تقرير: الحكومة الإسرائيلية ملتزمة بتفاهمات حكومة نتنياهو مع قادة المستوطنين

بنيت والمستوطنين

 قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان إن الحكومة الاسرائيلية الحالية برئاسة نفتالي بينيت، جددت التزامها بالتفاهمات التي كانت قائمة ما بين الحكومة السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو وقادة المستوطنين.

وتشير التقارير والمعطيات بأن “حكومة التغيير” قد توافقت مع المستوطنين بشأن المحافظة على الأمر الواقع الذي كان قائمًا بين نتنياهو وقادة المستوطنين بخصوص المصادقة على البناء الاستيطاني.

وجاء ذلك في اجتماع ضم وزيرة الأمن الداخلي في الحكومة آييليت شاكيد وأعضاء من مجلس مستوطنات الضفة الغربية، حيث اتفق المجتمعون على أن تستمر سياسة الاستيطان على غرار ما كان في الحكومة السابقة، وذلك بأن يجتمع “المجلس الأعلى للتخطيط والبناء” التابع للإدارة المدنية كل 3 أشهر للمصادقة على المزيد من الوحدات الاستيطانية الجديدة.

وبموجب التفاهمات التي تم التوصل إليها بين عدد من أطراف الائتلاف الحكومي الجديد، سيجري الحفاظ على الوضع الراهن بكل ما يتعلق بالاستيطان، حيث سيتم تحديث المشاريع الاستيطانية كل 3 أشهر من خلال الاجتماع الدوري لمجلس التخطيط الأعلى التابعة للإدارة المدنية.
وجاء في البيان الذي صدر عن رئيس مجلس المستوطنات بالضفة دافيد لحياني، عقب الاجتماع بوزيرة الداخلية “نثق ونعتمد على الوزيرة شاكيد، ونتمنى أن تكون هذه الحكومة داعمة للمشروع الاستيطاني”.

وقالت شاكيد في مقابلة حديثة لها مع صحيفة “اسرائيل اليوم” إن الحكومة الجديدة لن تغيّر تصنيف مناطق في الضفة من “ج” إلى “أ” أو “ب”، حتى لو كان هناك طلب أميركي بهذا الخصوص، وأن الحكومة لن تجمّد الاستيطان في الضفة، وبالتأكيد ليس في القدس، على حد تعبيرها.

وقلّلت شاكيد من معارضة رئيس الحكومة البديل ووزير الخارجية يائير لابيد لشرعنة البؤرة الاستيطانية “أفياتار”، قائلة إن رئيس الحكومة نفتالي بينيت ووزير الأمن بيني غانتس سيلتزمان بالاتفاق مع المستوطنين.

وترجمة لهذه التفاهمات، أعلنت سلطات الاحتلال الاسبوع الماضي الاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي بلدتي قراوة بني حسان ودير استيا غرب سلفيت، حيث أفادت مصادر في بلديتي قراوة بني حسان ودير استيا بأن هناك مخططا لتوسيع مستوطنتي “يكير” و”نوفيم” بمساحة تتجاوز 8500 دونم.

وفي مؤشر على خطط استيطان جديدة، أعادت سلطات الاحتلال تجريف طريق استيطانية من معسكر حوارة جنوب نابلس، وصولا إلى قرية روجيب شرقا بطول نحو 2.5 كم، وتصل الطريق إلى منطقة يطلق عليها “خلة العبهر” في المنطقة الشرقية من روجيب، وتزامن ذلك مع اخطار سلطات الاحتلال المواطنين في روجيب قبل أسبوعين بهدم 25 منزلا ومسجد بالقرب من المنطقة المذكورة، وهناك تخوفات من اعتداءات استيطانية في محيطها.

وفي السياق نفسه، سطا مستوطنون على قطعة أرض تقع في الحوض رقم (19) من أراضي جالود، موقع “شعب خلة الوسطى” وشرعت الجرافات في أعمال تجريف في الأرض التي تصل مساحتها لنحو 20 دونمًا.

وكانت قوات الاحتلال قد أغلقت خلال الأسبوع الفائت الطريق الواصلة بين بلدتي قصرة وجالود، وعزلت أكثر من 600 دونم من الأراضي الزراعية، ومنعت أصحابها من الوصول إليها، وفي الوقت ذاته سمحت لمستوطني بؤرة “ايش كودش” بالاستيلاء على قطعة الأرض.

تطهير عرقي في القدس والاغوار
 

على صعيد آخر تتواصل سياسة التهجير والتطهير العرقي في الاراضي الفلسطينية، وآخر فصولها ما تعرضت له خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية، حيث هدمت جرافات الاحتلال للمرة السابعة 27 مبنى سكنيًّا وحظيرة مواشٍ وخزانات مياه ومنشآت زراعية، وصادرت في شاحنات عسكرية ضخمة كافة محتويات المساكن بما فيها المواد الغذائية وحليب الأطفال والملابس ومواد النظافة الصحية وألعاب الأطفال، وهُجّرت 11 أُسرة، تضم نحو 70 فردًا منهم 36 طفلًا.

وأجبر المواطنون على الصعود إلى السيارات العسكرية من أجل نقلهم إلى خارج التجمع في منطقة عين شبلي الى الشمال من المنطقة باتجاه وادي الباذان، وحاولت مجندات إسرائيليات إجبار النساء على ذلك بالقوة، لكنهن رفضن ذلك، ولاحقا أبلغت شرطة الاحتلال سكان القرية اخلاءها وهددت باعتقال من يرفض ذلك وترحيله بالقوة.

يذكر ان “حِمْصَة الفوقا” هي واحدة من بين 38 قرية بدوية تقع جزئيا أو كليا داخل ميدان أعلنته إسرائيل موقعا للرماية العسكرية.

وعلى صعيد سياسة هدم البيوت في إطار ترجمة توجهات التطهير العرقي أخطرت سلطات الاحتلال بهدم عمارة سكنية مكونة من 4 طوابق في بلدة شعفاط بمدينة القدس المحتلة، وأمهلت قاطنيها أسبوعين للإخلاء، وهي مشيدة منذ العام 2003، وتعود لأكثر من 10 عائلات مقدسية، وتضم نحو 55 فردا، وتبعد 200 متر عن مستوطنة “رامات شلومو”، وكانت سلطات الاحتلال قد أجبرت سكانها على إغلاقها بالطوب لعدة سنوات منذ العام 2005، بيد أنهم عادوا إليها في العام 2015.

وتصر بلدية الاحتلال في القدس على تنفيذ مخطط هدم حي البستان وطرد سكانه البالغ عددهم 1550 نسمة، وإبعادهم عن محيط المسجد الأقصى، حيث تطالب البلدية الفلسطينيين بإخلاء 100 شقة سكنية تصفها بأنها غير قانونية لصالح مشروع ما يسمى “حديقة الملك” الذي تعكف البلدية على تنفيذه ورصدت مئات ملايين الشواكل لأجل إقامته في حي البستان، وذلك لتغيير الواقع بالمنطقة من خلال إقامة مسارات تلمودية وكنس يهودية ومتاحف توراتية مفتوحة، تُعرض فيها معالم ورموز كأنها من فترة حقبة الهيكل المزعوم، ولتدلل على وجود حضارة يهودية بالمنطقة.

وقال نائب رئيس بلدية الاحتلال أرييه كينغ، إنه عرض على السكان الفلسطينيين نقلهم لمكان آخر للبناء فيه، لكنهم رفضوا، معتبرًا أنهم بذلك يؤذون أنفسهم، وفق قوله.

ومؤخرًا سلمت بلدية الاحتلال أوامر هدم ل 100 منزل في الحي على مرحلتين، الأولى 17 منزلًا، وكانت أمهلت أصحابها 21 يومًا لتنفيذ أوامر الهدم ذاتيًا، إلا أن السكان رفضوا ذلك، مما دفع طواقم البلدية لهدم منشأة تجارية تعود لعائلة الرجبي في الحي، وأما المرحلة الثانية، فقد أمهلت السكان حتى منتصف آب/ أغسطس القادم للحصول على التراخيص اللازمة، علمًا أن البلدية لا تمنح المقدسيين أي تراخيص للبناء.

وفي الوقت نفسه رفعت سلطات الاحتلال التجميد عن الإجراءات المتعلقة بالمخطط الاستيطاني الذي يطلق عليه “مركز القدس الشرقي” وحددت موعدًا نهائيًا للاعتراض حتى الـ29 من الشهر الجاري، ودعت سكان القدس المحتلة عامة إلى الاطلاع على المخطط وتقديم اعتراضات حيال تأثيره على حياتهم، خاصة القطاع التجاري والفنادق والخدمات السياحية، ولجان الأحياء.

ويمتد المخطط على مساحة تقارب الـ 700 دونم قرب شارع عثمان بن عفان من الشمال، حتى شارع المقدسي شرقًا، ويرتبط بمخطط وادي الجوز (المنطقة الصناعية) ما يسمى “بوادي السيلكون” الذي يهدف إلى إزالة المنطقة الصناعية من وادي الجوز واستبدالها بمنطقة مهيأة لبناء فنادق ومكاتب ومراكز خاصة بشركات الهاي تك.

ردود فعل دولية

وتثير سياسة هدم منازل المواطنين وسياسة التطهير العرقي ردود فعل دولية واسعة، ففي تقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة للشؤون الانسانية “أوتشا” ذكر بان سلطات الاحتلال هدمت ما لا يقلّ عن 421 مبنى يملكها فلسطينيون منذ بداية العام الجاري بما فيها 130 مبنًى موّله المانحون.

وأوضح التقرير أن عمليات الهدم أدت لتهجير 592 شخصًا، منهم نحو 320 طفلًا، في مختلف أنحاء الضفة، وهذا يمثل زيادة قدرها 24% في عدد المباني المستهدفة، وزيادة تقارب 110% في استهداف المباني المموّلة من المانحين، وارتفاعًا يربو على 50% في عدد السكان المهجرين، بالمقارنة مع الفترة المقابلة من العام 2020.

من جانبها، اعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر هدم الجيش الإسرائيلي قرية حِمْصة الفوقا “تقويضا للكرامة الإنسانية”، وطالبت اللجنة إسرائيل بضمان “عيش السكان الفلسطينيين في الأراضي التي تحتلها، حياةً طبيعيةً قدر الإمكان، وبما يتوافق مع قوانينهم وثقافتهم وتقاليدهم”.

فيما أكد الاتحاد الأوروبي أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وكذلك الإجراءات أحادية الجانب كعمليات النقل القسري والإخلاء وهدم ومصادرة المنازل، التي لن تؤدي إلا إلى بيئة متوترة بالفعل ومزيد من العنف والمعاناة الإنسانية، داعيا السلطات الإسرائيلية أن توقف هذه الأنشطة فورا وأن تقدم تصاريح مناسبة للبناء القانوني وتطوير التجمعات الفلسطينية.