نص المقال المثير للجدل .. فتياتٌ “يغازلن” موج البحر بلا رقيب في ميناء غزة!

انتقد مجموعة من النشطاء والقراء على مواقع التواصل الإجتماعي تويتر وفيس بوك تقرير نشرته صحيفة فلسطين المحلية التي تصدر من غزة انتقدت فيه مجموعة من الفتيات لتصويرهم الـ”السيلفي” والجلوس في ميناء غزة وهم يجلسون أمام الناس وتحت أعين حراس المرسى.

إليكم نص المقال :

مدّتْ ذراعيها كفراشة، وأطلقت لساقيها العنان كي تعبثا بموج البحر.. نادت صديقتها من بعيد :”ريهام، اتركي الحقائب، وتعالَي نطير معاً”.. استجابت الفتاة، وهرولت تقتحم الموج بعد أن رفعت عباءتها خشية أن يبتل طرفُها إلى ما تحت الركبة بقليل، وشمّرت بعضاً من بنطالها “المطّاطيّ” الضيّق (الفيزون) حتى برز عظم كاحلها! ثم أمسكت بكفَّي صديقتها وبدأتا تدوران وتصرخان بـ “غنجٍ” مفتعل كلما لطم الموج أرجلهما الحافية!

كان المشهد ملفتاً لكثيرٍ ممن مرّ بالقرب.. هناك في ميناء غزة.. حيث لا يخلو وقتٌ أبداً من وجود ذكور “العشرين”! أولئك الذين يبحثون –إلا من رحم الله منهم- عن صيدٍ “مؤنّثٍ” هنا أو هناك يسكبون على مسامعه “حلو الكلام” فتنتشي في قلوبهم مشاعر “الرجولة”..

المنطق هنا، يسأل بعفوية :”هل أصبح عادياً أن تغادر الفتاة “الصبيّة” جامعتها إلى وجهةٍ مفتوحة أمام كل التوقّعات بخيرها وشرّها كـ “ميناء غزة” برفقة صديقةٍ لها –ووحدهما- دونما حسيبٍ أو رقيب؟ جولةٌ قصيرةٌ لطاقم موقع “فلسطين أون لاين” داخل الميناء كانت كفيلةً في رصد الإجابة:

“سيلفي” بالألوان!

بالقرب من الصخور الملونة حديثاً، وقفت فتاة تحمل حقيبةً من الواضح أنها تحتوي كتباً جامعية، لتلتقط لنفسها صورةً شخصيةً (سيلفي) بواسطة هاتفها المحمول! سألناها عما لو كان والدها يعرف أنها تتمشى وحدها هنا في شوارع الميناء؟ فأجابت :”لا يعرف طبعاً، ولكنني أخبرت أمي أنني لن أتأخر (..) بصراحة، لا أدري ما الذي جعل أقدامي تسوقني إلى هنا”.. وأضافت :”أنا مخنوقة”.

الفتاة تذرّعت بالضغط النفسي الذي تعاني منه هذا الفصل بسبب كثرة عدد الساعات المسجلة لديها، ناهيك عن ضغوطٍ نفسية أخرى كانت تودّ أن تتحرر منها بالنظر إلى موج البحر لمدةٍ لن تتجاوز النصف ساعة كما عاهدت أمها، التي وحتى تلك اللحظة لم تكن تعرف أن ابنتها في ميناء غزة!

ضحكت وأكملت :”أمشي بثقة هنا، ولكن بيني وبين نفسي أرتعد خشية أن يراني أحد معارفي وحدي (..) لا أواعد أحداً، ولا أرتكب أية فاحشة، فما المانع إذن من أن أكون رقيب نفسي في مكانٍ عامٍ ومفتوحٍ كهذا؟”.

ولكن هل كان سيختلف الوضع فيما لو كانت صديقة لك معك كمرافق؟ سألناها، فأجابت بعد تفكيرٍ وتأتأة :”لن يختلف كثيراً، وبصراحة لو عرف أبي أنني كنت في الميناء بدون أحد إخوتي، أو بدون عائلتي بشكل عام، وحتى لو مع صديقاتي، لقطّعني إرباً”، منتقدةً ما أسمته “خنق الفتاة” في مجتمعنا “المغلق على نفسه” لمجرد أنها “فتاة” لا يُعطى لها ما يُعطى للذكر من حقوق..

سباقٌ فوق الرمال!

وليس ببعيد، كانت تستعد ثلاث صديقات عشرينيات، لسباقٍ فوق الرمل بدون أحذية بدأ مرفقاً بضحكاتٍ عالية ونداءات بينهنّ وبين بعضهنّ البعض ربما لأن كلاً منهنّ تمنت الفوز لنفسها..

قالت واحدةٌ منهن :”اعتذر أستاذ اليوم عن المحاضرة، فاستثمرنا الفرصة لتجديد حيويتنا بزيارة البحر”، مؤكدةً أن الوقت لم يسعفها كي تخبر أحداً من عائلتها بأمر خروجها مع صديقاتها لأن الفكرة هبّت في بالهنّ فجأة!

بادرنا بسؤال :”ألا تتعرضن للمعاكسات من قبل بعض الشباب هنا؟”، فأجابت ثانية :”لا يخلو الأمر من ذلك طبعاً، ولو كنا نمشي في الشارع لتعرضنا للمعاكسات أيضاً (..) سأكون صريحةً معك، أبي لا يعرف أنني هنا، ولا حتى أي أحد من أسرتي، ولو عرفوا لكان عقابي وخيماً، ولكن أنا من سكان رفح جنوب القطاع، وواثقة بأن أحداً من عائلتي لن يزور الميناء اليوم تحديداً”.

الثالثة خرجت عن صمتها، عندما نهرتنا قائلةً بعاميةٍ فظة :”أكيد أهالينا واثقين فينا، ولولا هيك ما كانوا دخلونا جامعات أصلاً، بعدين البنت هالأيام متل الولد، فش فرق، بتتعلم وبتروح وبتيجي، وقفت على زيارة المينا (..) واللي بدها تعمل الغلط بتعمله وإن كانت في بيت أبوها.. الرك ع التربية”.

المعطيات في سياقها الطبيعي!

شابٌ يبيع الذرة المسلوقة هناك واسمه “محمد”، أخبرنا أن زيارة بعض الفتيات الشابات إلى ميناء غزة –في رحلات فردية، صار أمراً شبه اعتيادي، وأنه وعلى الرغم من تأمين الشرطة للمكان بشكلٍ جيد حتى على الصعيد الأخلاقي “من خلال مراقبة سلوكيات الزوار” إلا أن الأمر لا يخلو من مشكلةٍ تقع هنا أو هناك يومياً بسبب استغلال بعض الشباب لوجود فتيات صغيرات في المنطقة دون ولي أمر، ومحاولة معاكستهن –وأحياناً بألفاظٍ بذيئة!

يعلّق بالقول :”بصراحة، لا لوم على الشاب هنا، فبعض الفتيات يحضرن إلى الميناء ويتصرّفن كأنهن في فيلم سينمائي، يخلعن أحذيتهن، ويتراقصن فوق الموج، ويصرخن بأصواتٍ عالية، ويتسابقن، ناهيك عن ألبستهنّ الضيقة، ومستحضرات التجميل اللاتي يضعنها (..) ضحكاتهنّ أحياناً تصمّ الآذان، وكل هذا ولا تريدون للشاب أن يتأثر، أو يبادر للتقرب من إحداهن”.

شدد بائع الذرة في ختام حديثه، أنه ليس بصدد الدفاع عن الشباب، بقدر ما أنه حاول أن يشرح المعطيات في سياقها الطبيعي.

ولا شكّ صديقي القارئ –سيما لو كنت تملك حساباً في أيٍ من مواقع التواصل الاجتماعي- أنك لاحظت موضة “سيلفي الميناء”، حيث لم يعد هناك أي مشكلة في أن تنشر بعض الفتيات صورهن الشخصية في ميناء غزة، وخلفهن البحر أو الصخور الملوّنة أو قوارب الصيد الراسية قرب الحافة.. مرفقةً بتعليقاتٍ تتغنى بالبحر وجماله وقدرته على سلب الروح، وتخفيف الضغط، وحفظ الأسرار، وقد تُذيَّلُ بإشارات إلى صديقات محددات ربما شاركنها تلك اللحظات أيضاً.. كل هذا في انتظار تعليقات المعجبين والمعجبات وآرائهم!!

للخروج ضوابط شرعية

ولسنا هنا في إطار الحديث عن تواجد المراهقين من الذكور في مكانٍ كميناء غزة –بعيداً أيضاً عن رقابة الأهل- رغم أن ذلك يعد خللاً كبيراً في نظام التربية، إذ قد ييسّر لطالب في الإعدادية أو الثانوية التجمع مع أصحابه حول مائدة الممنوع “وقد يتطور الأمر إلى ما لا يحمد عقباه حال كان رفقاؤه أبناء سوء”. هذا التقرير يركز فقط على “صبيّات” آنسات، ضربن قواعد “الشرع” بعرض الحائط، وتحدّين “العرف” بضحكاتٍ صاخبة سلبت منهنّ وقار “الأنثى” إلا من رحم ربي.

في الإسلام: الأصل أن تلتزم المرأة بيتها، ولكن الفقهاء جعلوا لخروجها ضوابط، أولها أن يكون لحاجة ضرورية، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”قد أذن الله لكنّ أن تخرجن لحوائجكن”، وثانيها، أن يكون خروجها بإذن وليّها (زوجها أو أبوها أو من ينوب عنه في حال وفاته أو غيابه)، أما الضابط الثالث، فأن تلتزم بالحجاب الشرعي لقوله تعالى:” يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يُعرفنَ فلا يؤذَينَ وكان الله غفوراً رحيماً”، فيما يقضي الضابط الرابع أن يكون خروجها على تستر تام لقول ابن القيم الجوزية :(يجب على ولي الأمر منع النساء من الخروج متزينات متجملات، ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات.. وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منـزلها، ولاسيما إذا خرجت متجملة، بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهن على الإثم والمعصية)، بينما الضابط الخامس فهو أن لا يفضي خروجها إلى حرامٍ أو ترك واجب.

“غيرة” و”انفتاح”!

بدوره، أرجع أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى د.درداح الشاعر، سبب هذه الطفرة “المجتمعية” داخل قطاع غزة، إلى الانفتاح الكبير الذي يعيشه الشباب في ظل التطور التكنلوجي الحاصل، وتنوع وسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها، شارحاً ذلك بقوله :”الفتاة قد ترى صورةً لصديقتها وقد زارت البحر مثلاً برفقة أخرى أو حتى لوحدها، نشرتها عبر أحد مواقع التواصل، فتجد في الأمر –سيما لو تكرر مع غيرها وغيرها- طبيعياً للغاية، فتأخذها الغيرة لتقليدها ظناً منها أن لا شيء في ذلك”.

وأوضح أن رقابة الأهل على أبنائهم عموماً، وعلى بناتهنّ على وجه الخصوص، مهمة جداً سيما في عمر المراهقة، وبداية مرحلة الشباب، “حيث للشيطان دروبٌ كثيرة” على حدّ تعبيره، منوهاً إلى أن ضعف الوعي الديني لدى العديد من الأسر، هو الذي يدفعها إلى اعتناق فكر “التحرر الغربي”، فتسمح لبناتها بالخروج والدخول وحدهنّ دونما رقيب.

وقال :”حتى لو وثق الأب ببناته، فلا يجب أن تكون ثقته عمياء بمن هم حولها، هو ربى ابنته، لكنه لم يربّي صديقاتها، أو حتى الأشخاص الذين قد تتعرض للاختلاط بهم في أي مكانٍ كان”، متقدماً بالنصيحة إلى كل ولي أمر، بأن يحافظ على تقاليد مجتمعه، والأهم من ذلك أن يتربّص بنصائح الشرع فيما يتعلّق بأصول التربية الإسلامية التي تعطي الأنثى وقارها وتحفظ حيائها.