في أحد متاجر بيع \"المجسمات التراثية\"، وسط مدينة غزة، يتباهى الفتى أحمد عبيد، باقتنائه ميدالية نُقشت عليها شخصية \"حنظلة\" الكاريكاتورية الشهيرة.
ويتفاخر عبيد (16 عاما)، وهو يعلق الميدالية، على هاتفه المحمول، فهي بالنسبة له أكثر من مجرد قطعة \"أكسسوار\" للتزيين.
ويضيف، لوكالة الأناضول أنه يحرص على اقتناء الميداليات والنقوش التي تضم رموزا وطنية، وتعبّر عن \"القضية الفلسطينية\"، ويعتبرها من أكثر الرموز المحببة إليه، حيث تذكره كما قال، بتحدي الفلسطينيين لظروفهم \"القاسية\"، ورفضهم للاستسلام.
و\"حنظلة\"، شخصية كاريكاتورية شهيرة ابتكرها الرسام الفلسطيني الراحل \"ناجي العلي\"، وهي تُظهر طفلا مشردا، حافي القدمين، يرتدي ملابسه المرقعة، يُعطي ظهره للمشاهدين، وهي الوحيدة بين رسوماته التي لم يكشف عن وجهها.
وتشعر الشابة نور هاشم (23 عاما) بالرضا، إزاء سوار جلدي يحيط معصمها، وقد نقشت عليه خارطة فلسطين، والمسجد الأقصى.
وتتابع: \"أشعر بالفخر، وأنا أرتدي ما يمثلني، أو أقتني رمزا يذكرني بهويتي الفلسطينية\".
ولا تفارق ميدالية فضيّة اللون نُقش عليها \"مفتاح منزل كبير الحجم\"، حقيبة الطالب الجامعي زكريا فرج (19 عاما)، الذي يقول لوكالة الأناضول، إنّها تذكره بأرض فلسطين التاريخية.
ويطلق الفلسطينيون على المفتاح، مصطلح \"مفتاح العودة\"، وهو يشير إلى حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم التي طردوا منها عام 1948.
ويضيف فرج: \"قبل 3 أعوام وفي ذكرى النكبة، اشتريت الميدالية من أحد المحال التجارية، ولم تعد تفارقني\".
ويحيي الفلسطينيون ذكرى ما يطلقون عليه \"النكبة\" في 15 من مايو/أيار كل عام (وهي توافق ذكرى قيام دولة إسرائيل)، بمسيرات احتجاجية، وإقامة معارض تراثية تؤكد على حق العودة، وارتباطهم بأرضهم التي رحل عنها آباؤهم وأجدادهم عام 1948.
ولا تغيب صور القادة الفلسطينيين وفي مقدمتهم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أحمد ياسين، عن المقتنيات التي يطلبها الشبان في غزة، لتزيين إطلالاتهم.
ويقول الشاب رأفت مهنّا، إنّه بالرغم من شعوره بالأسف حيال عدم تطبيق المصالحة بين حركتي \"فتح\" و\"حماس\"، وغياب ما أسماه بـ\"الحس الوطني\" إلا أنه يحرص على اقتناء ميداليات تزينها صورة \"القادة\".
وتابع: \"الزعيم ياسر عرفات، والشيخ أحمد ياسين، هؤلاء يجب ألا يغيبوا عن الذاكرة، وأنا على ثقة لو أنهم بيننا لكان حالنا أفضل\".
ووقعت حركتا فتح وحماس، في 23 أبريل/نيسان 2014، عقب قرابة 7 سنوات من الانقسام (2007-2014) على اتفاق للمصالحة، نص على تشكيل حكومة توافق لمدة 6 شهور، ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
غير أن الخلافات السياسية بين الحركتين استمرت، وسط تبادل الاتهامات بشأن تعطيل المصالحة، وتطبيق بنودها.
ويقول محمد أبو ديّة وهو صاحب أحد متاجر صناعة وبيع النقوش والمجسمات التراثية، إن حالة الإحباط من الوضع السياسي والهم اليومي، لم تمنع الشبان في غزة من الإقبال على الميداليات والأساور وكافة أشكال الزينة التي تحوي رموزا وطنية.
ويضيف أبو دية لوكالة الأناضول، أنّ الكثير من الشبان يتنافسون في شراء وارتداء تلك الإكسسوارات، وهو ما دفعه إلى صناعة المزيد منها.
ومن أبرز ما يبيعه محله الأساور والميداليات المنقوش عليها \"حنظلة\" و\"مفتاح العودة\" و\"علم فلسطين\".كما يطلب كثيرون وفق أبو دية شعارات فصائل المقاومة الفلسطينية، والمسجد الأقصى، وقبة الصخرة.
وبدرجة أقل يطلب آخرون ميداليات نقشت عليها شخصيات رياضية عالمية قال أبو دية إن أبرزها تعود لنجوم الناديين الإسبانيين \"ريـال مدريد\" و\"برشلونة\".
واستدرك بالقول: \"إلى جانب الرموز الوطنية، هناك إقبال من الشباب على شعارات الأندية الأوروبية، والشخصيات الرياضية العالمية\".
وتحظى الكرة الأوروبية باهتمام واسع بين شبان قطاع غزة، ويحتل الدوري الإسباني أولى هذه الاهتمامات، لضمه كوكبة من نجوم العالم، يتقدمهم الأرجنتيني ليونيل ميسي، مهاجم برشلونة، والبرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم ريـال مدريد.