ترجيحات بتوسيع "اتفاق أضنة" للدفع بالمصالحة بين تركيا وسوريا

 يستبعد محللون أن تستجيب تركيا لمطالب النظام السوري بشأن انسحاب القوات التركية من مناطق شمال سوريا للمضي قدما في تطبيع العلاقات، مرجحين أن تمضي أنقرة في توسيع بنود “اتفاق أضنة” لعام 1998 بين الجانبين كاستجابة جزئية لشروط بشار الأسد.

ويرى المحلل السياسي غازي دحمان أن “تركيا تريد توسيع اتفاقية أضنة لتشمل حق الدخول مسافة 30 كيلومترا بدلاً من 5، وبعد ذلك، ربما يسعون لإيجاد صيغة لإشراك فصائل المعارضة مع قوات النظام في إبعاد قوات سوريا الديمقراطية ‘قسد’ الكردية عن المنطقة”.

واعتبر أن الجانب التركي في حال تحقيق تلك المعادلة سيستجيب جزئياً لمطالب النظام السوري بشأن دعم أنقرة لفصائل المعارضة.

وفي العام 1998 وقع النظام السوري، في فترة حكم الرئيس السابق حافظ الأسد، وأنقرة اتفاقا في مدينة أضنة جنوبي تركيا، عقب أزمة أدت إلى توتر العلاقات وحشد تركيا لجنودها على الحدود السورية بهدف تنفيذ عمل عسكري، إلا أن وساطة شاركت فيها جامعة الدول العربية ومصر حالت دون ذلك.

ونصّت الاتفاقية آنذاك على تعاون سوريا التام مع تركيا في مكافحة الإرهاب عبر الحدود، وإنهاء دمشق جميع أشكال دعمها لحزب العمال الكردستاني، وإخراج زعيمه عبدالله أوجلان من ترابها، وإغلاق معسكراته في سوريا ولبنان ومنع تسلل مقاتليه إلى تركيا.

كما ضمن لتركيا الاحتفاظ بحقها في ممارسة الدفاع عن النفس وفي المطالبة بتعويض عادل عن خسائرها في الأرواح والممتلكات، إذا لم توقف سوريا دعمها لحزب العمال الكردستاني “فوراً”.

وكذلك نص على إعطاء أنقرة حق ملاحقة الإرهابيين في الداخل السوري حتى عمق خمسة كيلومترات، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة إذا تعرض أمنها القومي للخطر.

وكان الأسد قد اعتبر الخميس، وفق بيان صادر عن الرئاسة السورية، أن اللقاءات السورية – التركية برعاية روسيا يجب أن تكون مبنية على إنهاء “الاحتلال”، أي التواجد العسكري التركي “حتى تكون مثمرة”، وذلك في أوّل تعليق له على التصريحات التركية المتتالية التي تتحدث عن التقارب بين الدولتين بعد قطيعة استمرت 11 عاماً.

وفي نهاية الشهر الماضي التقى وزيرا الدفاع التركي خلوصي أكار والسوري علي محمود عباس في موسكو في أول لقاء رسمي على هذا المستوى بين الدولتين منذ بدء النزاع في سوريا في 2011، كما من المفترض أن يعقد قريباً لقاء على مستوى وزيري الخارجية.

وقال الأسد إثر لقائه المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف إنّ “هذه اللقاءات حتى تكون مثمرة فإنّها يجب أن تُبنى على تنسيق وتخطيط مسبقين بين سوريا وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سوريا من هذه اللقاءات انطلاقاً من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب”.

وفي الفترة الأخيرة دأب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إعلان رغبته في عقد لقاء مباشر مع الأسد، وأنه عرض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد قمة ثلاثية تجمعهما مع الأسد. وحافظت دمشق على صمتها خلال الأشهر الماضية، وهذا أول تعليق من الأسد على فكرة التقارب مع أنقرة.

ومنذ العام 2016، إثر ثلاث عمليات عسكرية ضد المقاتلين الأكراد، باتت القوات التركية وفصائل سورية موالية لها تسيطر على منطقة حدودية واسعة في شمال سوريا.

وقدمت تركيا على مر السنوات الماضية دعماً للمعارضة السياسية والفصائل المقاتلة في سوريا.

ويسود الاعتقاد بأن الرئيس التركي لن يفكر سوى في مصالح بلاده خلال الاتفاق مع دمشق، وأنه يمكن أن يجبر المعارضة السورية على القبول بصفقة قد تجعلها في مواجهة مباشرة مع نظام بشار الأسد دون ضمانات ودون أيّ اتفاق تفصيلي بشأن إدماج المعارضة في المرحلة القادمة في سوريا، ودون معرفة ما إذا كانت عودتها ستتم ضمن مصالحة سورية – سورية أم سيتم التعامل معها وفق الخيار الأمني، ما يمكّن الأسد من فرصة كبيرة لتصفية خصومه.

ودخل الصراع في سوريا عقده الثاني وأودى بحياة مئات الآلاف وشرد الملايين وتورطت فيه قوى إقليمية وعالمية، لكن حدة القتال بدأت تنحسر مؤخرا.

واستعادت حكومة الأسد معظم الأراضي السورية بدعم من روسيا وإيران. ولا يزال مقاتلو المعارضة المدعومون من تركيا يسيطرون على جيب في شمال غرب البلاد، كما يسيطر المقاتلون الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة على منطقة بالقرب من الحدود التركية.

ولا تدعم واشنطن إعادة الدول للعلاقات مع الأسد. ودخلت الولايات المتحدة في شراكة مع قوات سوريا الديمقراطية بقيادة الأكراد، والتي تضم وحدات حماية الشعب الكردية، في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

ويقول مراقبون إن ما يهم أردوغان هو التوصل إلى اتفاق مع الأسد حول تأمين حدود تركيا، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، وإنه إذا حصل على الضمانات التي يبحث عنها فسيصبح من السهل عليه تسليم مناطق سيطرة المعارضة الحالية إلى دمشق دون البحث عن مخرج يضمن سلامة المجموعات التي تحالفت معه لسنوات.