تبخرت آمال المستثمرين بحدوث انتعاش في الأسواق التركية، الإثنين، بعد أداء رجب طيب أردوغان القوي في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة التي أجريت يوم الأحد.
فقد حقق أردوغان نتيجة أفضل من المتوقع في هذه الجولة؛ ما يمنحه تقدمًا مريحًا في الجولة الثانية يوم 28 مايو/ أيار ويُسكت الحديث عن نهاية سنوات بلغ فيها التضخم ذرى قياسية وعصفت بها أزمات العملة المتكررة.
وفي معرض تعليقه على فرص فوز كليجدار أوغلو، منافس أردوغان، وبالتالي حدوث تغيير جاد في السياسات الاقتصادية، قال كيران كيرتس رئيس ديون العملات المحلية في الأسواق الناشئة لدى أبردن: "الأمل مات".
وأضاف أن "من المرجح للغاية أن يتحول مؤيدو المرشح القومي سنان أوغان، الذي حل في المركز الثالث، لدعم أردوغان في جولة الإعادة، الأمر الذي "يعني أن أردوغان سيعود".
وقال كورتيس: "لقد عدنا أدراجنا، وهذا يعني أن احتياطيات العملات الأجنبية ستستمر في التراجع إلى أن يكون لدينا مجموعة من السياسات الاقتصادية المنطقية".
ومع ذلك، يرى آخرون جانبًا إيجابيًّا في ذلك، إذ بات من غير المحتمل التشكيك في نتائج الانتخابات وحدوث اضطرابات مدنية محتملة.
غير أن السؤال الكبير الذي يُطل برأسه الآن يتعلق بمصير السياسات الاقتصادية التي أصبحت غير تقليدية على نحو متزايد في عهد أردوغان.
وجاء رد الفعل الأولي للسوق على نتائج الانتخابات عنيفًا أمس الاثنين، فالليرة التركية انخفضت إلى أدنى مستوى لها في شهرين بينما كان التراجع أشد في أسهم البنوك والسندات الحكومية بالعملة الصعبة.
ويقول المحللون إن الليرة تُدار بإحكام حاليًّا، بعد أن خسرت نحو 95% من قيمتها مقابل الدولار على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، فيما راح مديرو صناديق الأموال الدولية يبيعون السندات المقومة بالليرة ويقلصون حيازاتهم من الأسهم.
وقالت أوموتوند لاوال رئيسة ديون الشركات في الأسواق الناشئة لدى بارينجز: "من المرجح أن تكون السنوات الخمس المقبلة صعبة للغاية بالنسبة لتركيا"، مشيرة إلى "الانقسامات داخل المجتمع وخطر المزيد من التقلبات على الليرة".
وأضافت: "هناك خطر يتمثل في أن تلجأ الحكومة إلى إجراءات مثل تقييد معاملات النقد الأجنبي للأفراد أو الشركات أثناء محاولتها السيطرة على سعر الصرف"؛ ما سيجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للشركات وفق قولها.
وقال محللون في "جيه بي مورجان" إنه بافتراض فوز أردوغان، فإن السياسة المالية التركية ستظل توسّعية لأنه يفي بوعوده في الإنفاق على حملته لزيادة الدخل وإعادة بناء البلاد بعد زلزال فبراير/ شباط.
وفي الفترة السابقة، توقع البنك أن تنخفض العملة التركية إلى 30 ليرة مقابل الدولار ما لم يحدث تحول واضح نحو السياسات التقليدية، لكن محلليه أشاروا إلى أن أسواق "العقود الآجلة للعملات" شهدت تحركات حادة أمس الإثنين.
ومع استمرار التضخم فوق 40$، كان من المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة التركية من 30 إلى 40 في المئة أو حتى 50 في المئة من مستواها الحالي البالغ 8.5% لو فاز تحالف المعارضة. لكن لم يعد ذلك مطروحًا الآن.
وقال بنك جيه بي مورجان: "استمرار السياسات من شأنه أن يحد من تقلبات النقد الأجنبي"، إذ سيبحث فريق أردوغان الاقتصادي عن التقليل من التغييرات وتقلبات العملات الأجنبية.
وعلى الرغم من أن فترة العطلة الصيفية غالبًا ما تخفف الضغط على الليرة عندما يجلب السائحون اليورو والدولار والجنيهات الإسترلينية، قال روب دريكونينجن، الرئيس المشارك لديون الأسواق الناشئة في نويبيرجر بيرمان، إن السؤال هو "ماذا سيحدث على المدى الطويل".
فإذا بدأ الأتراك في سحب الأموال، وخاصة المدخرات الدولارية، فإن البنوك قد تعرض قدرة الحكومة على سداد الديون للخطر مرة أخرى، غير أن ذلك سيمثل فقدانًا كبيرًا للسيطرة.
وبينما يزيد اقتراض تركيا، لا يزال لديها مستوى منخفض نسبيًّا من الديون كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من أن ذلك سيتغير سريعًا في حال حدوث أزمة مكتملة الأركان.
وقال دريكونينجن: "شهدنا هذا الوضع منذ عامين... هذه هي الحقيقة، فلا أحد لديه فكرة جيدة عما يمكن أن يؤدي إلى أزمة حقيقية."