رام الله –: بحذر شديد وقدر كبير من التشاؤم، يتحدث مختصون في شؤون الأسرى والقانون الدولي عن قرار الاحتلال المتوقع بتطبيق القانون الجنائي الإسرائيلي على الأسرى الفلسطينيين، والذي قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أمس الجمعة إن الاحتلال سيبدأ بتطبيقه مطلع شهر حزيران المقبل.
القرار الإسرائيلي بحسب الصحيفة، يدعو للاستمرار في تطبيق القانون العسكري على الأسرى الفلسطينيين، لكن مع منحهم حق الدفاع المنصوص عليه في القانون الإسرائيلي، لكن مع سحب قانون “درومي” الذي يعفي من تعرض منزله أو مزرعته للهجوم وقتل المهاجم من أي عقوبة أو محاكمة، وذلك بهدف حماية المستوطنين من أي ضرر، كونهم يهاجمون الأراضي الفلسطينية باستمرار.
نوايا خبيثة
هو قانون انتقائي إذًا ولن يطبق كحزمة واحدة كما يفترض، ولذلك فقد شكك رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس في النوايا الإسرائيلية، معتبرًا، أن الاحتلال يريد التعامل مع الأسرى الفلسطينيين المناضلين كمعتقلين ارتكبوا جرائم جنائية.
وقال فارس، إن وراء هذا الأمر العسكري نوايا إسرائيلية خبيثة من خلال اتخاذ إجراءات تبدو إيجابية في الظاهر، وتحمل في بطانها معان سياسية خطيرة تنسجم مع توجهات الحكومة اليمينية السابقة، تجعل قيام الدولة الفلسطينية أمرًا مستحيلاً، وتخطط لوضع صيغ قانونية تمكن “إسرائيل” في لحظة ما من الإعلان عن ضم كل المناطق الفلسطينية.
واستبعد فارس أن تخرج المحاكم العسكرية من ثوبها لتنفيذ كل ما نص عليه القانون الجنائي على الأسرى الأمنيين الفلسطينيين، مبينًا، أن دراسة معمقة ستصدر حول هذا الأمر العسكري بعد الاطلاع على تفاصيله.
من جانبه رأى رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى أمين شومان، أن القرار دليل جديد على إمعان الاحتلال في إذلال الأسرى، وخطوة جديدة من شأنها أن تزيد من العلاقة المتوترة بين الأسرى والاحتلال، مؤكدًا، أنه لا يمكن القبول بالقرار الإسرائيلي بأي حال من الأحوال.
وأضاف شومان، أن الأساس الوحيد للتعامل مع الأسرى الفلسطينيين هو القانون الدولي، ومواثيق جنيف الثالثة والرابعة المختصة بحقوق الأسرى.
أهداف قانونية وسياسية
القرار الإسرائيلي ورغم عدم الإعلان عنه رسميًا من قبل حكومة الاحتلال، إلا أنه شكله العام يكشف عن هدفين أحدهما سياسي والآخر قانوني، وفقًا للخبير في القانون الدولي صلاح موسى، والذي أكد على ضرورة البحث عن الأمر العسكري الصادر عن الاحتلال وقراءته، لاختيار الطريقة الأمثل للتعامل معه.
ويقول موسى، إن الهدف الأول يتمثل في تحويل الأسرى الفلسطينيين إلى مجرمين جنائيين، والتعامل معهم كما يتم التعامل مع أي قاتل أو سارق في دولة الاحتلال، وليس كما يجب التعامل معهم في الأصل كأسرى حرب، مشيرًا إلى محاكمة النائب في المجلس التشريعي مروان البرغوثي على هذا الأساس قبل أكثر من عشر سنوات.
أما الهدف الثاني فيحمل صبغة سياسية، من خلال إرسال رسالة للسلطة الفلسطينية بأن “إسرائيل” لا تعترف بوجودها، وأن القائد العسكري للاحتلال هو من يحدد شكل التعامل مع الفلسطينيين، بالإضافة للادعاء بأن “إسرائيل” ستوفر “ضمانات المحاكمة العادلة” للأسرى الفلسطينيين.
الشاباك يعترض
وزارة القضاء الإسرائيلية وجهاز “الشاباك” تحفظا على القرار المنتظر، حيث رأت الأولى أن هذا القرار قد يفهم على أنه سعي إسرائيلي لضم الضفة إلى دولة الاحتلال، أما الشاباك فكان اعتراضه عائدًا لثلاثة أسباب.
ويوضح الخبير موسى، أن أول الاعتراضات تمثلت في أن القانون الجنائي يمنح القاضي حق إعفاء المتهم من العقوبة أو تخفيضها في حال اعتذاره عن ارتكابه لها، أما الثاني، فيرجع إلى منع اعتقال أو توقيف أي طفل تحت سن (17 عامًا)، فيما يتمثل السبب الثالث في أن الشاباك يعتقد بأن الملف سيخرج من يده وسيفقد قدرته في التأثير على القضاة.
ويبين موسى، أن الأسير الجنائي لا يمكن الإفراج عنه إلا بقرار صادر عن رئيس دولة الاحتلال تحديدًا، وهو ما سيؤثر على أي صفقات تبادل أسرى بين المقاومة والاحتلال مستبقلاً، مشيرًا، إلى أن ذلك سيحدث في حال تم تطبيق القانون كحزمة كاملة لا بشكل انتقائي.
ويجمع المختصون على أن التعامل مع القرار يبقى مقيدًا ما لم يتم الاطلاع على الأمر العسكري الصادر عن الاحتلال، كون ما تم الحديث عنه أمس هو مجرد خبر، كما تبقى الأسئلة مفتوحة حول كيفية الرد الفلسطيني على القرار، وما إذا كان الاحتلال يحاول استغلال هذا القرار لضرب أي جهود فلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية بشأن الأسرى مستقبلاً.