ما كانت تخشاه العائلة أصبح واقعاً.. شيخ الأسرى اللواء فؤاد الشوبكي تأكدت إصابته بفيروس كورونا.
رانيا، كريمة الأسير، قالت: إنه وبعد الأنباء التي توالت عن تسجيل عدة إصابات بالفيروس في سجن النقب حيث يقبع والدي، أصبحت العائلة أكثر قلقاً من إصابته بالعدوى، وخاصة أن إدارة المعتقل حالت دون وصول سبل الوقاية للأسرى وتعمدت إبقاء عدد من المصابين بالفيروس داخل السجن، ولم تقم بفحص الآخرين ممن خالطوهم.
أصيب الأسير الشوبكي (82 عاماً) بـ"كورونا" بعد أن انتقلت العدوى له من أحد السجانين، حيث كان من المقرر أن يخضع صباحاً لعملية جراحية في عينه في مستشفى "برزلاي" الإسرائيلي، لذلك تم نقله بالأمس من سجن النقب، وتبين لاحقاً أن سائق البوسطة مصاب بالفيروس.
ما ورد للعائلة من معلومات، يشير إلى أن شيخ الأسرى كما اصطلح على تسميته نظراً لأنه أكبرهم سنّا، نقل إلى قسم عزل "إيلا" في سجن بئر السبع بداعي إخضاعه للحجر الصحي.
الشوبكي يعاني من ارتفاع ضغط الدم، وماء على العينين، إضافة إلى سرطان في البروستاتا تم تشخيصه منذ نحو عامين، إضافة إلى أنه أخضع لعملية جراحية قبل عدة أعوام تم خلالها اجتزاء قسم من عضلة البطن بعد تشخيص خاطئ بإصابته بسرطان في الكلى.
"هو الآن في العزل، وحالته الصحية صعبة، وبالتأكيد لا يوجد أطباء يتابعون حالة المصابين بالكورونا، إن حدث أي عارض أو تطور مفاجئ على الحالة الصحية كيف سيجري التعامل معه؟ هذا مصدر قلقنا الآن" تقول رانيا، وهي تطالب مؤسسات حقوق الإنسان بالتدخل ونقله إلى أحد المستشفيات لمتابعة وضعه عن كثب.
بالتأكيد تود عائلة شيخ الأسرى الإفراج عنه في أقرب وقت، ولكنها لا تتوقع ذلك، لاسيما أن سلطات الاحتلال رفضت في أكثر من مناسبة طلبات تقدم بها المحامون لإطلاق سراحه قبل انتهاء محكوميته التي تبقى منها 26 شهراً، من مجمل مدة الحكم التي وصلت إلى 17 عاما.
تضيف رانيا الشوبكي: "قوبلت كافة مساعي الإفراج المبكر عن والدي بالرفض، وكان أحد تلك الطلبات مرفقاً بتقرير صدر عن مؤسسة تعنى بالحالات النفسية، ويشير إلى أن حالته على المستوى النفسي لم تعد كما كانت حين تم اعتقاله عام 2006".
لا تنتظر العائلة من الاحتلال أي التفاتة إنسانية، ولكن تطالب المؤسسات الحقوقية بتزويدها بما يمكن من أخبار واطلاعها على ما يرد من تقارير حول تطورات الحالة الصحية للأسير فؤاد الشوبكي، خاصة وأن المرض يهدد حياة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، حسب تحذيرات منظمة الصحة العالمية.
المؤسسات الحقوقية ستتداعى إلى اجتماع عاجل يوم الأحد المقبل على مستوى اللجنة الوطنية لإنقاذ حياة الأسرى المرضى وبمشاركة عدد من الوزارات الهامة، لمناقشة التطورات الأخيرة في سجون الاحتلال وفي مقدمتها ازدياد عدد المصابين من الأسرى بفيروس كورونا.
وأوضح مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية (حريات) حلمي الاعرج، أن الاجتماع سيبحث آليات العمل الفورية للتحرك على الصعيدين الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أن المرحلة الأولى ستبدأ بمخاطبة منظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتتحمل مسؤولياتها، والعمل على إصدار موقف علني باتجاه الإهمال الطبي والمماطلة من قبل سلطات الاحتلال سواء في إعطاء اللقاح أو إطلاق سراح الأسرى المرضى.
وأكد أن إصابة الأسير المسنّ فؤاد الشوبكي بفيروس كورونا يمثل إمعاناً من الاحتلال برفض إطلاق سراح الأسرى المرضى وكبار السن، رغم كل التحذيرات والمناشدات التي أطلقتها المؤسسات الحقوقية، من أجل التخفيف من الاكتظاظ في المعتقلات وحماية المرضى من الإصابة بفيروس "كورونا".
وأضاف "سلطات الاحتلال غضت الطرف عن ذلك، وأمعنت في سياسة الاعتقال اليومي وسحبت مواد التنظيف من "الكانتينا" بدلاً من أن تقدم مواد التعقيم لحماية الأسرى من الوباء. الآن انتشر الفيروس في عدة سجون والكل يشعر بحالة من القلق الشديد والخطر على حياة الأسرى، ويضاف إلى ذلك المماطلة في الموافقة على تطعيم الأسرى باللقاح".
وحمل الأعرج، سلطات الاحتلال كامل المسؤولية عن استشهاد كمال أبو وعر وماهر سعسع، وإصابة شيخ الأسرى بالفيروس، لأن ذلك يعكس السياسة العنصرية التي تتبع لإعدام الأسرى بشكل بطيء.
وبيّن نادي الأسير الفلسطيني، أن إدارة السجون خصصت في كل سجن تقريبا قسماً خاصاً بعزل الأسرى المصابين بفيروس "كورونا"، إلا أن معظم الأسرى الي أصيبوا مؤخرا نقلوا إلى قسم (8) في سجن ريمون.
ومنذ بداية انتشار الوباء، سجل النادي أكثر من 290 إصابة بالفيروس في صفوف الأسرى، وكانت أعلى نسبة للإصابات في سجن "جلبوع" يليه "النقب" و"ريمون".
وتحذر المؤسسات التي تعنى بشؤون الحركة الأسيرة، من أن إدارة سجون الاحتلال تعمل على تحويل الوباء لأداة قمع وتنكيل، حيث تماطل في توفير الإجراءات الوقائية اللازمة في أقسام الأسرى كمواد التنظيف والتعقيم، واحتجاز العشرات من المعتقلين الجدد في مراكز توقيف لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة الإنسانية، كما جرى في مركزي "حوارة، و"عتصيون"، حيث عزلت المعتقلين لفترات تزيد على 20 يومًا في ظروف مأساوية وغير إنسانية تحت مسمى "الحجر الصحي".
ويضاف إلى ذلك سياسة الإهمال الطبي، حيث يوضع المصابون بالعدوى في عزل مضاعف، ويتم حرمانهم من التواصل مع عائلاتهم أو لقاء المحامين بعد أن أوقفت الزيارات لفترة زمنية، والمماطلة كذلك في أخذ العينات وإعلان نتائجها، الأمر الذي ساهم في انتشار الفيروس.