رام الله الاخباري:
سلط موقع "ميدل ايست مونيتور" الضوء على سبب الحرب التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفنان الفلسطيني الملقب بمحوب العرب محمد عساف، متسائلاً عن سبب سر الكراهية الإسرائيلية لعساف.
وقال الموقع الأمريكي، إن عضو الحزب اليميني المتطرف "ليكود"، آفي ديختر أعلن منتصف الشهر الجاري عن سحب التصريح الخاص الذي يسمح لمحمد عساف بدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، لافتاً إلى أن عساف من قطاع غزة فيما يعيش وعائلته في الإمارات بالوقت الراهن.
وأوضح الموقع، أن عساف تحول لنجم عربي بعد فوزه في برنامج "محبوب العرب" عام 2013، كما أن أغنيته الشهيرة "علي الكوفية" مثلت لحظة نادرة من الوحدة بين الفلسطينيين في كل مكان، مضيفةً: "رقص الحاضرون والحكام وملايين العرب مع عساف وهو يغنيها في بيروت وعادت الثقافة الفلسطينية مرة ثانية إلى المسرح وأصبحت أداة لا يمكن التخلي عنها أو تجاهلها".
وأشار الموقع، إلى أنه ومنذ ذلك الحين غنى عساف عن ولكل ما هو فلسطيني من النكبة إلى الانتفاضة ومأساة غزة ولكل رمز ثقافي فلسطيني، مستعرضاً جوانب من حياته منذ النشأة وحتى يومنا هذا.
وقال الموقع: "ولد عساف ونشأ في قطاع غزة حيث عانى وشاهد عيانا الاحتلال الإسرائيلي والحروب القاتلة التي شنت على القطاع وأيضا الحصار المستمر عليه، ومثل معظم سكان غزة فوالداه من اللاجئين، فوالدته من قرية بيت دراس ووالده من قرية دير السبع، وحاول الشاب تجاوز إرث والديه المؤلم ولكنه ظل ملتزما بالقيم الثقافية لمجتمعه وهو ما يستحق عليه التقدير والاحترا"..
وأضاف الموقع: "إعلان ديختر عن منع عساف من العودة إلى وطنه لا يثير الغضب فقط ولكن ذلك يمثل حربا على الثقافة الفلسطينية وهو أمر قديم قدم الدولة نفسها، فعلى مدى العقود السبعة الماضية أثبتت إسرائيل قدرتها على هزيمة الفلسطينيين والجيوش العربية عسكرياً".
وتابع الموقع: "استطاعت إسرائيل بدعم الغرب تمزيق الفلسطينيين إلى جماعات متنافسة وكسر أي مظهر للإجماع العربي بشأن فلسطين، وعلى المستوى الجغرافي يتوزع الفلسطينيون على جماعات عدة معزولة على أمل تطوير كل جماعة طموحاتها السياسية الخاصة".
وأكمل الموقع: "نتيجة لذلك حشر الفلسطينيون في غزة المحاصرة وفي محاور معزولة في شرقي القدس والضفة الغربية وفي تجمعات اقتصادية معزولة داخل الخط الأخضر، وفي الشتات تم تشتيت الفلسطينيين ضمن فئات من اللاجئين الذين شردوا أكثر من مرة في مناخ سياسي لا سيطرة لهم عليه".
وأشار الموقع، إلى أن محاولات الاحتلال الإسرائيلي تدمير فلسطين بكل ما تمثله انتقلت من العالم المادي إلى العالم الافتراضي، قائلاً: "دفعت إسرائيل باتجاه حظر الأصوات الفلسطينية على منصات التواصل الاجتماعي وحذف أي إشارة لفلسطين على خرائط غوغل وحتى من قوائم الطيران".
وتابع الموقع: "أعمال كهذه ليست عشوائية، لأن قادة الاحتلال الإسرائيلي يفهمون أن تدمير دولة فلسطينية ملموسة يجب أن يرفق بتدمير فكرة فلسطين كمجموعة من القيم الثقافية والسياسية التي تعطي الفلسطينيين تماسكهم واستمراريتهم في أي مكان".
وبين الموقع، أن الاحتلال الإسرائيلي كرس طاقاته لمحو التعبيرات الثقافية الفلسطينية التي سمحت للفلسطينيين بالبقاء رغم الانقسام والتمزق العربي والتشرذم الجغرافي، مضيفاً: "هناك عدة أمثلة تظهر هوس المسؤولين الإسرائيليين بهزيمة الثقافة الفلسطينية".
وأشار الموقع، إلى أن محو الوجود الفلسطيني في مناطق 1948 لم يكن بالنسبة لإسرائيل كافياً، حيث يحاول الاحتلال الإسرائيلي وبشكل مستمر تصميم أدوات تهدف لمحو الرموز الثقافية العربية والفلسطينية الباقية.
وأضاف الموقع: "في 2009 بدأت حكومة اليمين بعملية حذف الأسماء العربية وتغيير الإشارات على الطرق إلى العبرية، وفي 2018 خفض قانون الدولة القومية العنصري وضع اللغة العربية. وهذه الأمثلة ليست الوحيدة ولا تمثل بداية الحرب وتشويه الثقافة الفلسطينية".
وشدد الموقع، على أن القادة الذين أنشأوا إسرائيل كانوا يعرفون مخاطر الثقافة الفلسطينية وقدرتها على توحيد الفلسطينيين، متابعاً: "كان هذا الوعي حاضرا بعد فترة قصيرة من حملة التطهير العرقي لثلثي سكان فلسطين التاريخية".
وأكمل الموقع: "في رسالة أرسلت إلى أول وزير داخلية للاحتلال الإسرائيلي يتسحاق غرونباوم طُلب منه تغيير المناطق التي أفرغت من سكانها والقرى الفلسطينيين بأسماء عبرية: "يجب تغيير الأسماء المعروفة بأسماء جديدة ولأننا نتوقع تجديد أيامنا القديمة وعيش حياة صحية لشعب متجذر في تراب بلدنا يجب علينا البدء بعملية عبرنة أساسية لخريطة بلدنا"، وبعد ذلك تم تشكيل لجنة خاصة كلفت بتغيير اسم كل شيء له علاقة بفلسطين العربية".
وأكمل: "في رسالة أخرى كتبت في آب/ أغسطس 1957 وأرسلها وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي إلى مصلحة الآثار الإسرائيلية طالب فيها بتسريع هدم البيوت التي احتلت أثناء النكبة: "القرى العربية المدمرة والأحياء العربية أو البنايات الفارغة منذ 1948 تثير رابطة قاسية تتسبب بدمار سياسي كبير ويجب تنظيفها".
وقال الموقع: "بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي فمحو الوجود الفلسطيني وإخراجهم من تاريخ بلدهم كان هدفا استراتيجيا، حيث لا تزال الآلة الإسرائيلية الرسمية ملتزمة اليوم بالمهمة الاستعمارية القديمة، كما أن الاتفاق الذي وقعه الاحتلال الإسرائيلي في 2016 مع منصات التواصل الاجتماعي لإنهاء "التحريض" الفلسطيني على الإنترنت هو جزء من المهمة القديمة وهي "إسكات صوت الشعب الفلسطيني وبأي ثمن"، وفق تعبيره.
وأكد الموقع، أن الثقافة الفلسطينية لعبت دوراً مهما في كفاح الشعب الفلسطيني، وأنه رغم الاحتلال ونظام الفصل العنصري فقد منحت الفلسطينيين حسا من التماسك والاستمرارية وربطتهم جميعا بحس من الهوية الواحدة التي تدور حول فلسطين.
وأكمل الموقع: "قرار منع المغني الفلسطيني من تقديم وصلات غنائية أمام الفلسطينيين تحت الاحتلال، لا يعد من وجهة النظر الإسرائيلية شائنا على الإطلاق، فهو محاولة أخرى لإرباك التدفق الطبيعي للثقافة الفلسطينية والتي لا تزال قوية وحاضرة رغم خسارة فلسطين".