رام الله الإخباري
ضمن خطة "ترسيخ الوجود اليهودي" في القدس المحتلة، تُسابق حكومة الاحتلال الإسرائيلي الزمن لأجل حسم الوضع في المدينة المقدسة، عبر تعزيز الاستيطان والمستوطنين، وتغيير معالمها وهويتها الإسلامية العربية، وصبغها بطابع يهودي بحت لا يمت للحقيقة بأي صلة.
وبات واضحًا أن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة وضعت على جدول أعمالها إطلاق موجة من البناء الاستيطاني في محيط القدس، غير آبهة بالمعارضة الدولية لمخططاتها، والتي لا تقف عند حدود حسم الصراع الديمغرافي في المدينة المحتلة، بل تتجاوزها لمنع إقامة أي دولة فلسطينية مستقبلًا.
وتقوم خطط الاحتلال على التوسع في البؤر الاستيطانية داخل المدينة المحتلة، وبناء أحياء استيطانية في أطرافها لتعزل البلدة القديمة عن محيطها الفلسطيني، تمهيدًا لمحاصرة المدينة من جهاتها كافة بأحزمة استيطانية تمتد على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية.
ومنذ بداية العام الجاري، أقرت سلطات الاحتلال أكثر من 22 خطة استيطانية، لغرض التوسع الاستيطاني في القدس، على حساب مصادرة أراضي المقدسيين وحرمانهم من حقهم بالسكن داخل مدينتهم.
الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يؤكد أن حكومة الاحتلال تعمل وفق مسارين لأجل حسم قضية القدس، الأول داخل المدينة عبر تنفيذ مشاريع تهويدية، والثاني في غلافها عبر المشاريع الاستيطانية.
ويكشف أبو دياب، أن الاحتلال يعتزم تنفيذ أضخم مشروع استيطاني في القدس، بهدف تغيير مشهدها العام وتشويه معالمها العربية والإسلامية.
وتناقش "اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء" التابعة لوزارة داخلية الاحتلال، يوم الاثنين، خطة لـ"ترسيخ الوجود اليهودي" في المدينة المحتلة، تمهيدًا للموافقة عليها، بغية البدء في تنفيذها.
ويبدأ المشروع الاستيطاني- وفقًا للباحث المقدسي- من منطقة "جيلو" جنوب غربي القدس، ومن ثم بلدة صور باهر جنوبًا، والسواحرة الشرقية وبلدة أبو ديس شرقًا، وصولًا إلى تجمع مستوطنات "معاليه أدوميم" شرقي المدينة.
ويبين أن سلطات الاحتلال- حسب المخطط- ستعمل على مصادرة 37 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية في المناطق المستهدفة.
ويضيف أن المخطط يتضمن بناء 57 ألف وحدة استيطانية، لجلب نحو 225 ألف مستوطن وتوطينهم في تلك المناطق حتى العام 2030، بهدف تغيير الوضع الديمغرافي في القدس، لصالح المستوطنين.
ويشير إلى أن أغلب الوحدات الاستيطانية المنوي إقامتها ستقع بمحاذاة الطريق الالتفافي الأمريكي المعروف بـ"شارع الطوق"، والذي يهدف إلى تطويق المدينة بالمستوطنات والشوارع، وربط المستوطنات المحيطة بها ببعضها البعض.
ووفقًا لأبو دياب، فإن وزير المالية الإسرائيلي "بتسلئيل سموتريتش" ووزيرة النقل والمواصلات "ميري ريغيف" يُشرفان على المخطط الاستيطاني، ويقدمان كل الدعم لأجل الإسراع في تنفيذه.
ويبين أن المخطط سيشمل أيضَا، شق طرق استيطانية للمواصلات تمتد على طول نحو 130 كيلو متر، لتسهيل وصول المستوطنين إلى المناطق المستهدفة، وزيادة عددهم، كما يشمل إقامة مشاريع اقتصادية وصناعية لإيجاد مصادر رزق للمستوطنين.
ويهدف الاحتلال من خلال المخطط، إلى الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتغيير التركيبة السكانية لصالح المستوطنين، وأيضًا حسم قضية القدس، وفق الباحث المقدسي.
ويضيف أن تنفيذ المخطط بمثابة خطوة فعلية لضم الأراضي شرقي القدس، وتقليل المساحات الممنوحة للفلسطينيين للبناء، وخاصة للأزواج الشابة، لأجل الحد من التكاثر الطبيعي، والسيطرة على الحيز العام في المدينة المقدسة.
ويلفت إلى أن المخطط سيعمل على ربط المناطق التي يشملها، مع المنطقة الصناعية "ميشور أدوميم" قرب مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي القدس، مع الإبقاء على مسارات ضيقة للفلسطينيين.
ويأتي هذا المخطط الاستيطاني، ضمن مشروع "القدس الكبرى"، الذي يمتد على 10% من مساحة الضفة الغربية ويفصل شمالها عن جنوبها للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية مستقبلًا.
ويحذر الباحث المقدسي من خطورة هذا المشروع الاستيطاني، كونه يعتبر من أخطر المشاريع التي تسعى الحكومة اليمينية المتطرفة لتنفيذها في المدينة المحتلة، لأجل "ترسيخ الوجود اليهودي" فيها.
صفا