تونس.. هل تراجع قيس سعيد عن حل "الأعلى للقضاء" تحت وطأة الضغوط الخارجية؟

رام الله الإخباري

أثار بيان مقتضب نشرته الرئاسة التونسية ليل الأربعاء، تطرق إلى تمسك الرئيس قيس سعيد بالمجلس الأعلى للقضاء، تكهنات واسعة بشأن ما إذا كان تراجع عن حل هذه الهيئة الدستورية العليا.

لكن أوساطا قضائية وسياسية في تونس، نفت في تصريحات خاصة لـ ”إرم نيوز“ أن يكون سعيد تراجع عن حل المجلس الأعلى للقضاء رغم الضغوط التي تحاول بعض النقابات المعنية بهذا القطاع تكريسها، علاوة على الضغوط الخارجية المتصاعدة التي يتعرض لها سعيد.

وقال البيان، ”إن رئيس الجمهورية جدد خلال لقائه بوزيرة العدل، ليلى جفال، تمسكه بالمجلس الأعلى للقضاء وحرصه على مراجعة القانون المنظم للمجلس بما يضمن حقوق القضاة ويساعدهم في ممارسة مهامهم على أحسن وجه، وبما يُمكّن المتقاضين من حقوقهم كاملة“.

وقالت الوزيرة إن الرئيس سعيد ”لن يحل المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية لكنه سيغير القانون المنظم له وسيضع في الوقت ذاته هيئة وقتية”، وذلك في تحرك قد يكون يستهدف تخفيف الضغوط المسلطة على البلاد، وفق متابعين.

تغيير التركيبة

من جهته، قال القاضي السابق والمحامي حاتم العشي لـ“إرم نيوز“، إن ”رئيس الجمهورية لن يتراجع عن حل المجلس الأعلى للقضاء، فقط هو لن يلغيه كمؤسسة دستورية، بل سيقوم بمراجعة قانون المجلس من خلال تغيير تركيبته، بالنسبة له فإن أعضاءه الحاليين ليسوا قضاة المرحلة الحالية“.

وأضاف العشي، وهو أيضا وزير سابق، أن ”الرئيس سعيد سيغير بعض الفصول في القانون الأساس للمجلس وهذا يحتاج إلى وقت، لذلك سيقوم بإنشاء هيئة وقتية تسيّر المرفق القضائي وستدوم مدة عملها بضعة أشهر في هذه الفترة في انتظار القيام بمراجعة شاملة للقانون الأساس رغم أنه سيتم الإبقاء على بعض الفصول“.

وبدوره أوضح القاضي السابق في المحكمة الإدارية بتونس أحمد صواب العشي أنه ”لا يمكن لرئيس الجمهورية حل المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية نهائيا، متسائلا ”هل ثمّة مَن يقدر على حذف البرلمان نهائيا؟ غير ممكن أبدًا التخلي عنهما“.

وقال صواب في تصريح لـ ”إرم نيوز“، إن ”سعيد سيغير تركيبة المجلس والتصويت والتمثيلية لكن في المبدأ سيبقى المجلس الأعلى للقضاء لكنه سيغير من ذلك بطريقة فردية، لذلك المعركة ستستمر رغم الانقسام الذي بصدد التسبب فيه سعيد في كل القطاعات، لقد تسبب في انقسام القضاة والمحامين وغيرهما، هو لن يتراجع وما حدث في البرلمان سيعاد في المجلس الأعلى للقضاء“. بحسب تعبيره.

وترى الهياكل القضائية أنه لا نية لسعيد في التراجع عن قراره، مشيرة إلى أنه يسعى فقط إلى التخفيف من حدة الضغط الخارجي والداخلي عليه خاصة بعد بيان سفراء دول مجموعة السبع والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن خطوته حل المجلس الأعلى للقضاء.

استقلالية القضاء

وقال مراد المسعودي، رئيس جمعية القضاة التونسيين الشبان في تصريحات خاصة لـ“إرم نيوز“، إن سعيد لن يتراجع، مضيفا أنه ”لن يقوم بأي خطوة للوراء، حتى وإن قمنا بإضراب مفتوح، لذلك سنواصل تحركاتنا السلمية ورفع قضايا وشكايات ضده لأننا نتمسك باستقلالية القضاء، هذا مبدأ“.

وكان سعيد أعلن خلال زيارة إلى وزارة الداخلية الأحد الماضي عن حل المجلس الأعلى للقضاء، وهو هيئة دستورية مستقلة قبل أن يكشف يوم الاثنين عن مشروع مرسوم رئاسي لحل المجلس ستتم مناقشته خلال اجتماع مجلس الوزراء، متعهدا بعدم التدخل في هذا القطاع.

وأجج ذلك الانقسامات داخل الطبقة السياسية والهياكل القضائية، ففيما رفض طيف واسع من السياسيين خطوة سعيد باركها آخرون من الذين يعتبرون أن القضاء لم يعد مستقلا في تونس، مثل: حركة الشعب، والتيار الشعبي.

في المقابل، أحدثت خطوة سعيد التي أثارت قلقا في الغرب شرخا داخل الهياكل القضائية إذ دعت جمعية القضاة إلى إضراب عام أمس الأربعاء واليوم الخميس وتنفيذ وقفة احتجاجية اليوم أمام المجلس الأعلى للقضاء، لكن نقابة القضاة كان لها رأي آخر إذ رفضت الانخراط في التحركات المذكورة.

يشار إلى أن المجلس الذي تم إنشاؤه في العام 2016 يتألف من 45 عضوا بين قضاة ومتخصصين في القانون، وحاول سعيد في البداية _على ما يبدو_ الضغط على أعضائه من خلال تجريدهم من مِنحهم غير أن هؤلاء قرروا مواصلة مهامهم في تحد لقراره.

ارم نيوز