رام الله الإخباري
"أنا أختنق"، كانت هذه هي الكلمات الأخيرة التي نطقت بها الممرضة نجاة حاج يحيى (49 عاما) التي توفيت أمس، السبت، مـتأثرة بإصابتها بفيروس كورونا المستجد، وذلك بعد وفاة زوجها جواد حاج يحيى (54 عاما) هو الآخر إثر إصابته بالفيروس.
هكذا يروي الممرض محمود حاج يحيى وهو قريب المرحومة وزميلها في العمل، تفاصيل آخر محادثة للمرحومة نجاة قبل أن يتم ربطها بجهاز التنفس الاصطناعي ودخولها في غيبوبة.
ومع احتدام الصراع مع فيروس كورونا الذي لا يزال يهدد الملايين تتعدد القصص المأساوية لضحاياه وذويهم.
ولا تزال عائلة المرحومين جواد ونجاة حاج يحيى من مدينة الطيبة في صدمةٍ من أثر الفاجعة، حيث تركا وراءهما أربعة أبناء؛ ولدان وبنتان في ربيع عمرهم.
عملت المرحومة نجاة ممرضة في مستشفى الشارون منذ 33 عاما، وهو المستشفى الذي قضت فيه هي وزوجها اللحظات الأخيرة من حياتهما حيث توفيا متأثرين بإصابتهما.
ويروي محمود حاج يحيى أن "نجاة عملت في الموجة الأولى في قسم كورونا ببسالة، رغم حالة الرعب التي عمّت البلاد حينها، ولم تتوانَ عن مساعدة المرضى بمهنية عالية على حساب وقتها وبيتها وأولادها".
وتابع أن "نجاة كانت بمثابة والدتي، رافقتني منذ صغري وحتى في مكان عملي، وبسببها دخلت عالم التمريض، هي إنسانة طيبة الذكر بشوشة وكريمة ومعطاءة، تحب مساعدة البعيد قبل القريب".
وأضاف أن "نجاة عملت في قسم كورونا وعالجت الكثير من المصابين منهم من كان على شفى الموت، ورغم ذلك حين مرضت لم يتمكن الأطباء من إنقاذها. نحن نشكرهم في جميع الأحوال على المجهود الذي قدموه في سبيل ذلك".
ويروي حاج يحيى أنه "منذ إصابة نجاة وأنا أرافقها في المستشفى، وأزورها في كل يوم في قسم كورونا، وآخر محادثة كانت بيني وبينها وهي تمكث في قسم العناية المركزة قبل أن يتم وصلها بجهاز التنفس الاصطناعي، اتصلت بها لأتفقد أمرها. قالت لي ‘أنا أختنق‘ وأغلقت الهاتف، ومنذ تلك اللحظة وهي لا تجيبني".
ووجه الممرضة رسالة إلى المواطنين العرب، وقال إن "عليكم أن تنظروا إلى ما يحصل بالناس حولكم بسبب الفيروس، كورونا تغيّر وتحور وبات خطرا على جميع الأجيال، لا تستهينوا بالمرض، تتطعموا وحافظوا على التعليمات".
وقال نجل المرحومة نجاة، الشاب محمد حاج يحيى إن "والدي ووالدتي كانا مرتبطين جدا ببعضهما البعض، حتى هلال فترة مكوثهما في المستشفى رغم أنهما كانا بعيدين عن بعضهما البعض، إلا أن والدتي كانت تدرك ما يجري حولها، وحين توفي والدي شعرت بذلك رغم أنها كانت قد دخلت في غيبوبة".
وأوضح أن "لم يكن لدى والدتي تاريخ مع الأمراض المزمنة، فيما عانى لدى والدي في السابق من مرض في القلب، ولم نعلم مصدر العدوى والإصابة التي تعرضا لها".
وأوضح أنه "كان لوالدتي طموح وأحلام حول مستقبلنا، وحلمت بتخرجنا من الجامعات وأن نكون عائلات وأن ترى وتفرح بذلك، ولكن القدر أراد ذلك ولا اعتراض على قدر الله. آخر مشروع كنا نعمل عليه معا، بناء بيت جديد، ونحن سنكمل هذه المسيرة لنحقق ما أراده منا والدينا".
وتابع "والدتي كانت بمثابة المرشد بالنسبة لي ولأشقائي، وهي الموجه الأول لنا، كانت إنسانة حنونة تحب المساعدة، وتحب عملها، وخدمت الناس من قلبها، كنا لا نراها أحيانا وهي تقضي أوقاتا طويلة في العمل، لا تخاف ولا تتوانى عن المساعدة، ماذا نقول؟ فقدنا أغلى ما نملك".
عرب 48