رام الله الإخباري
قال سفير الجمهورية التونسية لدى دولة فلسطين الحبيب بن فرح "إن تونس تؤكد مساندتها المطلقة للحق الفلسطيني الخالص، وغير قابل للسقوط بالتقادم، في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف".
وأكد السفير بن فرح، اليوم السبت، في حديث خاص لـ"وفا"؛ لمناسبة الذكرى الـ66 لاستقلال تونس التي تصادف يوم غد، 20 من آذار، أن إقامة الدولة الفلسطينية يأتي في إطار سلام عادل وشامل ودائم على أساس حلّ الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية والمرجعيات المتفق عليها ذات الصلة، وذلك ايمانا منا بأن الحل العادل للقضية الفلسطينية هو بوابة السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وجدّد التأكيد على موقف تونس -رئيسا وحكومة وشعبا- للشعب الفلسطيني الشقيق وقيادته وكامل أطيافه ومؤسساته على "المكانة المتميزة التي تحظى بها فلسطين وشعبها في وجدان كل التونسيين، وعلى عمق ومتانة العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين على مختلف الأصعدة، وحرص تونس الخاص على أن تظل خير سند لتمسك الشعب الفلسطيني الشقيق بكامل حقوقه الشرعية في كافة المحافل الإقليمية، وفية لمواقفها المبدئية والمُنتصرةً للدولة الفلسطينية، ولدعم مؤسساتها، وذلك تقديرا من تونس لتضحيات الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والانعتاق.
القضية الفلسطينية جوهر اهتمام السياسة الخارجية التونسية
وقال بن فرح: تحظى القضية الفلسطينية بمكانة متميزة في تونس ووجدان رئيسها، وشعبها، جسّمها بوضوح التزام مبدئي بموقف ثابت ومبدئي داعم لهذه القضية، شكّل على الدوام أحد أهم ثوابت السياسة الخارجية التونسية، وجوهر اهتماماتها، وكرسته علاقات أخوية متميزة بين البلدين الشقيقين، ومساندة مطلقة للقضية الفلسطينية في كل المحافل الاقليمية والدولية، وعَزّزَها تَشَرُّفُ تونس باحتضان منظمة التحرير الفلسطينية لفترة طويلة حرصت من خلالها على توفير أسباب نجاح عملها في احترام كامل للقرار الفلسطيني المستقل، وعادت إثرها القيادة مباشرة إلى أرض فلسطين.
التشبّث بالخيار الدّيمقراطي وإصلاح المسار الثوري
وهنأ السفير بن فرح التونسيات والتونسيين، وخاصة العائلات المقيمة بفلسطين، في ذكرى استقلال تونس(العيد الوطني)، وجدّد تقديره لرئيس دولة فلسطين محمود عباس وللقيادة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني الشقيق لما تحظى به تونس دوما على أرض فلسطين من مكانة متميزة عكسها استمرار اهتمام مقدر بتونس وبأبنائها المقيمين بفلسطين.
كما أثنى على كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والجمعيات الفلسطينية، التي ساهمت مبادراتها في تعزيز العلاقات الأخوية المتميزة بين الشعبين ومكانة تونس وخدمة جاليتها في فلسطين، وخاصة "جمعية الأخوة الفلسطينية التونسية"، و"جمعية خريجي الجامعات التونسية"، و"منتدى قرطاج-فلسطين"، وجمعية "البيت التونسي الفلسطيني".
وأكد "أن بلاده ستظل تُكبر عاليا ما خبرته في الشعب الفلسطيني من وفاء وتقدير خاص لها، ولأبنائها على أرض فلسطين، وما يحتفظ به لتونس من أروع الذكريات"، مهنئا الهيئة الادارية الجديدة لجمعية خريجي الجامعات التونسية، التي باشرت مهامها مؤخرا ".
وأشار إلى أن إحياء ذكرى الاستقلال هذا العام يأتي وتونس تعيش مرحلة جديدة عنوانها التشبّث بالخيار الدّيمقراطي، وإصلاح المسار الثوري وفق القانون، وإعطاء أولوية لسيادة الشعب، والاستجابة لتطلعات التّونسيين.
وأضاف: أن رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد أولى القضية الفلسطينية اهتماما خاصا، حيث أعاد في أكثر من مناسبة تأكيد كامل التزامه والتزام تونس بدعم مطلق لفلسطين وشعبها، وقد وفرت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تونس في السابع من كانون الأول لعام 2021 موعدا دبلوماسيا متميزا في العلاقات الثنائية، جدّد خلاله رئيس الجمهورية التأكيد على أن "تونس ستظل مؤمنة بالحق الفلسطيني، وثابتة على موقفها الداعم للقضية الفلسطينية".
الحرص على تسوية عادلة للقضية الفلسطينية
وتابع: حرصت تونس في عديد المناسبات، وفي كل بيانات وزارة الشؤون الخارجية التونسية" على تأييد دائم لكل المبادرات، الهادفة للتوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين، وعلى المشاركة في عدد من الاجتماعات الافتراضية، والحضورية العربية، والإقليمية، وفي مجلس الأمن، وعلى استمرار مستوى متميز ودائم من التشاور والتنسيق بين وزيري الخارجية، لإنجاح التحركات الفلسطينية (مكالمات هاتفية/مشاورات على هامش اجتماعات افتراضية وحضورية لمجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي وفي مجلس الأمن)، وإفراد اهتمام عالٍ لمساندة الجهود والمبادرات الفلسطينية في كل تلك الاجتماعات، وتسخير إمكانيات الدبلوماسية التونسية للاتصالات المكثفة، ولقاءات وزير الشؤون الخارجية داخل تونس، وفي إطار عضويتها بمجلس الأمن وعلاقاتها الثنائية والاقليمية والدولية لحشد الدعم لحماية الشعب الفلسطيني، ولنقل صوته إلى العالم والتأكيد على أنّ "تونس ستظلّ مؤمنة بالسلام العادل".
كما نجحت تونس في جعل رئاستها لمجلس الأمن في كانون الثاني/يناير 2021 إضافة مميزة لنشاط دبلوماسيتها خلال عضويتها غير الدائمة (2020-2021)، وحدثا دبلوماسيا بارزا جددت خلاله التزامها بالشرعية الدولية، وبمناصرة القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وهذا ما جسمه ترفيع تونس في "جلسة النقاش الخاصة بالوضع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية "إلى المستوى الوزاري (26/1/2021).
تضامن تونسي واسع ومكثف مع فلسطين وشعبها
وأشار السفير بن فرح إلى حرص تونس باستمرار على إبراز معاني التضامن والتآزر مع الشعب الفلسطيني في عديد المناسبات، وهو ما تجلى خاصة خلال أحداث القدس والعدوان على قطاع غزة في أيار/مايو2021، حيث بادرت تونس بحرص واضح من رئيس الجمهورية بانخراط فاعل في التحركات الدبلوماسية المكثفة وبمتابعة حثيثة ومباشرة من الوزير في مشاورات مع نظرائه من الدول الشقيقة والصديقة لدفع المساعي الدولية والاقليمية في مجلس الأمن والجمعية العامة ومنظمة التعاون الاسلامي والجامعة العربية، وساهمت تونس بشكل بارز مع شركائها في حشد الدعم اللازم للتوصل لوقف إطلاق النار.
وتطرّق إلى الاتصال الهاتفي بين الرئيسين، لبحث الأحداث الخطيرة في القدس، والاعتداءات في المسجد الأقصى، وعلى الفلسطينيين في حي الشيخ جراح في الشهر ذاته، مؤكدا وقوف تونس الى جانب الشعب الفلسطيني، والتنسيق المستمر مع فلسطين في المحافل الاقليمية والدولية، وخاصة لعرض الملف على مجلس الأمن، كون تونس العضو العربي فيه.
ولمواجهة جائحة كورونا، أشار إلى أن المساعدات الإنسانية التي أرسلت إلى الأراضي الفلسطينية بتوجيه من الرئيس سعيد، وذلك بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس عباس لتونس، تضمنت أدوية، ومواد طبية، وغذائية، وسيارة إسعاف جمّعها الهلال الأحمر التونسي كهبة من عدة جهات تونسية لفائدة الهلال الأحمر الفلسطيني، وكذلك كمية هامة من المطاعيم، إضافة إلى الشحنتين اللتين أرسلتا إلى قطاع غزة، لتقديم مساعدات طبية وأخرى إنسانية مختلفة، في أعقاب العدوان الإسرائيلي على القطاع.
ولفت إلى أن كل ذلك يأتي في إطار تعزيز العلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين في كل المجالات، ولما توليه تونس ورئيسها دوما من أولوية خاصة للتعبير عن تضامنها المطلق وتآزرها الأخوي مع دولة فلسطين، وشعبها الشقيق، وقضيته العادلة.
حراك شعبي واسع في الشارع التونسي
وتطرّق بن فرح إلى الحراك الواسع والمتنوع في الشارع التونسي للتعبير عن عميق تضامنه مع الأشقاء الفلسطينيين في القدس، وقطاع غزة، والتي تنوعت أشكال المساندة عبر تظاهرات وطنية، وندوات مكثفة، شملت كل القطاعات والأحزاب والاتحاد العام التونسي للشغل (أهم نقابة)، والنقابات المهنية (محامين/فنانيين/إعلاميين...)، وممثلي المجتمع المدني التونسي بكل تعبيراته، وتخصيص مساحات إعلامية مفتوحة لعدة أيام للتداول في القضية الفلسطينية، وفتح المجال للتعبير عن مساندتها في كل وسائل الاعلام التونسية، وكذلك تخصيص أسبوع كامل لتضامن المؤسسات التربوية عبر رفع العلم الفلسطيني في هذه المؤسسات، وتخصيص عدة أنشطة تضامنية في هذا الخصوص.
كما امتدت أشكال المساندة إلى الفضاء الالكتروني التونسي الذي شهد مساندة مطلقة وواسعة للشعب الفلسطيني.
زيارة الرئيس محمود عباس إلى تونس شكلت حدثا سياسيا بارزا
قال السفير بن فرح إن زيارة الرئيس محمود عباس إلى تونس مثلت أبرز حدث سياسي في العلاقات الأخوية المتميزة للتعاون عام 2021، حيث أكد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد بهذه المناسبة أن "تونس ستواصل العمل على تعزيز وتطوير علاقات تعاون ثنائية مع دولة فلسطين وآلياته في كل المجالات وخاصة الصحة والتكوين المهني والتدريب".
علاقات التعاون بين البلدين
أشار إلى أنه في ضوء اعلان الرئيس سعيد استعداد تونس لرفع أعداد المنح والمقاعد الأكاديمية المخصصة للطلبة الفلسطينيين في تونس، فقد كان لتونس شرف أن تحظى فلسطين بأعلى عدد من المنح الجامعية التي تسندها لدولة أخرى.
وفي هذا الصدد، بيّن أن تونس تقدم كل عام 210 منحة جامعية، منها 10 منح مخصصة لطلبة القدس للدراسة بالجامعات التونسية، و100 لطلبة البكالوريوس، و100 لطلبة الماجستير والدكتوراة.
وأوضح أن بلاده تواصل العمل المشترك على إعادة هيكلة متدرجة لعلاقات التعاون الثنائي ولتطوير مجالاته وفق الأولويات والمجالات المستحدثة للبلدين، ونقلها من التضامن والتعاطف الوجداني إلى تجسيم التزام تونس المبدئي بالقضية الفلسطينية عبر تطوير متدرج للإطار القانوني، جسده التوقيع عام 2017-لأول مرة في تاريخ البلدين على اتفاقية إنشاء لجنة تعاون مشتركة ومشاورات سياسية منتظمة برئاسة وزيري خارجيتيهما (تعويضا للاتفاق الإطاري السابق لسنة 1994 مع منظمة التحرير الفلسطينية).
وتابع: كما أثمر هذا الجهد توقيع عدد هام من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات، والعمل جارٍ لاستكمال إعداد مشاريع اتفاقيات قيد الدراسة تغطي عدة مجالات، وإيلاء أهمية كبرى لتشجيع التعاون الثلاثي لتثمين الخبرة التونسية في فلسطين (تجربة الجلود والأحذية/مجال التعبئة والتغليف/مجال الاقتصاد الأخضر/ التعاون بين الوكالة التونسية للتعاون الفني والوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي).
وفي ختام حديثه، أشاد السفير بن فرح بالإعلام الرسمي الفلسطيني، المرئي والمسموع والمكتوب، مثمنا اهتمامه المستمر بتونس والمشاعر الطيبة التي يحمولنها تجاه تونس وشعبها.
وفا