تواصلت ردود الفعل الرافضة لحادثة إحراق طالب لجوء عراقي يدعى سلوان موميكا نسخة من القرآن الكريم في العاصمة السويدية ستوكهولم، وفي حين خرجت تظاهرات جديدة في البصرة، أقرّ قاض سابق بعدم إمكانية تسلّيم السويد لمدنس القرآن، مشيراً في الوقت عينه، إلى أن السلطات القضائية «على علم بذلك».
وانطلقت تظاهرات حاشدة، لأنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر احتجاجا على حرق نسخة من القرآن في محافظة البصرة.
وحسب قناة «السومرية» أنصار الصدر نظموا تظاهرات حاشدة من أمام مكتب السيد الشهيد الصدر في منطقة الطويسة وسط البصرة تنديدا بحرق نسخة من القرآن الكريم. وبينت أن، العديد من العشائر شاركت معهم التظاهر.
في حين قال، القاضي والنائب السابق لطيف مصطفى، في «تدوينة» له أمس، إن «حرق المصحف أمر مقزز ومدان، لكن الجريمة قانونياً لا تدخل ضمن اختصاص القضاء العراقي» لافتاً إلى أن «المواطن العراقي الذي يفعل شيئاً في بلد آخر، يعتبر جريمة بموجب القانون العراقي، ولكن يجب أيضاً أن يكون ذلك الفعل جريمة بموجب قانون البلد الذي تم فيه العمل».
وأكد أن «القضاء العراقي يعرف هذا المبدأ بشكل جيد، لذلك لا أعتقد أن السويد ستسلم الفاعل بأي حال من الأحوال».
يأتي ذلك عقب بحث نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة فؤاد حسين، مساء أول أمس، مع نظيره السويديّ، توبياس بيلستروم، تداعيات حرق نسخة من القرآن الكريم والإساءة له.
بيان للوزارة أفاد أن حسين تلقى اتصالا هاتفيّاً، من بيلستروم، وجرى خلال الاتصال مناقشة تداعيات حرق نسخة من القرآن.
إذ أعرب حسين عن «إدانة واستنكار جُمْهُوريَّة العراق الشديدين، لهذا العمل الشنيع الذي يمثّل إهانة بالغة للمقدسات الدينية، ويؤجج مشاعر المسلمين حول العالم وتشكل استفزازًا خطيرًا لهم». وأشار إلى أنَّ «حرق نسخة من المصحف الشريف، لا يأتي ضمن سياق حرية التعبير، وإنما للتحريض على العنف وزرع الكراهية ودعم ظاهرة الإسلاموفوبيا» مُطالباً الحكومة السويديّة بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق هذا الشخص» داعياً إلى تسليمه للحكومة العراقيَّة من أجل محاكمته وفق القانون العراقيّ».
أما وزير الخارجيَّة السويديّ، فقد أعرب عن «استنكار حكومة بلاده لهذا العمل» مُعبراً عن «عميق أسفه لما حدث» مُؤكِّداً أنَّ «الحكومة السويديّة ترفض بشدة مثل هذه الأعمال المعادية للإسلام، وإنَّها لا تدعم أو تتغاضى بأي حال عن الآراء المعادية للإسلام التي عبر عنها الشخص المعني خلال هذه الواقعة».
وأضاف، أنَّ «حكومة السويد تتفهم تماماً أنَّ المسلمين في السويد وفي الدول الأخرى، قد شعروا بالإهانة لما حدث».
الموضوع ذاته، ناقشه رئيس الدبلوماسية العراقية أيضاً، خلال اتصال هاتفي آخر، من الأمين العامّ للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
بيان منفصل للوزارة نقل عن حسين قوله إن «هذه الأعمال تثير وتنمي مشاكل متعددة بين دول العالم الإسلاميّ والمجتمعات الأوروبيَّة، التي تقع فيها هذه الأحداث والمواقف، وهذه الأعمال بدورها تغذّي ظاهرة الإسلاموفوبيا والأفكار المتطرفة والإرهابيَّة وتزرع الكراهيَّة والعنف في عموم بلدان العالم» مُؤكِّداً ضرورة «العمل دوليًا لمحاربة هذه الأفكار التي تؤدي للإساءة للمقدسات ورموزها وحرق الكتب السماويّة ومنها القرآن الكريم».
في حين أكد غوتيريش أنه «تابع هذا الحدث، وكذلك ردود الأفعال في العراق والعالم الإسلامي» مُعربًا عن «استنكاره وإدانته لهذا الفعل الشنيع» مُؤكِّدًا ضرورة «العمل لمُواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا».
وأضاف: «استلمت رسالة سماحة المرجع الأعلى السيِّد علي السيستاني، وأقدر عالياً جهود سماحته» مُنوهاً إلى أنه «سيقوم بإعداد رسالةً جوابية بهذا الشأن».
وفي الختام، قدم حسين شكره إلى «الأمين العامّ للأمم المتحدة على موقفه والذي عبر عنه الأمين العامّ المساعد لشُؤُون الحضارات العريقة في البيان الذي صدر عنه، وإهتمامه الكبير برسالة سماحة السيِّد علي السيستاني» مُؤكِّداً أنّ «الجميع يعملون ويسعون من أجل تحقيق الأمن والسلام والتعايش السلمي ومحاربة الأفكار المتطرفة».
وكان رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، قد دعا، الدول الصديقة للعب دور أكبر بالتصدي للأعمال الاستفزازية على خلفية حرق القرآن الكريم.
وذكر بيان لمكتبه الإعلامي، أن «السوداني استقبل، سفير المملكة المتحدة لدى العراق مارك برايسون ريتشاردسون، بمناسبة انتهاء مهامّ عمله».
وأضاف البيان، أن «اللقاء شهد بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل توطيد التعاون المشترك في عدد من القطاعات الحيوية التي تشكل أولوية لدى الحكومة العراقية، وتصبّ في تحسين بيئة الاقتصاد والاستثمار».
وثمّن رئيس مجلس الوزراء، «جهود بريطانيا في دعم العراق بمجالات مختلفة» مؤكداً «تطلّع الحكومة إلى المزيد من آفاق التعاون، بما يعزز المصالح المشتركة».
وأشار خلال اللقاء إلى «الأفعال المسيئة والمتكررة إلى الإسلام والقرآن الكريم» مشددا «ضرورة قيام الدول الصديقة بلعب دور أكبر في التصدي لمثل هذه الأعمال الاستفزازية، التي تحرض على العنف وتغذي الكراهية والعنصرية والتطرف، والتي لا يمكن إدراجها ضمن نطاق الحريات». ولفت إلى «أهمية أن يكون هناك موقف دولي حازم إزاءها ينطلق من القوانين والأعراف الدولية، التي تمنع الإساءة والاعتداء على الأديان والكتب المقدسة والمعتقدات».
في الموازاة، شاركت وزيرة الهجرة والمهجرين، إيفان فائق جابرو، في وقفة احتجاجية.
وقالت في بيان إن «الوقفة نُظمت في كنيسة سيدة النجاة وسط العاصمة بغداد، بحضور رئيس أساقفة بغداد للسريان الكاثوليك مار إفرام يوسف عبا، وجمع غفير من أبناء الطائفة المسيحية، وشيوخ ووجهاء من جميع مكونات البلد».
وقالت الوزيرة، خلال الوقفة إن «تكرار حادثة حرق نسخ من القرآن الكريم تقف خلفها جهات لا تريد الخير والسلام للإنسانية، فجميع الأديان والكتب السماوية لها كل الاحترام والتقدير ولا يجوز التجاوز عليها من قبل أي شخص كان» مطالبةً دولة السويد بـ«محاسبة الشخص الذي ارتكب هذا الفعل المشين بأشد العقوبات وعدم السماح بتكرار هذه الإساءة».
كما أشادت جابرو، وهي من الديانة المسيحية، بـ«جهود مجلس القضاء الأعلى ورئيسه القاضي فائق زيدان لإصداره مذكرة قبض ضد هذا الشخص ومطالبته لدولة السويد بتسليمه للعراق» مشيرة في الوقت ذاته إلى أن «وزارة الهجرة والمهجرين سيكون لها موقف من خلال التنسيق مع الحكومة السويدية لاسترداد الشخص المطلوب وضمان عدم تكرار هذه الحادثة».
في السياق، دعا النائب عزيز شريف المياحي، إلى «توقيع وثيقة عهد أممية» تجرم الدول التي تسمح بالتجاوز وإهانة المقدسات الدينية.
وقال في بيان إن «استمرار استهداف المقدسات الإسلامية وإحراق المصحف الشريف ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، طالما كانت المواقف الإسلامية لا تتعدى الاستنكار والتنديد ورسائل الاحتجاج، ولنضع أنفسنا مكان الآخرين، فلو قام مسلم بإحراق أي كتاب مقدس لدى باقي الديانات فهل سيكون الموقف كموقفهم؟ بالتأكيد لا. نحن أمة أوجب ديننا علينا احترام الأديان والكتب المقدسة كجزء من إيماننا، ولم ولن ننجر لمثل هكذا تصرفات صبيانية رخيصة».
وطالب بـ«موقف حازم من خلال توقيع وثيقة عهد من جميع الدول تجرم وتحرم هكذا عمل وتعاقب أي دولة مهما كانت في حال سمحت أو تهاونت مع هكذا تصرفات» مبينا أن «الحق لا يؤخذ إلا بالقوة وقد مكننا الله بالقوة الاقتصادية وهي سلاح ترضخ له اقوى الأمم وأعتاها، ما يجعلنا ملزمين بتوحيد الموقف الإسلامي عمليا وليس فقط نظريا بتفعيل العقوبات الاقتصادية والمقاطعة التجارية لجميع الدول الداعمة لهكذا سياسات تثير النعرات الطائفية وتدعم الفكر الإرهابي، لأننا بصمتنا محاسبون أمام الله عن تخاذلنا في نصرة ديننا وانصياعنا لملذات الحياة الفانية على حساب نصرة الإسلام ولن يرحمنا التاريخ إن تكررت تلك الأفعال المشينة».