تقرير يكشف الحجم الهائل " للاستثمارات الفلسطينيه في دوله الاحتلال "

موقع مدينه رام الله الاخباري :

في الوقت الذي تدور فيه عجلة أنشطة مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية في الضّفة الغربية المحتلة، توجه مؤسسات وفصائل فلسطينية أصابع الاتهام لشركات محلّية تقدّم خدمات إنشائية للمستوطنات، وأخرى تقود استثمارات داخل هذه المناطق المقامة عنوة على الأرض الفلسطينية.

ويؤكّد متابعون لهذا الشأن أنّ عشرات شركات المقاولات الفلسطينية ومئات العمّال الفلسطينيين يعملون في مستوطنات الضّفة الغربية، ولاسيما في أعمال بناء المنازل على أراض صودرت من فلسطينيين، الأمر الذي يشير إلى مفارقة كبيرة، يعيشها بعض الفلسطينيون.

ويكشف رئيس جمعية حماية المستهلك عزمي الشيوخي لوكالة \"صفا\" عن إقامة بعض المستثمرين الفلسطينيين لمصانع داخل بعض المستوطنات بالضّفة الغربية، من أبرزها مستوطنة \"ميشور أدوميم\" التي يقام فيها العديد من المصانع الإسرائيلية، لافتا لوجود نحو 10 مليارات شيقل استثمارات فلسطينية داخل المستوطنات، وداخل المدن الإسرائيلية المحتلة.

ويشير إلى أن العديد من الشركات الفلسطينية تعمل في مجال البناء والتشطيب داخل المستوطنات، مشددًا في الوقت نفسه على أنّ قانون المقاطعة الفلسطيني ينصّ على منع التعاطي مع المستوطنات سواء بالأخذ والعطاء على ناحيتي السلع والخدمات.

ويؤكد الشيوخي ضرورة تنفيذ الفلسطينيين مقاطعة شاملة للبضائع الإسرائيلية، سواء كانت بضائع مستوطنات أو أخرى قادمة من الشركات الإسرائيلية العاملة بالداخل الفلسطيني المحتل، باعتبارها تقدّم الخدمات وشرايين الحياة للمستوطنات بالضّفة، وبالمقابل الاستغناء عن تقديم الخدمات للمستوطنات.

\"FF110620GY01-635x357\"

ويلفت إلى أن القضية بحاجة إلى تعاون وتناغم وعمل مشترك من جانب كافّة الجهات الفلسطينية، خاصّة وأنّ الكثير من العوامل والظروف لا تساعد على إتمام عملية المقاطعة الشاملة، كوجود الاحتلال وعدم السيطرة الفلسطينية على حدود الضّفة الغربية، لكنّه يرى أنّ بالإمكان تنفيذ مزيد من الجهود في هذا الصدد.

تطبيع اقتصادي

أمّا المحاضر في جامعة الخليل مجدي الجعبري، فيوضّح لوكالة \"صفا\" أنّ عمل الشركات الفلسطينية في المستوطنات له آثار سلبية كبيرة، منها آثار سياسية تتمثل في استمرار التطبيع الاقتصادي مع الاحتلال باعتبار هذه الجزئية لا تشملها حملات المقاطعة، وإضفاء شرعية على المستوطنات الإسرائيلية كون الأيدي العاملة فلسطينية.

ويشدد على خطورة هذه القضية على الصعيد الاقتصادي إذ إن تلك الشركات تبني المستوطنات، وهذا يشجّع على مصادرة الأرض الفلسطينية، محذرًا من سياسة الاحتلال التي تنفذها هذه الشركات على العمّال الفلسطينيين من خلال تقاضيها آلاف الشواقل الشهرية مقابل الحصول على تصاريح عمل داخل هذه المستوطنات، وفي كثير من الأحيان يقع العامل ضحية لخداع هؤلاء المقاولين.

نفور من العمل

ويعتقد الجعبري أنّ هذه الشركات لو استثمرت في الأراضي الفلسطينية بكل إمكانياتها وقدراتها لتمكنت من بناء الكثير من المنشآت الاقتصادية التي تدعم الاقتصاد الفلسطيني، وتسهم في حلّ البطالة.

وفي الوجهة المقابلة، يكشف الجعبري عن أنّ قطاع المقاولات الفلسطيني تعرض لنكسات متتالية لوجود مديونية عالية على السلطة، ما تسبّب بنفور بعض الشركات العاملة بالمناطق الفلسطينية للعمل بالمستوطنات، مشيرًا إلى أن الوضع المالي والاقتصادي السيء بالأراضي الفلسطينية هو الذي يدفع العمّال للانتقال للعمل بالمستوطنات.

ويطالب السلطة الفلسطينية بوضع سياسات اقتصادية استراتيجية لمعالجة المشكلة بشكل كبير، مشيرا إلى ضرورة التّوجه نحو تعمير الأرض الفلسطينية، وصبّ الاهتمام على قطاع الزراعة الذي يجب أن يكون مدعوما وعلى أولى الأجندات، \"لأن المعركة مع الاحتلال هي معركة أرض، وهذا يحتّم العودة للأرض لتعميرها لمنع الاحتلال من مصادرتها من جانب ودعم الناتج الوطني من الجانب الآخر\".

تبعية للاحتلال

وعلى صعيد التأثيرات الاستيطانية، يعتقد خبير شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش في حديثه لوكالة \"صفا\" أنّ لهذا النّوع من الاستثمار داخل المستوطنات أخطار كبيرة على صعيد تعزيز الاستيطان في الأرض الفلسطينية، لافتًا إلى أنّ عمل الشركات الفلسطينية والعمّال الفلسطينيين في المستوطنات يصنّفهم في إطار التبعية لسياسات الاحتلال في فرض الوقائع على الأرض.

ومن وجهة نظره، فإنّ الأمر يترك مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة، على صعيد سلب هذه الأراضي من فلسطيني لصالح تسكين مستوطن، وتشغيل عامل فلسطيني أيضا للعمل في هذا البناء، وبالتالي يتم مصادرة حقّ المزارع في العمل بأرضه، لصالح تشغيل عامل فلسطيني آخر، وبالحصيلة يسكن المستوطن على الأرض الفلسطينية.

لكنّ حنتش يشير إلى خطورة الحالة الرّاهنة بانعدام فرص العمل في المدن الفلسطينية للكثير من العمّال، واضطرارهم للذهاب للعمل داخل المستوطنات، مبينا بأنّ القيادة الفلسطينية مطالبة بالعمل على توفير البدائل للعامل الفلسطيني، حتى لا يكون فريسة يستغله المستوطنون، إضافة إلى تشجيع الشركات وتعزيزها بالسوق المحلية الفلسطينية، حتّى تستغني عن العمل داخل المستوطنات.

تقرير :

الخليل-حسن الرجوب - صفا