قرابة الساعة الحادية عشرة من ليلة أمس الثلاثاء، اتصل رائد يوسف جاد الله (39 عاما)، بنجله يوسف، ليوافيه بالسيارة لكي يقله بعد عودته من العمل من أراضي عام 1948، من عند المدخل الغربي لقرية بيت عور التحتا غرب مدينة رام الله، بعد ان اغلقته قوات الاحتلال بالسواتر الترابية.
يوسف ابن الثلاثة عشر ربيعا، وكعادته، توجه الى الحاجز مصطحبا معه أحد أصدقائه ليؤنس وحشته حيث يفترض ان يلتقي اباه.. وعند وصولهما الى المكان ظل يوسف يحاول عبثا الاتصال بوالده الذي لا يجيب على الاتصال الى أن وجده غارقا في دمه وجثة هامدة قرب الحاجز.
"فيما يوسف وزميله كانا يصرخان من هول ما شاهدوه، وغارقان في اللوعة والدموع ، ذعرا من انقضاض جنود الاحتلال عليهما من كمين كانوا ينصبونه هناك"، قال إبراهيم زكي أحد أقرباء الشهيد رائد. وأضاف "انها قصة اعدام واضحة ومعلنة".
الشهيد وهو يعمل بستاني بأراضي عام 48، يحمل الهوية المقدسية ويسكن قرية بيت عور التحتا، واب لأربعة أطفال هم: يوسف ( 13 عاما)، وسعاد ( 9 سنوات)، وامير ( 7 سنوات)، ورضيع رابع لما يبلغ العام بعد.
وبحسب زكي فان الشهيد عادة ما يتأخر في العودة الى المنزل بحكم ظروف عمله، وتلك المنطقة التي اعدم فيها تشهد حركة واسعة لعبور العمال من أراضي عام 48.
ويؤكد رئيس مجلس قروي بيت عور التحتا وجيه هلال عثمان، ان الهدف من وراء جريمة الاغتيال واضحة، فالشهيد لم يكن سوا عامل عائد الى منزله قتل بدم بارد، الا ان الهدف الواضح من الجريمة هو منع أي احد من الاقتراب من تلك المنطقة، وجعلها محرمة علينا عبر الترهيب بالقتل لكل من يقترب.
ووثق مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، بالفيديو جرائم قتل بدم بارد ارتكبها جنود الاحتلال بحق مواطنين فلسطينيين عزل اغتيلوا مؤخرا، كشريط فيديو يُثبت أنّ الجنود الذين قتلوا الطفل محمد أبو سارة (العلامي) ابن ال 11 عاماً من بيت أمر، دون أيّ سبب، وكشريط فيديو اخر يُظهر قيام جنود الاحتلال من عناصر الوحدة (اليمام) باغتيال أحمد عبده وهو يجلس داخل سيّارته دون أن يشكّل خطراً على أحد.
كما وثقت "بتسيلم" أيضا بالفيديو قبل أعوام كان "يتسلى جنود الاحتلال ويضحكون" في تسجيلي فيديو خلال أسبوع واحد خلال مواجهات اندلعت بالضفة الغربية، عندما كانوا يقنصون الأطفال. كما حدث في قرية مادما بمحافظة نابلس شمالي الضفة، حيث اظهر تسجيل الفيديو كيف دار حديث بين 3 جنود عن كيفية تحديد أهدافهم من الأطفال للقنص، بعد ان استبعدوا اطلاق الغاز وفضلوا قنص الأطفال بالرصاص، وكيف انهم قهقهوا ضاحكين بإصابة الطفل وهم يتلفظون بشتائم نابية.
وامس الاثنين، أعربت الامم المتحدة عن قلقها من تصاعد قتل قوات الاحتلال الإسرائيلي للمواطنين الفلسطينيين، ودعت الى حمايتهم من عنف المستوطنين.
وفي السياق، نشرت الأمم المتحدة شريطا مصورا بعنوان فلسطين: قلقون من الخسائر في الأرواح والإصابات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتضمن الشريط ملاحظات المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال وينسلاند، أمام مجلس الأمن الاثنين، "إنني قلق من استمرار الخسائر المأساوية في الأرواح والإصابات الخطيرة في الأرض الفلسطينية المحتلة"، داعيًا إسرائيل إلى "الوفاء بالتزامها بحماية المدنيين الفلسطينيين من العنف".
وفي إحاطة أعضاء المجلس خلال مشاركته من القدس عبر فيديو كونفرنس، أشار وينسلاند إلى "عنف المستوطنين المتكرر ضد المدنيين الفلسطينيين" وقال "يجب اتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان وفاء إسرائيل بالتزامها بحماية المدنيين الفلسطينيين من العنف، بما في ذلك من قبل المستوطنين الإسرائيليين، والتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن مثل هذه الهجمات".
ووصف المنسق الخاص كيف تعرض صبي فلسطيني يبلغ من العمر (15 عامًا) في 17 أغسطس/ آب للاعتداء في شمال الضفة الغربية، عندما اختطفته مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين وربطته بشجرة واعتدت عليه بوحشية وحرقت أجزاء من جسده.
وأعرب وينسلاند عن قلقه الشديد من هذا العمل الشنيع، داعياً السلطات الإسرائيلية لإجراء تحقيق سريع وشامل وشفاف يتضمن محاسبة الجناة".