اليمين المتطرف «نبي الغضب»، لأنه تنبأ بهجوم السابع من أكتوبر، من هجوم مشابه سيقوم به عشرات ألوف المسلحين الفلسطينيين على المستوطنات في الضفة الغربية.
والتقى بريك قبل أيام مع نتنياهو، وحذره بشكل شخصي من «مكيدة اجتياح غزة»، وكيف يمكن أن تتحول إلى كارثة بثمن كبير، وطالب بإقالة قائد اللواء الجنوبي في الجيش الإسرائيلي فوراً، ومنعه من قيادة الجيش في المعركة، وكذلك رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، بسبب مسؤوليتهما عن الإخفاق الكبير الذي تسبب بهجوم حماس.
- مخاطر الهجوم البري
وقال الجنرال المتقاعد خلال لقاء مطول مع محرري «قناة 14» التلفزيونية، التابعة لليمين والمناصرة لنتنياهو، إنهما تلقيا إنذارين على الأقل قبل يوم واحد من هجوم حماس وليلة الهجوم بالضبط، أي قبل ساعات من الهجوم، بأن حماس تعد لحرب، لكنهما لم ينذرا رئيس الأركان، وبقي رئيس الاستخبارات يستجم في إيلات.
كما أكد أن تصفية حماس تشكل تحدياً كبيراً للقوات الإسرائيلية ولا يمكن أن تنتهي خلال أشهر، وختم: «إذا دخلنا الآن إلى غزة فسوف ندخل في حرب إقليمية ليس فقط مع حزب الله، وليس فقط في الشمال، بل ستنفجر جبهة في الضفة الغربية، وسيهاجم عشرات آلاف الفلسطينيين المسلحين في الضفة المستوطنات هناك، كما
من الممكن حصول هجمات مشابهة من عرب إسرائيل في الداخل».
يذكر أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، كان أكد الأحد أن بلاده تبحث مخاطر العملية البرية في غزة، إلا أنه أكد في الوقت ذاته أن الجيش يوسع نطاق هجماته على القطاع استعدادا للتدخل البري.
ويتوقع خبراء ومحللون ألا تكون العملية البرية في القطاع «نزهة»، مرجحين أن يتكبد الإسرائيليون خسائر كبيرة، لاسيما أن هناك ما يشبه مدينة تحت المدينة في إشارة إلى الأنفاق الممتدة لكيلومترات عدة، بنتها حماس على مدى سنوات.
كما أن أي حرب شوارع، وفق المتخصصين، تكون كلفتها عالية، لاسيما على الجهة المهاجمة، والتي لا تعرف تفاصيل المناطق والأحياء كما أهلها.