طالب الشيخ بسام جرار مفسر القرآن الكريم والإعجاز العددي، ممن يجد دليلا على عدم جواز طلب الرحمة لغير المسلم أن يقدمه له، مبينا أن هناك فرقا بين المغفرة والرحمة، وذلك في ظل حالة الجدل المثارة مؤخرا حول إمكانية الترحم على غير المسلمين.
وقال جرار في بيان له: "لم أجد من يُقدّم الدليل على حرمة الدعاء بالرحمة لغير المسلم"، موضحا أن نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة تنص على عدم جواز الاستغفار لمن تحققنا من موته على الشرك.
وأضاف الشيخ جرار: "مفهوم الرحمة أشمل من مفهوم المغفرة، ولا شكّ أنّ المغفرة فيها رحمة. ويُخطئ من يعكس فيزعم أنّ المغفرة تشمل مفهوم الرحمة، وعندما نقول لشخص: غفر الله لك. هذا يعني أنّه مؤاخذ، فنطلب له ستر هذه المؤاخذة وعدم الأخذ بها والمعاقبة عليها".
وتابع: "أمّا عندما نقول لشخص: رحمك الله، فهذا لا يُشعر بأنّه آثم أو مُؤاخذ؛ فقد يكون المقصود أن يرحمه الله فيهديه، أو يصلح باله، أو يهبه الصحة، أو يُخرجه من مصيبة، أو يخفف عنه في العقوبة، أو يغفر له ذنباً، أو لا يُعذّب في قبره، أو يُخرجه من فقره..ألخ".
وأوضح الشيخ جرار أن قول الله تعالى في حق الوالدين:" وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيراً"، لم يخصص الوالد المسلم دون غير المسلم، ومن يقول بالتخصيص فعليه بالدليل النّصي، من قرآن أو سنة.
وأكمل: "من زعم أنّ النّهي عن الاستغفار هو المخصص فقد ذهل عن أنّ الآية الكريمة: "وقل رب ارحمهما..."، تتحدث عن طلب الرحمة وليس عن طلب المغفرة.
وتابع الشيخ جرار: "إليك ما صحّ وأخرجه البخاري ومسلم:" أنّ العباس، رضي الله عنه، قال للنبي عليه السلام: "ما أغنيتَ عن عمّكَ، فإنّه كان يَحُوطُك ويغضبُ لك؟ قال عليه السلام:" هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النّار"، فهذا رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، قد تشفّع في عمّه أبي طالب بعد موته فخفف الله من عقوبته وهذا من الرحمة وليس من المغفرة".
وأضاف مفسر القرآن الكريم: "أمّا ما صحّ من أنّ اليهود كانوا يتعاطسون عند رسول الله عليه السلام رجاء أن يقول لهم: يرحمكم الله. فهذا مما يؤيّد ما نقول به، لأنّ الرسول، عليه السلام، كان يقول لهم:" يهديكم ويصلحُ بالكم"، أي يدعو لهم بالهداية وإصلاح البال، وهذا أعظم رحمة ممكن أن تتنزل على إنسان".
وتابع: "أمّا استشهادكم بتحية الإسلام، فأنا أسأل:"إذا قال لك غير مسلم:"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فماذا يكون ردّكم حفظكم الله؟! والله تعالى يقول:" وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا؟".
وشدد جرار على أنه لا يجوز طلب الرحمة لمن عُرفَ بعداوته لدين الحق، لأنّ ذلك من المودّة المنهي عنها؛ مستشهدا بقواله تعالى: "لا تجدُ قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يُوادُون من حادّ الله ورسوله".