يعاني الاقتصاد في قطاع غزة من ويلات العدوان الإسرائيلي لليوم التاسع على التوالي، والذي يضرب ما تبقى من اقتصاد المدينة المحاصرة منذ أكثر من عقد ونصف.
ومنذ اليوم الأول في العدوان، تعمّد جيش الاحتلال قصف المصانع والبنية التحتية وقطع الطرق، والبنوك والمؤسسات الحكومية.
وطال القصف الأراضي الزراعية، في ظل صعوبة وصول المزارعين ومربي المواشي لأراضيهم التي تتوزع في المناطق الحدودية بالقطاع.
خسائر كبيرة
ورغم صعوبة إحصاء حجم الخسائر الاقتصادية في ظل استمرار العدوان، واتساع حجم الخسائر ساعة بعد أخرى، إلا أن مراسل وكالة "صفا" حصل على إحصائية أولية مساء الإثنين.
وتتمثل الإحصائية الأولية في تدمير أكثر من 40 مصنعا بشكل كامل، ليحرم مئات العمال من قوت يومهم ويضمهم لطابور البطالة.
في حين زاد عدد المحال التجارية التي جرى تدميرها عن 400 محل، مع توقف كامل للحركة السياحية التي من المفترض أن تبدأ العمل خلال الأيام الجارية في ظل قرب موسم الصيف.
وتعمّد الاحتلال في عدوانه الحالي على غزة، تدمير أغلبية شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، في وقت يقصف فيه مفترقات الطرق ويلحق أضرارا كبيرة بالبنية التحتية.
ومع منع إدخال الوقود وإغلاق معبر "كرم أبو سالم" والذي يعتبر المعبر الرئيسي لإدخال احتياجات سكان قطاع غزة، تعمّقت مشكلة الكهرباء التي تأتي 4 ساعات يوميا فقط.
بدوره، قدّر مدير عام التخطيط بوزارة الاقتصاد والمختص في الشأن الاقتصادي أسامة نوفل، حجم الخسائر المالية الأولية للعدوان حتى نشر هذا التقرير بأكثر من 250 مليون دولار أمريكي (ربع مليار دولار).
وقال نوفل إن هناك خسائر أخرى غير مباشرة تتمثل في توقف المصانع لعدة أشهر مقبلة بسبب القصف وما يترتب على انقطاع التيار الكهربائي وغيرها.
وأوضح أن القطاع الاقتصادي لم يستعد سوى 7% من عافيته بعد حرب عام 2014، مقارنة بما قبلها، في وقت يعيق استمرار فرص الحصار التعافي الاقتصادي والتنمية التي ينبغي الوصول إليها.
وتوقع أن يتضاعف حجم الخسائر في ظل استمرار العدوان، "فكل يوم نحن أمام خسائر بملايين الدولارات، لا يقوى الاقتصاد الغزّي على تحملها".
وأكد نوفل وجوب البدء الفوري بإيجاد آلية لجمع أموال المانحين والبدء بإعمار قطاع غزة، داعيا لوضع بند ضمن شروط التهدئة يقضي برفع الحصار عن قطاع غزة وإدخال جميع مواد البناء دون رقابة.
ودعا مدير عام التخطيط، القيادة الفلسطينية، لضرورة العمل على إنهاء آلية الأمم المتحدة GRM)) لإعادة الإعمار، وكذلك وضع سقف زمني للإعمار لا يتعدى العام الواحد.
وأضاف "نستطيع القول إنه في حال لم تخضع عملية إعادة الإعمار لشروط الاحتلال وبدأت المواد الخام تدخل دون رقيب، فإنها سوف تخلق فرص عمل كبيرة وتقلل معدلات البطالة ويشهد القطاع الاقتصادي انتعاشه غير مسبوقة وهو ما قد يخلق بارقة أمل للشباب العاطل عن العمل".
من جهته، أكد نقيب المقاولين في قطاع غزة أسامة كحيل، أن الدمار الكبير لم يتوقف على تدمير المباني والمؤسسات المدنية، "فحجم الدمار في البنية التحتية كبير جدا أيضا".
وقال كحيل : "نحن نفكر حاليا وبشكل جدي بعملية إعادة الإعمار، وأولى الخطوات التي يجب التخلص منها هي آلية الأمم المتحدة GRM)) لإعادة الإعمار.
وشدد على ضرورة وقف العمل بالآلية التي وصفها بـ "العقيمة"، التي تعيق إعمار قطاع غزة وتكبد المقاولين والمواطنين خسائر إضافية يمكن توفيرها.
وأضاف كحيل: "شركات المقاولات الفلسطينية امتلكت خبرة قوية في عملية إعادة الإعمار، فخلال عام واحد نتمكن من إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ولكن في ظل آلية GRM)) لن يكفينا 5 أعوام".
ولفت إلى أن نقابة المقاولين وضعت جميع معداتها وخبراتها تحت تصرف الجهات الحكومية والمختصة لتجاوز العدوان والدمار الذي ألحقه الاحتلال بالمباني والطرق، موضحا أن "معدات المقاولين تتعاون حاليا مع بلديات قطاع غزة في إزالة الأنقاض".
القطاع الزراعي
في حين، أكد المتحدث باسم وزارة الزراعة في غزة، أدهم البسيوني أن خسائر القطاع الزراعي جراء العدوان المتواصل على قطاع غزة –حتى نشر التقرير- فاق 20 مليون دولار.
وقال البسيوني في حيث له إن الخسائر تزداد يوما بعد الآخر، في ظل استمرار القصف وتعذر وصول المزارعين لمحاصيلهم ومواشيهم.
وأوضح أن طائرات الاحتلال تتعمد استهداف الأراضي الزراعية ومخازن الإنتاج الحيواني، لزيادة الخسائر المادية بين المزارعين.
ووفق المتحدث باسم وزارة الزراعة، فإن الخسائر تتمثل في تدمير للمحاصيل الزراعية، وقتل للمواشي وتدمير البنية التحتية الزراعية.
وأشار إلى أن خسائر القطاع الحيواني كانت كبيرة في ظل تخوف المزارعين من الوصول لمواشيهم والاعتناء بها بعد تعمد قصفهم، وهو ما أدى لنفوق هذه المواشي.
ونوّه البسيوني إلى أن القطاع الحيواني أمام معضلة أخرى قد تصبح كارثة، وتتمثل في إغلاق المعابر وعدم إدخال الأعلاف والأدوية الخاصة بالمواشي.
وتطرق للحديث عن توقف قطاع الصيد منذ نحو أسبوعين، وهو ما ألحق خسائر كبيرة لدى الصيادين الذين لا يجدون قوت يومهم، فضلا عن تعمد قصف طائرات وزوارق الاحتلال لبعض سفن الصيادين.
ويتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم التاسع على التوالي، تاركا أكثر مائتي شهيد و1300 جريح.