سلط تقرير نشره موقع \"والا\" العبري مؤخراً الضوء على عالم مشغلي العملاء في جهاز الشاباك \"ركازيم\"، وهم المسئولون عن شتى المناطق الفلسطينية ويديرون شبكة من عملائهم.
وتناول التقرير طريقة تهيئة ضباط الشاباك قبل انخراطهم، وكيف يجري تعليمهم للغة العربية بإتقان، إضافة لتعلم عادات وتقاليد البيئة المستهدفة كالأمثال الشعبية واللهجة وكذلك تحفيظهم آيات من القرآن الكريم في فترة زمنية تزيد عن العام.
وقال معد التقرير وهو مراسله العسكري ويدعى أمير بوخبوط إنه لن يتم تشغيل الضباط في الشاباك قبل أن يتحولوا إلى ناطقين للغة العربية كلغة أم إلى درجة نسج أحلامهم باللغة العربية.
وعرج على طرق استغلال حاجة الفلسطينيين للعلاج وإعالة الأسرة في ابتزازهم بالتعاون مع الاحتلال، منوهين إلى أن البيئات الفقيرة من أخصب البيئات لتجنيد العملاء، وان الصورة النمطية المأخوذة عن العملاء في انه جرى تجنيدهم لدوافع جنسية خاطئة فالكثيرين منهم يدخلون من أبواب أخرى كالضياع الفكري والانحراف العقائدي.
وتحدث عن أن غالبية الحالات التي يتم خلالها الإعلان عن كشف عملاء في نهاية عمليات إسرائيلية ناجحة لا تكون صحيحة بل تكون في غالبيتها محاولة لتفريغ الضغط النفسي لدى السكان على حد تعبيره.
ونقل الموقع عن مسئول الشاباك الأسبق يعقوب بيري قوله إن \"أكثر ما يؤلم الشاباك هو كشف أحد أعينه الفاعلة، ويعتبر ذلك بمثابة عملية تخريبية، وكذلك مشاهد إعدام العملاء تؤرق مسئولي المناطق في الشاباك والجهاز برمته\"، واصفاً ذلك بالفشل الكبير.
وأضاف: \"قد يوصل أي خلل إلى كشف المصدر ومن الممكن تصفيته في هكذا ظروف وفي حال تم تعليق عميلك حتى الموت وسط القرية فإن ذلك يعد فشلاً في عملك بما يشبه وقوع عمليات في منطقتك \".
وضرب بوخبوط مثالاً على مدى إلمام ضباط الشاباك بالثقافة الفلسطينية المختلفة، بالقول: \"حضر أحد ضباط الشاباك لقاءً عقد بين وزير الجيش الإسرائيلي الأسبق شاؤول موفاز وبين وزير الداخلية الفلسطينية حينه محمد دحلان وذلك قبيل انسحاب الجيش من القطاع حيث سأل موفاز دحلان عن قدرته على تحمل المسئولية عن أمر ما\".
وأكمل: \"فأجاب دحلان بالإيجاب فيما قال المترجم وهو ضابط في الشاباك انه يقول بأنه غير قادر الأمر الذي أثار حفيظة مستشار موفاز الذي صرخ على الضابط قائلاً: كيف تقول انه لا يستطيع وقد أبدى موافقته\".
وقال له إنه \"يعلم بحركات الجسد لذلك قال انه لا يستطيع وبعدها ألقى قلماً تحت الطاولة ما استدعى دحلان للانحناء على الأرض وأخذه وتسليمه لرجل الشاباك وعندها قال الضابط لموفاز لو أن شخصاً آخر جلس هنا لما رفع القلم ولا يكفي أن تترجم الأقوال فعليك ترجمة لغة الجسد فضحك موفاز \".
دورات مكثفة
ولفت التقرير إلى تلقي ضابط الشاباك لدورات في فن التعامل مع الآخرين واحترام الديانة الإسلامية، وكذلك وجوب عدم التعامل بعنف مع العميل حتى يتمكن من الحصول على ما يريد عبر علاقات شخصية.
فيما تدور بعض التساؤلات في خلد ضباط الشاباك الجدد لأقرانهم من القديمين من قبيل: هل يتوجب إدارة علاقة ارتباط مع العميل كرئيس ومرؤوس حتى لا ينسى العميل أن المشغل هو السيد؟
وكذلك هل من المسموح المخاطرة بحياة العميل؟ كم يسمح بالضغط على العميل للحصول على معلومة تنقذ حياة البشر؟، ورد ضباط قديمون بأن هذا العالم مليء بالصدمات والشكوك والفضول ولكن لا يوجد فيه أي سذاجة أو طيبة قلب، فالعميل يبقى تحت خطر مستمر فيجب التعامل معه بحساسية ونعومة.
وفي هذا السياق قال بري \"أنت تلعب بحياة البشر، وأنت مسئول أيضاً عن ذلك، وهنالك طرق سريعة لحل المشاكل والمخربون في تطور دائم فهنالك حالات يتم تشغيل الخلايا فيها من الخارج ولا يعرف أعضاءها بعضهم بعضًا\".
واستطرد: \"أحدهم يشتري السيارة، والثاني يحملها بالقنابل، والثالث يقودها لمكان العملية ورابع يضغط على زر التفجير، والمطلوب من مشغلي الشاباك الوصول إلى طرف الخيط الذي سيوصلهم لكشف الخلية كلها، وضرب مثالاً على ذلك باكتشاف أكثر من خلية العام الماضي جرى تشغيلها من الأردن وتركيا ولا يعرف أعضاؤها بعضهم بعضاً \".
وأشار إلى ضرورة معرفة مشغلي الشاباك لطبيعة المنطقة المسئولين عنها وعادات وتقاليد الناس بها، إضافة لطبيعتها الجغرافية حيث يتولى اليوم ضباط في الشاباك المسئولية عن اكتشاف الأنفاق في القطاع وكذلك الصواريخ وما إلى ذلك في حين يساعد تطور وسائل الاتصال الشاباك في الوصول إلى الفئات المستهدفة بالتعامل.
مخاطر ومخاوف
وسلط التقرير الضوء على المخاطر التي يتعرض لها مشغلو العملاء سواءً من خطر انقلاب العميل نفسه وثأره من مشغله او خلال العمليات التي يشترك فيها المشغلون في مرافقة الجيش للعمليات الخاصة.
وضرب بري مثالاً آخرا على حالات تعرضت فيها حياة مشغلو العملاء للخطر وقتل بعضهم خلالها قائلاً إن \"أحد العملاء حاول قتله عام 1968 واصفاً ما حصل بالحالة الشاذة وأنه ليس بالإمكان نسيان ذلك الموقف\"، مشيراً إلى اخذ ضباط الشاباك هذه المسألة في الحسبان أثناء التعامل مع عملائهم.
وقال إن طبيعة ضباط الشاباك شكاكة بالمحيط بشكل عام ولا يثقون بأحد وذلك بعد مقتل عدد من ضباطه نتيجة الثقة الزائدة حيث قتل الضابط \"موشي غولان\" على يد أحد عملائه عام 1980 وبعدها بعدة أيام تم قتل الفلسطيني الذي قتله، فيما قتل ضابط آخر ويدعى \"زئيف جيفع\" عام 1984 في عملية بلبنان.
وقتل الضابط في الشاباك حاييم نحماني على يد أحد معاونيه عام ،1993 فيما قتل آخر ويدعى نوعام كوهين عام 1994، فيما وقعت عملية استهداف ضابط في الشاباك وقتله عام 2005 والتي قتل فيها الضابط عوديد شارون بتفجير أحد مشغليه بقطاع غزة .
ولفت معد التقرير إلى قيام الشاباك مؤخرا بتشديد الحراسة على مشغليه خشية قيام أحد العملاء باستهدافهم ساعة اللقاء حيث يتواجد حراس دائمون مع المشغلين ساعة لقائهم بعملائهم.
كما يحظر على الضباط لقاء عملائهم دون إذن وموافقة مسبقة من مسئولي الجهاز خشية قيام أحد العملاء المزدوجين والذي يعمل لصالح الشاباك و\"المنظمة المعادية\" بتصفية الضابط.