مختصون يحذرون: السودان على شفا كارثة اقتصادية وإنسانية كبيرة

محمد عثمان وطفله كانا يعيشان حياة طبيعية دون خوف أو قلق؛ فالأب كان يخطط لابنه الذي لا يتجاوز 5 سنوات، مستقبلاً مشرقاً بالتعليم، إلا أن الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع جعلته عاطلاً عن العمل، بعد أن توقفت عجلة الحياة الاقتصادية في العاصمة الخرطوم.

ويقول محمد عثمان لـ"إرم نيوز": "كنت أعمل في إحدى شركات الاستثمار بالخرطوم، ولكنني الآن عاطل عن العمل، بسبب الحرب التي قضت على أغلبية المؤسسات الخدمية وشلّت الحركة الاقتصادية في البلاد.. لا أستطيع توفير مطالب البيت، لذلك أرسلت أسرتي إلى ولاية الجزيرة لتكون في أمان".

وأوضح أن "الحالة الاقتصادية في البلاد شبه متوقفة، وكل مؤسسات الدولة لا تعمل، لذلك ارتفعت نسبة الفقر والبطالة إلى 85%.. و90% من المواطنين لا يستطيعون جلب مستلزماتهم اليومية بالكامل".

وأضاف: "تم تدمير كثير من الأسواق والبنوك والمصانع، وهذا ما أثر بصورة مباشرة على اقتصاد البلد وحياة المواطن الذي يعاني أصلاً من نار الحرب والمجاعة في نفس الوقت".

وبدوره، قال الدكتور هيثم فتحي، وهو خبير اقتصادي، إن "آثار هذه الحرب على الاقتصاد السوداني تمثلت في انكماش الناتج القومي الإجمالي، مع ارتفاع مستوى البطالة والفقر بصورة عالية جداً، وصاحب ذلك كساد تجاري جراء ضعف القدرة الشرائية وانعدامها، مع انهيار جزء مقدر من المؤسسات (التجارية، والصناعية، والبنوك، وشركات التأمين).

وأوضح فتحي، لـ"إرم نيوز"، أن "حركة الصادر والوارد وتوقف تحصيل الضرائب مع ضعف النشاط التجاري وهروب المستثمرين ستؤدي إلى انهيار ميزانية الدولة وعدم قدرتها على دفع مرتبات جميع قطاعات العاملين بها، لذلك فالسودان سيمر بكارثة إنسانية واقتصادية كبيرة جراء هذه الحرب".

وأكد أن "استخدام الأدوات الاقتصادية لتحقيق الأهداف السياسية الخارجية للدول واحدة من أقدم الأدوات المستخدمة في العلاقات الدولية، إلا أن التركيز على مبدأ المساعدات الاقتصادية والمنح بعد الحرب العالمية الثانية أصبح من أهم الأدوات الثابتة والأكثر تأثيراً في عالمنا المعاصر".

وأضاف: "في تقديري موضوعياً، ليس بمقدور السودان وحده في وضعه الراهن على الصعد الداخلية والخارجية استعادة عافيته والنهوض مجدداً، وبالتالي بات ضروريا العمل بما يشبه مشروع "مارشال" دوليا يتوازى فيه المساران السياسي والاقتصادي، فما يوفره الاقتصاد من تلبية للاحتياجات كافة يتطلب رؤيةً، بل خطة سياسية، تعالج الوضع الداخلي وتؤمن الاستقرار لشعب السودان تمهيداً للنشاط الاقتصادي الذي يجلب النمو والازدهار".

وأشار إلى "ضرورة ترجمة الإرادات السودانية والدولية لبرامج وخطط، وعندها تصبح المعادلة قائمة على رعاية واحترام المصالح، مع القوى الإقليمية والدولية، عبر عملية تفاعلية تعود بمردودها الإيجابي على أمن واستقرار الجميع".