أضاحي غزة.. التقسيط سيد الموقف

رام الله الإخباري

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة بقطاع غزة، يتجه عدد كبير من الفلسطينيين لشراء أضاحي العيد من خلال آليات الدفع بنظام التقسيط أو الآجل.

وتوفر مزارع ومؤسسات الأضاحي في غزة تسهيلات الدفع للمواطنين لتمكينهم من تطبيق شعيرة ذبح الأضحية بسهولة أكبر، في ظل غلاء سعر الأضاحي في العام الجاري.

محمد عبد الله (39 عاما)، أحد سكان القطاع، قال إنه “يعكف منذ نحو 3 سنوات على شراء أضحية العيد من خلال تقسيط سعرها وتوزيعه على مدار العام”.

وأوضح أن هذا النظام “يسهل على الموظفين أصحاب الدخل المحدود والذين لا يستطيعون تحمل عبء دفع سعر الأضحية بنظام النقد”، مبينا أنه “اعتمد هذه الآلية بعد معرفته بأن الشرع أجازها”.

فتوى شرعية

وفي 13 يونيو/ حزيران الجاري، أوضح الشيخ إحسان عاشور، مفتي محافظة خان يونس (جنوب)، في تدوينة على فيسبوك، “ثلاثة أحوال لشراء الأضحية بالتقسيط؛ الأول جواز شراء الأضحية من التاجر دون وساطة، فيما لا يمانع أن تقوم جهة ما بكفالة الموظف المضحي بثمن الأضحية شرط ألا يتقاضى شيئا مقابل ذلك”.

وأما الحالة الثانية تتعلق بـ”وجود وسيط بين المشتري والتاجر كالبنوك أو الممولين، فهو غير جائز، كونه يعد قرضا ربويا”، فيما تنص الحالة الثالثة على أن “الوسطاء لو امتلكوا الأضاحي وحازوها في مزارعهم، جاز لهم بيعها بالتقسيط”.

تخفيف عن المواطنين

محمد عبد السلام، صاحب مزرعة جنوب قطاع غزة، أتاح هذا العام الشراء بالتقسيط قائلا إن هذه الآلية “تراعي الظروف المادية الصعبة للغزاويين غير القادرين على توفير ثمن الأضحية دفعة واحدة”.

وأضاف: “نرغب في أن تتمكن الفئات المتوسطة والفقيرة من تطبيق شعيرة الأضحية بما يرسم البهجة لدى تلك العائلات”.

ويصف عبد السلام (49 عاما) الإقبال على شراء الأضاحي بالتقسيط بأنه “مرتفع بشكل ملحوظ”، بخلاف الشراء بنظام الدفع الكامل الذي يقول إنه “ضعيف”.

وتابع: “نظام التقسيط يشجع المواطنين على شراء الأضاحي، لأن ذلك يتيح لهم الدفع بمبالغ متدنية كل شهر، وهذا من باب التسهيل وتعزيز التكافل الاجتماعي بين المواطنين”.

وتتراوح فترة سداد ثمن الأضحية المُقسّطة من 6 إلى 12 شهرا خلال العام، وفق عبد السلام.

ويذكر صاحب المزرعة أن “عددا كبيرا من المزارع تتعامل بهذه الآلية لتحقيق هدفين؛ الأول يتمثل بزيادة الإقبال على الشراء، والثاني للتخفيف من معاناة الشعب المُحاصر”.

تخفيضات بالأسعار

بدوره، قال المدير التنفيذي لمزرعة أبو زور للمواشي، أحمد بدوي، إن مزرعته “تعرض الأضاحي للبيع بسعر الجملة، ضمن تخفيضات تحرمهم من هامش الربح، لتشجيع المواطنين على الشراء والتخفيف من وطأة ظروفهم القاسية”.

وأوضح بدوي أن “الإقبال على شراء الأضاحي بنظام الدفع الكامل ضعيف هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة”.

وأشار إلى أن “نسبة التراجع في الإقبال وصلت إلى نحو 30 بالمئة، نتيجة إلى هامش الغلاء الذي طرأ على أسعار الأضاحي”.

وقال إن “هامش الغلاء لا يعد كبيرا، إلا أنه أثر على المواطنين، وأضاف أن “الأيام الأخيرة تشهد عادة نشاطا واسعا بمزارع وأسواق الأضاحي، إلا أن هناك تراجعا خلال هذه الفترة”، معربا عن “أمله في تحسن الحركة في الساعات القادمة” قبيل عيد الأضحى.

حركة نشطة

من جانبه، قال متحدث وزارة الزراعة بغزة أدهم البسيوني، إن “آلية البيع بالتقسيط أو الدفع الآجل جعلت نسبة الإقبال على شراء الأضاحي كبيرة”.

وأضاف: “هذا الأمر ساعد فئات متعددة خاصة موظفي قطاع غزة (لا يتقاضون رواتب كاملة بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها اللجنة الحكومية التي تديرها حماس) في شراء الأضاحي”.

وأوضح البسيوني أن “مزارع ومؤسسات وجمعيات عديدة قدمت تسهيلات للموظفين وغيرهم من المواطنين من أجل شراء الأضاحي”.

وفي 16 يونيو الجاري، أعلنت وزارة المالية بغزة (تديرها حماس) عن مشروع “الأضحية بالتقسيط الخاص بموظفي القطاع”.

وذكر البسيوني أن “تعدد آليات الدفع تأتي في إطار التنافس بين مزارع الأضاحي لزيادة نسبة المبيعات لديهم”.

وأشار أن “إجمالي الأضاحي المتوقع بيعها خلال موسم عيد الأضحى يبلغ نحو 39 ألف أضحية، بينهم 17 ألف من العجول، و22 ألف من الخراف، وهي ذات الكمية التي تم استهلاكها العام الماضي”.

وزاد: “تم استيراد الأضاحي لهذا العالم بوفرة وبأنواع مختلفة، بما يتناسب مع الأذواق والقدرات الشرائية المتعددة”.

حصار إسرائيلي

ولفت البسيوني إلى أن “ارتفاع أسعار اللحوم يرجع إلى الغلاء العالمي في أسعار الأعلاف”، فضلا عن “مرور الأضاحي المستوردة بعدة محطات ودول قبل وصولها إلى غزة، الأمر الذي سبب ارتفاعا في تكلفة نقلها”.

وأضاف: “الحصار الإسرائيلي المستمر للقطاع لأكثر من 16 عاما، وعدم وجود منافذ تسويقية مباشرة لغزة، ينعكس بشكل سلبي على المواطنين والأسعار”.

وعن الأضاحي المحلية، قال إن “كافة العجول يتم استيرادها من الدول الأوروبية، فيما تصل نسبة الخراف المحلية من إجمالي ما يطرح في الأسواق إلى نحو 20 بالمئة فقط”.

واعتبر المسؤول أن “نسبة العجول المحلية في السوق قليلة مقارنة بالمستورد”، مرجعا ذلك لأن “تربية أعداد كبيرة من المواشي تحتاج لمساحات زراعية كبيرة غير متوفرة”.

وأوضح أن “هامش المخاطرة العالي جدا في ظل تغيرات الأوضاع بغزة (الحروب والاعتداءات الإسرائيلية العسكرية)، يسهم أيضا في تراجع نسبة العجول المحلية، لذا فإن القطاع يعتمد على مدار العام على المواشي المستوردة”.

وشهد العام الماضي حركة نشطة لأسواق المواشي بمشاركة المؤسسات والجمعيات الخيرية التي توزع اللحوم على العائلات الفقيرة، وفق البسيوني.

القدس العربي