حذر تحليل لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، من التأثيرات المحتملة للصراع العسكري في السودان على تفجير الأوضاع في دول الجوار كتشاد وأفريقيا الوسطى.
وقال كاتب التحليل فولاهانمي آينا، الزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: "في الواقع، هناك احتمال قوي بأن يكون للحرب في السودان تأثير الدومينو عبر حوض تشاد والساحل الأفريقي المضطرب بالفعل". وتابع: "نظرًا لقرب السودان من تشاد- البلد الذي عانى من الأنشطة المدمرة للجماعات المتطرفة بما في ذلك بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب أفريقيا على مدار العقد الماضي، وأيضا جمهورية أفريقيا الوسطى، وبالنظر إلى الاقتتال الداخلي في المناطق الحضرية في البلاد، مثل منطقتي الخرطوم ودارفور، وما يتبعها من نزوح جماعي، فسيكون للحرب عواقب وخيمة على السلام والأمن الإقليميين".
انتشار الأسلحة
وأضاف الكاتب: " تتمثل إحدى نتائج الصراع السوداني في الانتشار المتوقع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في جميع أنحاء المنطقة؛ وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى اتساع تجارة الأسلحة غير المشروعة بسبب إنشاء ممرات تهريب جديدة. وتزداد هذه المشكلة تعقيدًا بسبب الحدود الرخوة في المنطقة، والناتجة عن الانتشار الواسع للأماكن المتنازع عليها، كما هي الحال في بوركينا فاسو وتشاد ومالي والنيجر ونيجيريا".
ويتابع: " تعزز هذه المناطق المتنازع عليها مخاطر وقوع هذه الأسلحة في الأيدي الخطأ، مثل أيدي الجماعات المتطرفة".
أطراف دولية
وتوقع التحليل ألا يتوقف تأثير الصراع على الأطراف الإقليمية فقط، بل ربما يجر قوى دولية لها مصالح في المنطقة، وقال: "مع وقف إطلاق النار الهش، من المتوقع أن يتدهور الوضع في السودان خلال الأيام المقبلة. وإذا تُرك الصراع بلا احتواء، فقد يتحول بسهولة إلى حرب إقليمية واسعة النطاق. وبالنظر إلى أن جهات فاعلة خارجية مثل الصين وفرنسا وروسيا لها مصالح نشطة في حوض تشاد والساحل؛ فإن هذه الدول يمكن أن تنجر بسرعة إلى الحرب أيضًا".
وقال الكاتب إن من القضايا التي تثير القلق بشكل خاص، مع اتساع الصراع، "فرصة توسيع نطاق وجود مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية"، مشيرًا إلى نشاطات المجموعة خلال الأشهر الماضية في المنطقة: "في فبراير وحده، شاركت مجموعة فاغنر في جهود لتجنيد المتمردين التشاديين وإنشاء موقع تدريب لـ 300 مقاتل في جمهورية أفريقيا الوسطى".
وإضافة لروسيا والصين، لفت الكاتب إلى أن فرنسا، التي غادرت مالي إلى النيجر العام الماضي، لا تستطيع تحمل رؤية السودان ينهار من الداخل، لا سيما مع ضعف تشاد الصارخ وعدم قدرتها على درء التهديدات الخارجية.
وأضاف أنه "يمكن قول الشيء نفسه عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكلها لها مصالح في المنطقة. هذه الجهات الفاعلة، على سبيل المثال، تحتاج إلى ضمان الاستقرار الإقليمي لضمان التجارة الدولية؛ لا سيما في ضوء التهديد الذي تشكله المغامرة السياسية والاقتصادية لروسيا والصين في هذه المناطق".
ضغط الوضع الإنساني
وفي بُعد آخر لتأثير الصراع، يلفت الكاتب إلى أن كلًّا من حوض تشاد والساحل يعد موطنًا لبعض أفقر سكان العالم، ويمكن أن تؤدي الأزمة التي تتصاعد في السودان إلى تدهور الوضع الإنساني في جميع أنحاء هذه المناطق. ويخلص: "من دون شك، سيضع هذا ضغطًا إضافيًّا على الدول الأخرى في المنطقة".
وانطلاقا من الظروف المأساوية للسكان، يضيف الكاتب أن الهروب من مناطق النزاع من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم أزمة النزوح الناجم عن النزاع المسلح في جميع أنحاء المنطقة؛ ما يوفر وسيلة محتملة لتجنيد المزيد من الفئات السكانية الضعيفة من قبل المنظمات المتطرفة.
ما الحل؟
وعن رؤيته للحل، يختتم آينا تحليله بالقول إن "إنهاء الصراع في السودان يتطلب عملية سلام خالية من المواجهات العسكرية. يجب أن يلتزم الطرفان المتحاربان بالاتفاق (الإطاري) القائم بالفعل، والذي كان من المقرر توقيعه في الأول من أبريل، وهي مهمة رغم كونها شاقة لكنها ليست مستحيلة.