صباح 29 تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، أيقظت أصوات جرافات المستوطنين، أهالي مدينة سلفيت من نومهم، وهم يجرفون أراضي منطقة "الرأس" الواقعة إلى الغرب من المدينة، وتقدر مساحتها بـ (50 دونما)، محاطة بأشجار الزيتون.
ذيب ناصيف وهو أحد أصحاب الأرض قال : إن والده موسى ورث هذه الأرض عن والده عام 1983 حيث تقدر مساحتها 30 دونما، ولديه أوراق إثبات ملكية من الطابو، وهي من أعلى المواقع في مدينة سلفيت وأكثرها أهمية، مضيفا "كنا نزرعها ونفلحها ويستفيد منها ما لا يقل عن 30 عائلة فلسطينية".
وأضاف: استولى المستوطنون على الأرض، ووضعوا فيها "بركسات للأغنام" ونصبوا الأعمدة، ومنعونا من الوصول إلى أرضنا وحقنا، ويتعرضون لنا بالضرب بمساندة جيش الاحتلال.
رئيس الوحدة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عايد مرار قال للوكالة الرسمية ان ادعاء الاحتلال الاسرائيلي أن هذه الأرض "أراضي دولة"، رغم وجود كوشان عثماني يثبت حق أهالي سلفيت بالأرض، وبالتالي بحسب القانون يمنع الاستيلاء على الأرض لأي سبب كان، الا أن الاحتلال يتجاوز هذا ويحاول إيجاد ثغرة قانونية لإبقاء "الكرفانات" التي أقامها المستوطنون في مكانها.
رئيس بلدية سلفيت عبد الكريم زبيدي قال : تفاجأنا بوجود جرافات المستوطنين بدعم من جيش الاحتلال في هذه المنطقة دون إخطارات مسبقة أو أوامر بالاستيلاء، واصفا المنطقة بأنها إستراتيجية ومركزية لمدينة سلفيت، وذات طبيعة خلابة، وتطل على محافظات: نابلس ورام الله وقلقيلية.
وأضاف: هذه الأراضي من أخطر المناطق في حال استولى عليها الاحتلال لأنها ستشكل "إصبع أريئيل"، وستربط المستوطنات والمناطق الصناعية الاستيطانية ببعضها، لتشكل كتلة واحدة متواصلة من كفر قاسم وحتى بداية الأغوار، وهذا يشطر الضفة الغربية إلى شطرين.
وبيّن أن هناك خطورة في الاستيلاء على آلاف الدونمات المحيطة بالمنطقة من أجل ربط مستوطنة "أريئيل" بمستوطنة "بركان" إحدى أكبر المستوطنات الصناعية المقامة على أراضي الضفة الغربية، وهذا يترتب عليه حرمان سلفيت من التوسع بالاتجاه الغربي، كما حرمت مستوطنة "ارائيل" المواطنين من التوسع من جهة الشمال.
"ما زالت جرافات المستوطنين تعمل في المنطقة حتى اليوم، وتم وضع الكرفانات المتنقلة، بينما تمنع قوات الاحتلال المواطنين من الوصول إلى أراضيهم" قال زبيدي.
مؤخرا بدأت بلدية سلفيت بمشاريع زراعة أشجار الزيتون في المنطقة المحيطة، وشق الطرق الزراعية، وتنظيم فعاليات ووقفات احتجاجية مع مؤسسات المحافظة، والتي قوبلت بالقمع والاعتقال من قبل الاحتلال.
بدوره، ذكر أمين سر حركة "فتح" إقليم سلفيت عبد الستار عواد: أن الاستهداف الاستيطاني لمحافظة سلفيت أخذ يتصاعد بشكل كبير في الفترة الأخيرة، حيث ينفذ المستوطنون العديد من الهجمات الإجرامية المتمثلة بهدم الآبار، والغرف الزراعية، وتدمير الآلاف الدونمات من الأراضي واقتلاع أشجار الزيتون.
وبيّن أنه تم شق طريق من قبل الاحتلال يبدأ من المدخل الشمالي لسلفيت ويمتد بطول 2 كيلو متر، وصولاً إلى منطقة "الرأس"، وفرشه بـ "البسكورس" وتأسيس خط كهرباء في يوم واحد من أجل خدمة البؤرة الاستيطانية.
وتابع عواد: أن "خلة حسان" في بلدة بديا وأراضي المزارعين في حارس وقراوة بني حسان ودير استيا نموذج حي لما تتعرض له المحافظة يوماً من اعتداءات من قبل الاحتلال والمستوطنين.
الجدير بالذكر أن "خلة حسان" ( 4آلاف دونم) غرب بلدة بديا، تعاني منذ بداية العام الجاري من هجمات المستوطنين واعتداءات متواصلة من قبل جيش الاحتلال، ومحاولات النهب وتزوير الأوراق والتسريب، بهدف إقامة بؤرة استيطانية جديدة أعلن عنها عام 2016، تفصل محافظتي سلفيت وقلقيلية، وتربط كتلة "معاليه شمرون" مع مستوطنات "الكناة، وبركان، واريئيل".
وبحسب مركز المعلومات الوطني لـوكالة "وفا"، فإن الكثير من الخبراء والمتخصصين في قضايا الاستيطان يرون أن سلفيت تعدُّ المحافظة الثانية بعد القدس من حيث الاستهداف الاستيطاني الإسرائيلي، بهدف فصل شمال الضفة عن جنوبها، والهيمنة على المياه الجوفية في المحافظة .