نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تحليلا تحت عنوان: "هل تتحول الضفة الغربية إلى أفغانستان أخرى" ناقشت فيه الأوضاع الراهنة وإمكانية أن يتكرر السيناريو الأفغاني بالضفة حيث تزداد حالة اليأس والسخط من السلطة الفلسطينية، بالإضافة للظروف الاقتصادية الصعبة.
وقالت الصحيفة: "أمضت الولايات المتحدة سنوات عديدة في تدريب وتجهيز الجيش الأفغاني، ومع ذلك فقد طوي مثل بيت من ورق أمام قوات طالبان، وسرعان ما غير جنوده لباسهم العسكري إلى لباس مدني".
وأضافت الصحيفة "في يونيو، بعد أسابيع قليلة من انتهاء الحرب الأخيرة على غزة، أظهر استطلاع للرأي العام أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ارتفاعًا حادًا في شعبية حماس، وقال 53٪ من المستطلعين أن حماس هي الأكثر استحقاقا بتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني".
وتابعت الصحيفة "ثم جاء مقتل نزار بنات، الناشط السياسي البارز، في 24 يونيو على يد قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وخرجت مظاهرات غير مسبوقة، وقد تزامن ذلك مع الأزمة الاقتصادية المستمرة وعجز الميزانية والمساعدات الدولية المتضائلة، وقد بدا أن الوضع على الأرض يخرج عن نطاق السيطرة بسرعة".
وبحسب الصحيفة "سرعان ما أدركت الحكومة الإسرائيلية الجديدة التحدي الجديد للسلطة. زادت عدد تصاريح دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل واستأنفت العلاقات المباشرة مع عباس، من أجل منع الانهيار الاقتصادي وتعزيز التعاون الأمني".
واستكملت الصحيفة "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطوات ستثبت فعاليتها في حل الأزمة. يبقى السؤال الكبير: ماذا سيحدث للسلطة الفلسطينية إذا اختارت إسرائيل عدم التدخل عندما يحين وقت الجد؟ هل ستكون الأجهزة الأمنية الفلسطينية قادرة على الدفاع عن قادتها ضد خصومها - حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى - إذا انسحبت إسرائيل من الضفة الغربية كما فعلت الولايات المتحدة من أفغانستان؟".
يعتقد الجنرال (احتياط) أودي إيفينتال، الخبير في شؤون الشرق الأوسط الذي يدرّس تخطيط السياسات في معهد "هرتسليا" متعدد التخصصات للسياسة والاستراتيجية، أن النتيجة ستكون مشابهة لما حدث في غزة، حيث سيطرت حماس على السلطة بقوة السلاح.
وأضاف الجنرال إيفينتال: "إذا غادر الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية، على سبيل المثال في سياق حل الدولتين، فمن الواضح أنه يمكن أن يحدث ما حدث في أفغانستان، كما حدث مرات عديدة من قبل في أماكن مختلفة".
وتابع: "خلال التسعينيات، بعد أوسلو، انسحبت إسرائيل من غزة والخليل وأريحا، وفي غضون سنوات قليلة فقط تم إنشاء مجموعات كبيرة للمقاومة هناك على الرغم من وعود القيادة الفلسطينية بأنها لن تسمح بذلك.. في نهاية
المطاف، عاد الجيش الإسرائيلي إلى المدن الفلسطينية في الضفة، وأقيم الجدار الفاصل، واستغرق منا الأمر بضع سنوات لمحاربة مواقع تمركز المقاومة، ولو لم نفعل ذلك لأصبحنا تحت مرمى صواريخ هذه المناطق".
وأشار إلى أنه في كل من العراق ولبنان، القوات التي دربتها أو مولتها أمريكا كانت غير مستعدة لمحاربة الإسلاميين. وقال: "تنجح القوى التي لديها حماس ديني وأجندة في هزيمة الجيوش الأكبر والمجهزة تجهيزًا جيدًا".
وترى الصحيفة أن "فرص انسحاب الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية من جانب واحد أو نتيجة للمفاوضات معدومة. كانت آخر مرة جرت فيها المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في عام 2014، وقد أوضح رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد أن جميع الاتصالات مع السلطة الفلسطينية ستتمحور حول القضايا الاقتصادية والأمنية".
ومع ذلك، تعتقد الصحيفة الإسرائيلية أن "هناك فرص لحدوث اضطرابات داخلية في الضفة الغربية سوف تشكل خطورة على كل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل. الوضع في العديد من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين غير مستقر، والثقة بحكومة السلطة الفلسطينية متدنية، والأزمة الاقتصادية خارجية".
وختمت الصحيفة "الضفة الغربية ليست أفغانستان، وإسرائيل ليست دولة أجنبية بعيدة يمكنها بسهولة إخراج نفسها من المشهد. في حالة حدوث أزمة عميقة في الضفة الغربية سيكون الوضع مختلف جدا".