الخطر القادم إلى الجفتلك

الجفتمك

رام الله الإخباري

رام الله الاخباري:

على إحدى تلال قرية الجفتلك بالأغوار الوسطى يتربع مبنى عثماني عتيق ما زال شاهدا على تاريخ القرية، فهو يدلل على مركزيتها خلال فترة الحكم العثماني لفلسطين، بسبب موقعها ومواردها الزراعية، حتى أن اسمها مستمد من اللغة التركية، فكلمة جفتلك تعني المزرعة.

هذا المعلم الذي يعتبر أحد أعمدة تاريخ القرية، والذي منع الاحتلالُ الفلسطينيين من استخدامه وترميمه على مدار عقود بات يتهدده الخطر الاستيطاني بعد تكرار زيارات المستوطنين له خلال الأسبوع الماضي.

يُجمع أهالي الجفتلك على مختلف أعمارهم على أهمية هذا المعلم التاريخي وارتباطه بذكرياتهم وتاريخ قريتهم، فكبار السن طالما رووا لأبنائهم وأحفادهم تاريخه.

المواطن رائد مساعيد يشير في حديثه لـ"وفا" إلى أن أهالي القرية يتخوفون كثيرا من هذه الزيارات الاستيطانية، وهي إشارة لنية الاستيلاء على جزء مهم ليس من تاريخ القرية فحسب، وإنما من تاريخ فلسطين كلها.

"يمثل هذا المعلم جزءا مهما من هوية الجفتلك وذاكرتها وتاريخها، كما أنه جزء مهم من تاريخ الأغوار وفلسطين بشكل عام ويعني لنا الكثير ونحن نتمسك بكل حجر منه"، كما قال مساعيد.

وأضاف: "في سبيل الحفاظ عليه اتجهنا للمؤسسات الرسمية والداعمة لترميمه وإمكانية استغلاله كمعلم أثري سياحي يعود بالنفع على البلدة وأهلها، ولترويج البلدة وتراث فلسطين، ولكن سلطات الاحتلال حالت دون ذلك ومنعت أي ترميم له".

ويوضح أن ممارسات سلطات الاحتلال سابقا مهدت للمستوطنين وعبّدت لهم الطريق للاستيلاء على المبنى، حيث أقيمت مستوطنة "مسواة" على أراضي قرية الجفتلك في العام 1969 في منطقة قريبة إلى حد ما منه، ولاحقا أقامت معسكر جيش ملاصق له، وعلى مدار سنوات طويلة أجرت تدريبات للجنود فيه، ومنعت ترميمه أو استخدامه من قبل الأهالي أو الجهات الرسمية.

يؤكد مساعيد أن استيلاء المستوطنين على هذا المكان لا يمثل خطرا على هوية المنطقة وتاريخها فقط، بل يتعدى ذلك إلى إمكانية زحف المستوطنين واستيلائهم على مئات الدونمات الإضافية من القرية، فالمبنى يبعد حوالي 50 مترا عن أراضي المواطنين.

الجفتلك قرية زراعية فلسطينية من قرى الأغوار الوسطى، يبلغ عدد سكانها 3500 نسمة، يعملون في مجال الزراعة بشقيها النباتي والحيواني وتعتبر مصدر الدخل الرئيس للقرية، وتشير الروايات المتناقلة إلى أن تاريخ القرية وازدهارها يعود للفترة العثمانية، وما يدلل على أهميتها في ذلك الوقت وجود مركز للشرطة العثمانية فيها، والذي استخدم لاحقا خلال الانتداب سجنا ظل يعرف حتى اليوم بـ"سجن الجفتلك".

عن تاريخ سجن الجفتلك، يشير نظام قلالوة من وزارة السياحة والآثار إلى أنه تأسس في الفترة العثمانية لاستخدامه مقرا للشرطة، فالبناء مقام على تلة وهو مكون من طابقين أولهما اسطبل للخيل وثانيهما مركزا للشرطة، وطبيعة طراز بنائه تشير إلى أنه بني ما بين عامي 1830- 1840.

يتميز نظام بناء السجن على طريقة الأحجار المتعاقبة وهو أسلوب البناء المعتمد خلال الفترة العثمانية، بالإضافة إلى الأقواس والنوافذ المقوسة وشبه الدائرية، بالإضافة لوجود القباب في الطوابق العلوية، والمداخل نصف الدائرية.

بعد انتهاء الحكم العثماني لفلسطين، وقدوم الانتداب البريطاني، تم استخدام هذا المركز سجنا وأضيفت له بعض المباني الإسمنتية، حتى أصبحت مساحة المبنى تزيد عن مئتي متر، واستخدم بعدها مقرا للخيالة، وبعد احتلال الضفة الغربية عام 1967 حوله الاحتلال الإسرائيلي إلى ثكنة عسكرية، وجرت داخله وفي محيطه تدريبات عسكرية.

ويؤكد قلالوة أن التواجد الاستيطاني المتكرر في المنطقة خلال الأسبوع الماضي تحت حماية جنود الاحتلال يدلل على نية الاستيلاء عليه ومنحه للمستوطنين، منوها إلى أن سلطات الاحتلال منعت الفلسطينيين على مدار عقود من ترميمه أو استغلاله حتى أصبح عرضة للتدمير.

بدوره، يشير الناشط في مجال مقاومة الاستيطان خالد منصور إلى أن استيلاء المستوطنين على "سجن الجفتلك" يعني إمكانية تحويله إلى بؤرة استيطانية، وما يترتب على ذلك من خطر الاستيلاء على أراضٍ واسعة من قرية الجفتلك، وخاصة أن المبنى يقع في منطقة زراعية مأهولة بالسكان الفلسطينيين، ولا تبعد مزارع ومساكن الأهالي عنه إلا 50 مترا.

وأضاف أن إقامة مستوطنة في المنطقة يشكل خطرا كبيرا على مئات الدونمات من الأراضي المزروعة وعلى التواجد الفلسطيني، فالمبنى العثماني الذي يحاول المستوطنون الاستيلاء عليه قريب جدا من معسكر لجيش الاحتلال ومستوطنة "مسواة"، ما يعني إمكانية الاستيلاء على كل الأراضي والطريق الواقعة بين المبنى العثماني ومعسكر الجيش والمستوطنة.

وفا