سلّطت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها الضوء على التحديات التي ستواجهها القوات الأوكرانية، على جبهات القتال خلال الأشهر المقبلة بسبب الأحوال الجوية المتوقعة، حيث يكافح الجنود الأوكرانيون من أجل إحراز تقدم ضد القوات الروسية المتحصنة، لكن عامل الطقس سيكون العدو القادم لهذه القوات.
ورأت الصحيفة أن الأمطار الغزيرة والبرد القارس وخصوصا في مناطق مثل مدينة باخموت الشرقية والتي تشهد درجات حرارة شديدة البرودة خلال الأشهر المقبلة، ستؤدي إلى إعاقة فرصة أوكرانيا في استغلال أي تقدم في نهاية المطاف.
وقالت: "بينما اعتاد الروس والأوكرانيون على أجواء البرد القارس؛ ما يعني أن قواتهما البرية لن تتخلى عن ساحة المعركة في أي وقت قريب، إلا أن الأمطار الغزيرة والثلوج سيعيقان حركة الجنود ويعقدان سير العمليات العسكرية الأساسية بدءا من تحميل قذائف المدفعية وحتى الضغط على الزناد".
وأضاف التقرير أن "من بين المخاوف المتعلقة بالطقس هو إمكانية تحقيق أوكرانيا اختراقا في هجومها العنيف على الدفاعات الروسية في النهاية، وهو ما لا تستطيع المعدات الأوكرانية المدرعة الثقيلة استغلاله بسرعة بسبب التضاريس الموحلة أو الثلجية".
وتشهد ساحات القتال الآن تحركا عنيفا تنفذه قوات المشاة على مسافات صغيرة، حيث تكون تحركات الجانبين محدودة بسبب المراقبة الجوية المستمرة والهجمات المضادة، حيث تقصف القوات الأوكرانية الخطوط الروسية شديدة الدفاع، سعياً لإيجاد ثغرات يمكن توسيعها لكي تتمكن من دفع دباباتها وغيرها من المعدات المدرعة من خلال هذه الثغرات.
ونقلت الصحيفة عن رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية الجنرال كيريلو بودانوف قوله الأسبوع الماضي إن القتال "سيستمر بطريقة أو بأخرى"، لكنه أقر "بصعوبة القتال في البرد، وفي الأجواء الرطبة، وفي الوحل"، مؤكدا بأن "العملية الهجومية ستستمر على كافة الجبهات".
وكان رئيس هيئة الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي أكثر حذراً بشأن قدرة أوكرانيا على التقدم هذا العام عندما صرح لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" مؤخرا بالقول إن "القوات الأوكرانية لديها على الأرجح 35 أو 40 يوما متبقية قبل أن يتسبب الطقس في تعقيد عمليات هجومهم المضاد".
وقال مسؤول دفاع غربي آخر إنه بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول، ستحتاج أوكرانيا إلى الانتقال من "الهجوم إلى الثبات" كما ستحتاج إلى تعزيز حماية البنية التحتية المدنية من الطائرات بدون طيار والصواريخ الروسية خلال فصل الشتاء.
وقد استغلت القوات الأوكرانية ارتفاع درجات الحرارة بينما تحاول التقدم في ساحة المعركة، حيث سيطروا الشهر الماضي على قرية روبوتاين ووسعوا منطقة بارزة حولها، واخترقوا الخط الدفاعي الرئيسي لروسيا وأثاروا الآمال في تحقيق انفراجة بعد أشهر من المكاسب المؤلمة التي تقاس بالأمتار يوميا.
وحتى لو لم تتمكن القوات الأوكرانية من الوصول إلى بحر آزوف، على بعد حوالي 55 ميلاً جنوب جبهتها الحالية، فإن التقدم لمسافة خمسة أو 10 أميال فقط يمكن أن يضع خطوط الإمداد الحيوية لروسيا في نطاق المدفعية الأوكرانية.
وفي الأيام الأخيرة، قام الأوكرانيون بتوسيع هجومهم بشكل أكبر، ويبدو أنهم يستهدفون ثغرة تتكون من حقول زراعية بين قريتين جنوب شرق روبوتاين.
لكن الطريق إلى الأمام لا يزال محفوفا بالمخاطر، حيث تقوم الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار الروسية بإسقاط القنابل وتحديد مواقع القوات الأوكرانية لشن هجمات مدفعية بينما يختبئ جنود موسكو خلف خطوط الأشجار والانحناءات العمياء في خنادق متعرجة.
وقال مشغل طائرة بدون طيار في وحدة استطلاع جوي أوكرانية تعمل بالقرب من جبهة فيربوف: "إنهم يقاتلون بشدة"، مضيفا: "كل منزل، كل خندق هو معركة واسعة النطاق مع الكثير من الضحايا من كلا الجانبين".
بدوره قال أولكسندر سولونكو، وهو عضو آخر في وحدة الطائرات بدون طيار، إن "الطين سيحد من القدرة على المناورة"، مشيرا إلى أن "الطرق اللوجستية محدودة بالفعل، ومن ثم ستكون الخيارات أقل وسيتم تضييق فرص وصول المركبات المدرعة".
وخلص التقرير إلى أن أي توقف في الهجوم الأوكراني يمكن أن يسمح لروسيا بترسيخ وجودها بشكل أعمق في الأراضي التي سيطرت عليها؛ مما يعقد المحاولات الأوكرانية المستقبلية لاستعادة هذه المناطق.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية أن روسيا تعمل بالفعل على تعزيز الدفاعات التي تم بناؤها مسبقًا خلف خط المواجهة، وفقًا لبرادي أفريك من معهد "أمريكان إنتربرايز" وهو مركز أبحاث مقره في العاصمة الأمريكية واشنطن.