رام الله الإخباري
ألقت الأوضاع الاقتصادية المتردية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بفعل تدابير الاحتلال وإجراءاته المتمثلة بخنق الاقتصاد الفلسطيني، وبفعل وباء "كورونا" وما تسببه من ركود اقتصادي جراء الإغلاقات وتقييد حركة التجارة وغيرها، بظلالها على أعياد الميلاد المجيدة في مدينة السيد المسيح – بيت لحم.
قطاع السياحة، وهو أحد أهم القطاعات التي تعتمد عليها المدينة، كان الخاسر الأكبر والأكثر تضررا. إغلاق لبعض المرافق السياحية، وإلغاء آلاف الحجوزات في الفنادق، وانعدام للسياحة الخارجية، وأكثر من ذلك توقف عدد من الحرف والمشاغل العاملة بـ"الصناعات السياحية" كالمنحوتات الخشبية والأزياء التراثية والمتعلقات الدينية.. وغيرها.
وزيرة السياحة والآثار رولا معايعة، قالت في لقاء مع "وفا": كنا نأمل أن تعود عجلة دوران السياحة من جديد بعد إعلان السادس من تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي لعودة السياحة الوافدة الأجنبية، وبالفعل كانت الأمور تسير وفق ما خطط لها، لكن مستجد الوباء ألقى بظلاله السلبية، وألغيت كل الحجوزات من الخارج.
من جانبها اعتبرت، ميريانا العرجا، مديرة فندق آنجيل الذي ظهرت فيه أول حالات إصابة بالكورونا العام الماضي في بيت لحم، "أن الغاء جميع الحجوزات الخارجية في فنادق بيت لحم بعد إعلان الجانب الإسرائيلي إغلاق المطارات في وجه السياح الذين صُنفت بلدانهم بالمناطق الحمراء، أمر مخيب لكل التوقعات بأن يكون هذا العام عام التعافي من جائحة كورونا والنهوض بسياحة بيت لحم التي تعد مصدر الرزق الوحيد لآلاف العائلات الفلسطينية".
وأوضحت العرجا، أنه بعد أن تم حجز 80 غرفة من أصل 122 غرفة للسياح القادمين من الخارج، في فندقها "آنجيل"، تم إلغاء جميع الحجوزات. وبينت أن أغلب العاملين في قطاع السياحة يحاولون إيجاد بدائل وظيفية أخرى لسد احتياجاتهم الأساسية، خاصة أن المصاريف التشغيلية لأي فندق عالية جدا ولا يمكن الاستمرار بدون سياحة خارجية.
وقالت العرجا أن هناك تحدٍّ كبيراً للعودة للعمل، ولذلك نحاول استقطاب السياحة الداخلية، وخاصة الأهالي في أراضي 48، فوجودهم يخفف نوعا ما من وطأة الوضع السيء.
بدوره قال المتحدث باسم وزارة السياحة والآثار الفلسطينية جريس قمصية، إن القطاع السياحي دائرته الاقتصادية كبيرة، فعندما تعمل المرافق السياحية تلقي بظلالها الإيجابية على تنشيط الحركة الاقتصادية سواء على المخابز أو المطاعم أو المتاجر أو المواصلات وغيرها، فبيت لحم فيها أكثر من ٧٠ فندقا يعمل فيها عدد كبير من الموظفين، مشيرا إلى أن وجود ١٠ آلاف نزيل في الفنادق على سبيل المثال سيجعل عجلة الاقتصاد تدور لتلبية احتياجات النزيل من مأكل ومشرب وتنقل وغيرها من الخدمات التي تؤثر على كل القطاعات.
وبين أن قطاع السياحة تكبد حتى هذه اللحظة خسائر جمة وكبيرة وصلت إلى مليارين ونصف المليار دولار، منها مليار ونصف في العام 2020 ومليار خلال حتى نهاية شهر تشرين الأول من العام الجاري.
الأوضاع الاقتصادية السيئة طالت العديد من القطاعات، يقول الشاب نعيم سيوري "صاحب سوبر ماركت"، ويشير الى أن الحركة التجارية بطيئة على الرغم من أن متجره في موقع استراتيجي في ساحة المهد، حيث الناس يملأون المكان الذي يشهد نشاطا تجاريا كبيرا.
من جانبه قال نبيل جقمان، وهو صاحب متجر للتحف الخشبية في بيت لحم، إنه يمتلك مصنعا ومتجرا للتحف تعتاش منهما أكثر من ١٧ عائلة، غير أنه في ظل عدم وجود سياح للسنة الثانية على التوالي بات سيئا، مضيفا أنه لا يعرف لأي حد ستستطيع فيه الناس أن تصمد.
وأشار جقمان إلى أن الكثير من مشاغل التحف الخشبية اضطرت للاستغناء عن عمالها ما جعلهم يتوجهون للعمل في إسرائيل مما يهدد حرفة خشب الزيتون بالاندثار، مبينا أنه هذا العام لم يصنع تحفة جديدة واحدة، وإنما يعرض التحف المتكدسة منذ العام الماضي.
رئيس الغرفة التجارية في بيت لحم سمير حزبون، قال إن مشاغل التحف التقليدية سواء خشب الزيتون أو الصدف يقدر عددها بـ 250 مشغلا يعمل فيها حوالي 1500 عامل، ونسبة كبيرة منهم فقدوا عملهم بسبب ما آلت إليه الأوضاع.
وأضاف إنه وبعد ظهور وباء "كورونا" في آذار عام ٢٠٢٠ شُلّت القطاعات الاقتصادية وأهمها قطاع السياحة، ما أدى إلى رفع نسبة البطالة إلى حوالي 33% وتعمقت حالة الفقر في المحافظة نتيجة فقدان المواطنين لدخلهم في موسم الأعياد، مشيرا إلى أن وجود الحجاج والسياح ينعش الاقتصاد بنسبة 25-30%. وبين أنه تم الاعتماد هذا العام على حركة السياحة الداخلية من أهالي 48 الذين يستخدمون بعض الفنادق.
ودعا حزبون بأن تتخذ الحكومة مجموعة من الإجراءات لمساعدة القطاع الاقتصادي في بيت لحم للتعافي من هذا الوضع السيء.
وفا