تجار طولكرم: من بين 10 زبائن يدخلون المحلات يكون مشتر واحد

اسواق طولكرم

رام الله الإخباري

أصابت الدهشة المواطنة (أ.م) عندما أخبرتها العاملة في محل بيع ملابس الأطفال عن سعر قطع الملابس التي اختارتها لأبنائها الخمسة، وقالت: "الأسعار غالية جدا، لم يمر علينا مثل هذا الغلاء، الأمر لم يقف على الملابس، تنتظرنا متطلبات كثيرة للعيد اختصرنا الكثير منها، ولكن لا يمكن أن نختصر ملابس للأطفال".

حال هذه المواطنة فضلت عدم ذكر اسمها، كحال متسوقين يأتون من كل حدب وصوب، من قرى وبلدات وضواحي ومخيمات المحافظة، ومن الأراضي عام 1948، يقطعون المسافات من أجل شراء احتياجاتهم ومستلزمات أبنائهم خاصة الأطفال، وهم يرون بالعيد فرحة الأطفال بالملابس الجديدة و"العيدية".

والمتجول بأسواق المدينة في أسبوع ما قبل العيد تحديدا عند ساعات النهار، يرصد هدوء الباعة على غير العادة في مناسبات الأعياد بعد أن كانت أصواتهم المرتفعة تعلو قبل سنوات كطريقة لجذب أنظار المتسوقين، أما في ساعات المساء يكاد الناس لا يجدون مكانا للوقوف في الأسواق الرئيسية بسبب الاكتظاظ، ولكن قلة منهم يحملون أكياسا تدل على أنهم اشتروا احتياجات العيد، وسط محاولات الباعة إقناع المارة بالشراء، حيث أن حركة التسوق خجولة مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، فالمتسوق يرتاد أكثر من محل للسؤال عن الأسعار وقد يستمر ذلك عدة أيام، قبل أن يعود ويستسلم للشراء، ليجد نفسه محاطا بسلسلة من الالتزامات والاحتياجات التي لا نهاية لها.

يقول التاجر أبو رياض صاحب محل لبيع الملابس وسط مدينة طولكرم، المسمى بشارع باريس وهو الشارع التجاري الحيوي الذي يضم عدة مجمعات ومحال تجارية، ويكاد يكون الوحيد الذي يشهد اكتظاظا بالمواطنين وأزمة متسوقين خلال فترة الأعياد: "من بين 10 زبائن يدخلون المحل ويسألون عن الأسعار بعد تفقدها ربما مشتر واحد قد نحظى به، بعد سلسلة من المفاصلات على السعر".

وعانت فلسطين كما دول العالم قبل عامين من جائحة "كورونا" التي ألقت بظلالها السيئة على كافة مناحي الحياة خاصة الاقتصادية، وأدت لارتفاع نسبة الفقر في الضفة من 14% إلى 30% بعد الجائحة حسب معطيات وزارة التنمية الاجتماعية.

وأجمع عدد من التجار في لقاءات متفرقة مع مراسلة "وفا" أن الوضع الاقتصادي لم يتحسن بل زاد سوءا، وقالوا: "يبدو أننا دخلنا سنة كبيسة أسوأ من السنوات المنصرمة، حركة البيع خفيفة جدا".

وحدت ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الذي أقام جدار الفصل العنصري والحواجز العسكرية والبوابات وتحكمه بفتحها من دخول متسوقي أراضي العام 1948 الذين يشكلون دعامة أساسية في الاقتصاد الفلسطيني، واعتماد أسواق طولكرم عليهم، وأدى ذلك لتراجع الحالة الاقتصادية في المحافظة.

نداء علي إحدى الفتيات العاملات في محل لبيع ملابس الأطفال، لم تبد تفاؤلا بالحالة الاقتصادية في طولكرم، بقولها هذه ليست أسواق عيد، رغم أن الشوارع ما بعد ساعات المساء تكون مكتظة بالمواطنين ولكن المحلات تكون شبه خالية ومنها الخالية تماما.

فيما اعتبر التاجر عصام نصر الله صاحب محل لبيع الأدوات المنزلية، أن الوضع الاقتصادي في الأعوام الماضية كان أفضل من العام الجاري بقليل، حيث بالكاد يستطيع التاجر اليوم توفير سيولة لتغطية النفقات من أجرة المحلات والضريبة والماء والكهرباء واستيراد البضائع التي عزف الكثيرون عنها بسبب تكدسها لفترات طويلة داخل المخازن والمحلات، عدا عن مستلزمات الأسرة، ونحاول قدر الإمكان البيع بأسعار تناسب الجميع رغم الارتفاع الذي ضرب العالم، ولكن المواطن يعزف عن الشراء عندما نخبره بالسعر، ومحاولاتنا التخفيف عنه بتخفيض جزء يسير من السعر ولكن عبثا.

فيما كان للتاجر محمد عيسى صاحب محل لبيع الأحذية نظرة أخرى لأسباب تردي الحالة التجارية وهي تراكم الديون والقروض على المواطنين، وتزامنها مع فصل الصيف والعيد، كلها أصبحت أعباء تثقل من كاهلهم، وأصبحوا غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم تجاه أنفسهم وأسرهم.

ويقول مدير الاقتصاد الوطني في طولكرم جهاد شحادة لـ"وفا"، في ظل الوضع الاقتصادي الراهن في الأسواق، يكمن دورنا كوزارة في مراقبة إشهار الأسعار على السلع سواء في المحلات أو البسطات، من قبل طواقم حماية المستهلك، مع التأكد من تاريخ صلاحية المواد المختلفة خاصة السكاكر والحلويات ومتطلبات العيد من السلع الأساسية التي يكثر استهلاكها، بموجب قانون حماية المستهلك حفظا على صحة المواطنين.

من ناحيته، يشير رئيس الغرفة التجارية إبراهيم أبو حسيب، إلى أننا نعاني حاليا من تبعيات جائحة "كورونا"، والتي أثرت على الاقتصاد الفلسطيني، حيث هناك تراجع تجاري لدى التجار الذين لديهم التزامات كبيرة، ومنهم من أعلن إفلاسه، مشيرا أننا أصبحنا ننتقل من أزمة لأزمة، إضافة إلى إجراءات الاحتلال بحق شعبنا من حجز الأموال الفلسطينية، وتوقف ونقص المساعدات الدولية والتي أثرت جميعها على الحالة الاقتصادية.

وأوضح أن الاحتلال تعمد خلال الفترات الماضية تدمير الاقتصاد من خلال منع منح التصاريح للعمال وإغلاق البوابات التي تعتبر ممرا لهم للوصول إلى مصدر رزقهم، مشيرا أن نسبة عالية من دخل المدينة يأتي من العمال والصناعة وقليل من الزراعة، التي تقلصت بشكل كبير.

وأشار أبو حسيب إلى اهتمام الغرفة التجارية بالاقتصاد والتخفيف على المواطنين والمتسوقين وتنشيط الحركة التجارية خاصة خلال فترة الأعياد، حيث قامت بالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم وبالتعاون مع بلدية طولكرم، بفتح ساحات عدد من المدارس الرئيسية كمواقف مجانية للسيارات، ابتداء من يوم الأربعاء ولمدة ثلاثة أيام، من الساعة العاشرة صباحا وحتى الثانية بعد منتصف الليل، وذلك للتسهيل على الزوار سواء من أراضي 1948، والمحافظات الأخرى.

وفا