وضع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مقترحا شمل شروطا لوقف الحرب أمام الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، ليواجه معضلة صعبة، فيما مهمة رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، خلال زيارته لروسيا ولقائه مع بوتين، يوم السبت الماضي، لم تكن ضمن جهود وساطة، وإنما الاطلاع على شروط بوتين وخطوطه الحمراء.
بوتين يُخيره بين سيادة وتنازلات أو حرب مدمرة
واعتبرت صحيفة "معاريف" اليوم، الأربعاء، أن زيلينسكي بموافقته على شروط بوتين بإمكانه أن يضمن سيادة واستقلال أوكرانيا، لكنه سيضطر إلى دفع ثمن باهظ. وتشير التقديرات إلى أنه سيضطر إلى التنازل عن إقليم
دونباس، والاعتراف بالانفصاليين في أوكرانيا، الموالين لروسيا، والتعهد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتنازل عن قسم من الجيش والإعلان عن حياد أوكرانيا.
وبحسب الصحيفة، فإنه في حال رفض زيلينسكي المقترح الروسي، فإن النتائج ستكون رهيبة. "آلاف، وربما عشرات الآلاف سيقتلون، وأوكرانيا ستفقد، على الأرجح، استقلالها بشكل كامل".
ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية قولها إن سبب توقف تقدم القوات الروسية وإعلان بوتين عن وقف إطلاق نار في مناطق معينة هو انتظار قرار زيلينسكي. وإذا رفض الرئيس الأوكراني المقترح الروسي فإن "الأسوأ لا يزال أمامنا". وفي هذه الحالة، "سيأمر بوتين الجيش بالهجوم بكامل القوة وسيتغير وجه أوكرانيا".
وأضافت الصحيفة أن مهمة بينيت في موسكو لم تكن الوساطة، ولم يطرح أمام بوتين اقتراحات إسرائيلية للتسوية. "غاية هذه المهمة هي الاطلاع على مواقف بوتين، مزاجه، وحدود ليونته وتقديم تقرير للغرب حول ذلك".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن "إسرائيل هي الجهة الوحيدة حاليا القادرة على الجلوس مع بوتين، طوال ساعات وبأجواء حميمية، ومحاولة فهمه وفهم مطالبه وخطوطه الحمراء".
وأشارت الصحيفة إلى أن "المفاوضات المباشرة الحقيقية تجري مباشرة بين الروس والأوكرانيين، وهي جدية أكثر بكثير مما يعتقدون في الغرب. وللدقة، فإن الأوكرانيين لم يطلعوا الغرب حتى الآن حول ما يجري في هذه المفاوضات، لأنهم لا يريدون المس بأجواء الطوارئ السائدة في جميع عواصم العالم. ويعرف الأوكرانيون جيدا مطالب بوتين ويدركون أنهم مضطرون إلى اتخاذ قرار دراماتيكي في الأيام القريبة: سلام أو حرب".
وتابعت الصحيفة أنه يوجد إجماع بين الزعماء الغربيين، بأن لا يمارس أحد ضغوطا على الأوكرانيين، وأن هذا قرارهم. ومعضلة زيلينسكي حقيقية ولا أحد يمارس ضغوطا عليه كي يتنازل أو يحارب. وثمة أمر واحد مؤكد، وهو الانطباع في الغرب أن بوتين يصرّ على موقفه، واستمرار تقدم (قواته) ببطء وتورطه لن يزيل الانجاز المطلوب بالنسبة له، وإنما العكس".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "ليس بإمكان بوتين العودة إلى الوراء، وكلما تصبح الحرب أشد ويسقط فيها ضحايا أكثر، سيضطر بوتين إلى إظهار إنجازات ملموسة أكثر. والانطباع هو أن بوتين حازم أكثر من أي وقت مضى، رغم تبدد كافة التوقعات حول تفتت سريع للجيش الأوكراني".
في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مسؤولين في مكتب بينيت نقلوا، أمس، احتجاجا إلى مكتب زيلينسكي، وطالبوا بأن يتوقف مسؤولون أوكرانيون عن توجيه انتقادات إلى سياسة إسرائيل تجاه الحرب. وبحسب مسؤول إسرائيلي، فإنه "لا يعقل أن تستجيب إسرائيل لطلب أوكرانيا وتبذل جهدا ووقتا في الوساطة من أجل وقف إطلاق نار، كي تواجه في المقابل فقط انتقادات أوكرانية في وسائل الإعلام".
وجاءت هذه الرسالة الإسرائيلية في أعقاب اتهامات وجهها وزير الخارجية الأوكراني، دميتري كوليبا، أول من أمس، إلى شركة الطيران الإسرائيلية "إل عال"، بأنها تتحايل على العقوبات المفروضة على روسيا بقبول مدفوعات من النظام المصرفي الروسي "مير".
وقال وزير الخارجية الأوكراني إنه "بينما يفرض العالم عقوبات على روسيا بسبب فظائعها الوحشية في أوكرانيا، يفضل البعض جني أموال ملطخة بدماء الأوكرانيين". ووصف سلوك "إل عال" بأنه"غير أخلاقي"، ويمثل "ضربة للعلاقات الأوكرانية - الإسرائيلية".
وتراجع كوليبا، أمس، عن هذه الاتهامات، وقال في تغريدة إن "إل عال" أغلقت إمكانية استخدام "مير"، واعتذر عن اتهامه لها، وشكر الشركة على نقل مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا.
كذلك جاءت الرسالة الإسرائيلية إلى مكتب زيلينسكي في أعقاب تصريحات الأخير، الأسبوع الماضي، بأن إسرائيل لا تقدم دعما كافيا لبلاده، إضافة إلى تصريحات مسؤولين أوكرانيين آخرين انتقدوا من خلالها إسرائيل.