هل يملأ بهاء الحريري "الفراغ السنّي" في لبنان؟

رام الله الإخباري

يعيش اللبنانيون على وقع ارتدادات الرسالة المتلفزة التي وجهها بهاء الدين الحريري لمواطني بلاده، والتي أثارت ردود أفعال متباينة داخل لبنان، في حين تُطرح تساؤلات عن أبعاد ودلالات تلك الرسالة، وعلاقتها بقدرة بهاء على ملء ”الفراغ السنّي“ في لبنان أم لا، بحسب محللين سياسيين.

وتتمثل أهمية رسالة بهاء في توقيتها الذي جاء بعد أيام قليلة على إعلان شقيقه، رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، اعتكاف العمل السياسي في لبنان.

والمعروف أن بهاء الدين الحريري، من مواليد العام 1966، هو الابن الأكبر لرئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري من زوجته الأولى العراقية نضال بستاني.

وكان بهاء شرع في إدارة قسم من أعمال عائلته المتوزعة في مختلف القطاعات الاستثمارية وبعدة بلدان حول العالم، في أعقاب اغتيال والده في بيروت بتاريخ 14 شباط \ فبراير عام 2005.

والجمعة، أكد بهاء الحريري ما أسماها ”استكمال مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في سبيل نهضة لبنان“.

وأعلن أنه سيكون قريباً في لبنان، بالقول: ”طالت الغيبة، ولكنكم كنتم دائماً حاضرين بالقلب والعقل والعمل.. لن أتكلم عن خطورة المرحلة لأنكم أدرى وأعلم بخطورتها، ودقة المرحلة التي آتين عليها“.

ودعا إلى التأكيد على أن ”لا ديننا ولا أخلاقنا ولا تربيتنا، نحن أبناء الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تسمح لنا بالتخلي عن مسؤوليتنا بوضع كل إمكاناتنا في سبيل نهضة لبنان، لبنان الرسالة، لبنان الرمز، لبنان الوطن“، على حد تعبيره.

وفي حين رفض عدد من نواب ”كتلة المستقبل“، لدى اتصال ”إرم نيوز“ بهم، التعليق على أبعاد هذه الرسالة ودلالاتها، قال الكاتب والمحلل السياسي سركيس أبو زيد إنه ”لا يوجد سياسي مهيأ على الساحة السياسية اللبنانية قادر على استلام الإرث السياسي الحريري الكبير؛ لأن ظهور القيادات له ظروف ذاتية وموضوعية واعتبارات خاصة تحتاج إلى فترة من الزمن، وإلى قدرات ذاتية ومادية“.

وأوضح أبو زيد، لـ“إرم نيوز، أنه ”لا يوجد شخصيات داخل تيار المستقبل أو شخصيات سنية من خارج التيار قادرة على لعب هذا الدور المركزي والقوي؛ لأن أكثرية هذه الشخصيات لها حضورها المناطقي أو المحدود، ولا أحد منها يستطيع أن يلعب دوراً على المستوى الوطني“.

وأضاف: ”أما بهاء الحريري فقد سبق وأن جرب حظه ولم يكن له ذاك التأييد. بل العكس كان ثمة شعور بأنه يحاول سرقة دور شقيقه. والخلافات بينه وبين أخيه أثرت على التيار وعلى الرئيس سعد الحريري أيضاً“

وأوضح سركيس أبو زيد: ”بهاء الدين الحريري يحتاج إلى الوقت لكي ينظم صفوفه، ولكي تكون لديه إدارة منظمة وفاعلة واحتكاك بالأوساط الشعبية والسياسية، بالإضافة لإمكانيات مادية وقدرات ذاتية لا يُستهان بها، وحتى الآن لم يتبين أن لديه أي دعم عربي ودولي واضح ومحسوم“.

وأكد أن ”ما سيقرر مساره هو أداء الحكومة، والجواب على المبادرة الكويتية، والتسويات والمساومات التي تحصل بين أمريكا وإيران وبين إيران والسعودية“.

بينما قال الكاتب والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر إنه ”لشيء عجيب في لبنان أن يقول أحدهم إن الحريرية السياسية يجب أن تستمر، فهذا الأمر فيه توجيه إلى الرأي العام“، متسائلاً: ”هل المواطن اللبناني باتت مسلوبة إرادته إلى هذا الحد؟“.

وأوضح عبد الساتر لـ“إرم نيوز“: ”أعتقد أن مثل هذا الخطاب لم يعد كافياً لكي يكون له مكان لدى الجمهور المتألم في لبنان“.

وأضاف: ”بكل حال، الطائفة السنية في لبنان تعاني من تصدعات كبيرة، ولكن هذا لا يعني أن غياب الحريري يجعل سنّة لبنان في وضع منتكس؛ فهناك كفاءات كبيرة، ولماذا لا تتكاتف هذه الكفاءات وتتنادى فيما بينها ليكون لها عمل جماعي في محاولة للخروج من هذه الأزمة التي وقع فيها لبنان؟“.

وتابع عبد الساتر: ”هل هناك مَن يدعم بهاء الحريري على المستوى الدولي؟.. هناك الكثير من المعلومات بأن الولايات المتحدة ستجيّش له ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني، أو ربما أنه سيحاول أن يرث تركة تيار المستقبل، ولكن كل هذا يبقى إلى الآن في دائرة التكهنات“.

واختتم تصريحه بالقول: ”الرجل طامح بلا شك ويريد أن يتغلب على عقدة النقص الذاتية التي عاشها لأكثر من 16 عاماً عندما ورث سعد الحريري أباه رفيق الحريري. والآن يحاول بهاء الحريري، باعتباره النجل الأكبر، أن يكون هو صاحب الحق بالملك، وبكل حال على اللبنانيين أن يروا أن مثل هذا الخطاب لن يكون في مصلحتهم بطبيعة الحال تحت هذا العنوان“.

ارم نيوز