مؤشرات لموسم حصاد ضعيف في الأغوار

رام الله الإخباري

تظهر أراض زراعية كمروج صفراء متموجة في سهل أم القبا بالأغوار الشمالية، بعد الانتهاء من حصاد محصولي القمح والشعير قبل أيام.

ويعطي اللون الأصفر الذهبي دلالة ثابتة على الولوج في موسم الحصاد الحقلي في تلك المناطق.

وتمر الأغوار الشمالية منذ شهر تقريبا، في حركة دؤوبة ومتواصلة للآلات والمعدات الزراعية المختلفة ذات العلاقة بحصاد المحاصيل الحقلية، يعيش الفلاحون معها طقوسا محدودة الوقت لجمع البذور، والقش، والتبن، والبالات.

ولموقعها الجغرافي الذي تكون فيه درجة الحرارة أعلى من طوباس، دور كبير في بدء موسم الحصاد مبكرا.

فبعد سبعة أشهر من بذر حبوب المحاصيل البعلية في التربة، يحصل المزارعون على نتاجها.

وحتى اليوم، لا أرقام نهائية عن كمية الإنتاج، وذلك أن عملية الحصاد ما زالت مستمرة، ولا يمكن الخروج بأرقام نهائية قبل الانتهاء بشكل كلي من الحصاد، وتوثيق البيانات المتعلقة بكميات الإنتاج.

لكن هناك نظرة مبدئية تعطي توقعا أن الموسم الحالي ضعيف الإنتاج.

يقول لؤي أبو محسن: "حصدنا 200 دونم مزروعة بالقمح والشعير، بعضها أنتج 30 كغم/ دونم، والآخر لم يتجاوز 70 كغم/ دونم".

"هناك 20 دونما أنتجت فقط عشرة أكياس(..)، هذا موسم للنسيان"، أضاف أبو محسن.

ويؤكد مدير زراعة الأغوار هاشم صوافطة الكلام ذاته، وقال لـ"وفا"، إن "الموسم الحالي ضعيف للغاية".

وبالأرقام التقديرية الرسمية، يبلغ متوسط إنتاج الدونم الواحد من القمح 100 كغم، ويمكن أن يتجاوز ضعف هذا الرقم إذا كانت الأرض مزروعة بمحصول آخر مروي قبل زراعتها بالمحصول الحقلي.

وفي منطقة متوسط الموسم المطري متدنٍ، تأثرت الزراعة الحقلية هذا الموسم بشح المياه، وعدم انتظام تساقط المطر .

يقول أبو محسن: "لم ينمُ المحصول بشكل كاف؛ بسبب شح مياه الأمطار فكان الإنتاج ضعيفا".

ويقول صوافطة: "كان لتباعد سقوط المطر سببا رئيسيا بضعف الإنتاج".

وحتى الحديث عن باقي مخرجات الحصاد، فإن ما يجنيه المواطنون هذا الموسم من "التبن" وهو سيقان المحصول بعد درسها، أو البالات كان ضعيفا.

ويضيف أبو محسن، وهو سليل عائلة  تحترف الزراعة الحقلية لإطعام ماشيتها: "اضطررنا لشراء الأعلاف، والتبن من التجار".

"هناك أراض لم تنمُ سيقان القمح والشعير فيها بسبب الجفاف وقلة الأمطار، ولذلك لم تستطع آلات الحصاد من حصادها"، قال صوافطة.

وقبل الاعتماد على الآلات في الحصاد، كان موسم الحصاد لدى الفلسطينيين، يرتبط بالعمل، ويمضي الفلاحون في ذلك أياما متتالية.

ولا يقتصر الحديث عن موسم الحصاد فقط على الأرقام وإن كانت ذي أهمية بالغة، وإنما في واحدة من أكثر المناطق استهدافا، يسابق الفلسطينيون الزمن لاستمرارية الحياة في أراضيهم.

فعمل الفلسطينيين على حصاد محاصيلهم الحقلية في منطقة تتكالب عليها الآلة العسكرية الإسرائيلية، ووحش الاستيطان، هي قصة يمكن روايتها على ألسنة الأجيال المتعاقبة.

ويظهر ذلك بوضوح للعيان.

يقول صوافطة: يزرع الفلسطينيون في الأغوار 20 ألف دونم بالمحاصيل الحقلية، يتربع على عرشها محصولا القمح والشعير.

لكن في التقديريات الرسمية، فإن مساحة الأراضي البعلية القابلة للزراعة في الأغوار الشمالية تصل إلى 50 ألف دونم، وبسبب التدريبات العسكرية فإن الفلسطينيين لا يزرعون غير 20 ألف دونم منها.

ذاته صوافطة أخبر مراسل "وفا"، أن مساحة الأراضي المزروعة بالمحاصيل البعلية كانت قبل سنوات أكثر.

ومنذ انتشار ظاهرة البؤر الاستيطانية بدأت مساحة الأراضي الزراعية البعلية بالتناقض، شأنها شأن الأراضي الرعوية التي أصبحت تحت يد المستوطنين.

"هذه هجمة مركزة لإحكام السيطرة على الأغوار"، قال صوافطة.

يقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة: "يستولي المستوطنون على حوالي 7 آلاف دونم من الأراضي الزراعية التي كانت بالأصل أراض يزرعها الفلسطينيون بالمحاصيل الحقلية".

منذ أيام، أمكن رؤية آلات الحصاد الثقيلة وهي تجوب الأراضي الزراعية البعلية، في واحدة من المناطق التي تشتهر بزراعة المحاصيل الحقلية.

وعلى أقل تقدير، تشير المعطيات إلى أنه لن يتم الانتهاء من حصاد المحاصيل التي تحتاج للآلات الثقيلة، قبل العاشر من الشهر المقبل.

يقول أبو محسن: "هناك مناطق لا يسمح لنا العمل إلا يومي الجمعة والسبت(..)، نحن محكومون بقرارات الاحتلال التعسفية".

ويوضح دراغمة، هو شاب ينشط في توثيق انتهاكات الاحتلال: "دمر المستوطنون هذا العام (بشكل كلي أو جزئي)، قرابة 1000 دونم من المحاصيل البعلية(..)، والآن ترعى الماشية القش في بعض الأراضي التي استطاع المواطنون حصادها".

وفا