يواجه السودانيون خصوصًا في العاصمة الخرطوم أزمة حادة في انعدام السيولة النقدية، جراء تعطل عمل المصارف، منذ اندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وبسبب خروج المصارف عن الخدمة في الخرطوم، أصبحت أجور آلاف الموظفين في القطاعين العام والخاص، تواجه مصيراً مجهولاً، إذ تلقى موظفو بعض الشركات الخاصة رسائل نصية تعتذر لهم عن منحهم أجورهم لشهر نيسان/ ابريل، بسبب ظروف الحرب، وتعدهم بدفعها فور عودة المصارف للعمل.
وتعتبر العاصمة الخرطوم مركزًا لكل المصارف والبنوك والخدمات الأخرى التي تقدمها الدولة للمواطن، ولا توجد مدينة بديلة، يمكنها تقديم ذات الخدمة حال تعذرها في الخرطوم.
في هذا الإطار، قال المتحدث باسم لجنة المعلمين، سامي الباقر، إن "نحو 240 ألف معلم باتت أجورهم في "كف عفريت" جراء الحرب المندلعة بين الجيش والدعم السريع، التي تسببت في إغلاق المصارف بما فيها بنك السودان المركزي".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المعلمين لم يصرفوا رواتب شهر أذار/مارس، بسبب فشل الدولة بتوفيرها في وقتها، فيما جاءت الحرب لتفاقم الأزمة، حيث تراكم أيضا راتب شهر أبريل/ نيسان، ومن غير الواضح متى تتمكن الدولة من صرف الأجور".
وأردف الباقر أن "استمرار الحرب سيخلف اثاراً كارثية على كل العاملين بأجر، خصوصًا قطاع التعليم الذي يعاني فيه المعلم من ضعف الأجور، وتردي البنية التعليمية، ومن غير المعروف متى تنجلي الأزمة الحالية لتعود الحياة لطبيعتها".
ومنذ اندلاع الحرب في الـ 15 من نيسان/ أبريل الجاري، أغلقت المصارف أبوابها وتوقفت خدمة التحويلات المالية عبر التطبيقات البنكية على الهواتف، كما أن أغلب المتاجر والشركات وتجار العملة، الذين يحتفظون بسيولة نقدية ضخمة خارج النظام المصرفي، أصبحوا خارج سوق العمل بسبب الحرب.
ولا يلوح في الأفق أي بوادر حل لأزمة السيولة النقدية، ما لم تنته الحرب، لجهة أن المنطقة التي تتواجد فيها مقرات البنوك والمصارف أصبحت اليوم ثكنة عسكرية، غير صالحة لإستعادة الحياة المدنية الطبيعية فيها، ما لم يتم تفريغها من الجيوش وتنظيفها من مخلفات الحرب كالمتفجرات وغيرها.
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي، لـ"إرم نيوز"، أن "تعطيل عمل الجهاز المصرفي سيؤدي إلى شلل في المعاملات المصرفية، ويتسبب في أزمة سيولة نقدية ستزيد من معاناة المواطنين"، داعيا إلى "ضرورة الزام الأطراف المتقاتلة بتأمين استمرارية خدمة عملاء البنوك، لتجنيب البلاد كارثة الانهيار الاقتصادي".
واقترح قتحي "استئناف المصارف أعمالها عبر قنوات يحددها كل مصرف حسب عدد فروعه وانتشاره الجغرافي وعدد عملائه ونوعية خدماته الالكترونية مع توفر وسائل لعمليات المؤسسات التجارية والتعليمية والصحية وسواها عبر الصرافات الآلية للجميع".
من جهته، قال عمر محمد العريق، وهو مالك متجر للأكسسوارات في إحدى الأسواق الطرفية جنوب مدينة امدرمان، لـ"إرم نيوز" إن "العمل متوقف بسبب انعدام السيولة النقدية، لدى المواطنين"، مشيراً إلى "توقف عدد من التطبيقات البنكية على الهواتف الذكية التي تتعامل بالأموال الرقمية"، موضحا أن "حركة السوق متوقفة تمامًا، والمواطنين الذين يمتلكون بعض الأموال حصروها في شراء المواد الغذائية والمستلتزمات الضرورية للحياة، بينما تخلوا عن شراء أي مواد لا تتعلق بالطعام والشراب".
وتبعًا لأزمات الحرب المتلاحقة في السودان، توقفت خدمة تحويل الرصيد بشركة "زين" للاتصالات، وهي واحدة من أكبر الشركات العاملة في البلاد، الأمر الذي جعل مشتركيها عاجزين عن إجراء الاتصالات أو تفعيل خدمات الإنترنت، كما توقفت خدمة شراء وحدات الكهرباء عبر التطبيقات البنكية على الهواتف.