"كورونا".. بين الواقع والافتراض

كورونا

إسراء غوراني

مع استمرار تفشي فيروس "كورونا" على مستوى العالم، وزيادة عدد المصابين به عن مائة ألف، ووفاة أكثر من خمسة آلاف آخرين، تزداد مخاوف المواطنين الفلسطينيين منه.

ومنذ تسجيل أول إصابة في مدينة بيت لحم، أصبح "كورونا" حديث المواطنين الأكثر انتشارا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحوا يتداولون معلومات عن المرض وأساليب الوقاية منه، وتبين أن نسبة كبيرة منها مغلوطة وغير علمية.

قدري دراغمة أخصائي الطب الوقائي المعتمد من وزارة الصحة في محافظة طوباس، قال إن وزارة الصحة تحاول وضع حد لذلك من خلال الإجابة عن كافة الأسئلة التي قد تتبادر إلى ذهن المواطن عن طريق النشرات التوعوية.

وأشار إلى أن وزارة الاتصالات بالتعاون مع وزارة الصحة تعمل على إرسال مليون رسالة يوميا للمواطنين على هواتفهم النقالة، تتضمن معلومات مفيدة ورسائل توعوية حول المرض.

وأوضح دراغمة لـ"وفا" أن عدم وجود معلومات واضحة وعلاج للمرض أدى إلى اجتهاد الناس في تناقل معلومات مغلوطة عنه، وتداول علاجات شعبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهي علاجات غير ناجعة، داعيا المواطنين إلى استقاء المعلومات والنصائح من الجهة الرسمية وهي وزارة الصحة، حتى لا يتعرضوا للضرر.

وفيما يتعلق بما يتداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن إمكانية انتهاء الفيروس مع ارتفاع درجات الحرارة، أشار إلى أن هذه النظرية وغيرها ظهرت مع بداية تفشي كورونا في الصين وتتحدث عن إمكانية القضاء عليه في حال ارتفعت درجات الحرارة إلى 27 درجة مئوية، ولكن منظمة الصحة العالمية نفت ذلك لاحقا.

وبخصوص موجات الغبار والعواصف الرملية التي تشهدها المنطقة حاليا، أكد دراغمة أن ذلك ليس له علاقة أيضا بالحد من تناقل الفيروس كما يتداول المواطنون.

يعرف فيروس كورونا (كوفيد- 19) على أنه مرض فيروسي يصيب الجهاز التنفسي العلوي والسفلي، وفي البداية انتقل من الحيوان إلى الإنسان، ولكنه تعدل جينيا فيما بعد بحيث أصبحت لديه الإمكانية للانتقال من الإنسان إلى الإنسان.

وأضاف دراغمة ان عائلة الفيروسات المصنفة كورونا تشمل ثلاث مجموعات: الأولى هي فيروس "سارس" الذي تفشى في الصين عام 2002 وهو فيروس يسبب اضطرابا حادا في الجهاز التنفسي وضيقا في التنفس، ويشكل خطورة عالية على جسم الإنسان، والمجموعة الثانية من الفيروس كانت مختصة بحوض البحر الأبيض المتوسط وتفشت في المملكة العربية السعودية عام 2012 وأدت إلى وقوع العديد من حالات الوفاة.

أما المجموعة الثالثة من الفيروس ظهرت في أواخر العام المنصرم 2019 في الصين وانتشرت لتصبح وباء عالميا خلال الشهرين الماضيين والمعروفة بـ"كوفيد- 19"، وزاد عدد المصابين بها حول العالم عن مائة ألف شخص، وزادت الوفيات بسببه عن خمسة آلاف عالميا، والعدد مرشح للزيادة في ظل عدم اكتشاف علاج له.

وتكمن خطورة فايروس "كوفيد- 19" بأنه يختلف عن بقية مجموعات فيروس كورونا سابقة الذكر بسرعة انتشاره، وخطورته على فئة كبار السن، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة ومن ضعف المناعة، ومن أكثر العوامل التي جعلته خطيرا عدم وجود علاج له أو مصل مضاد حتى الآن، وكذلك عدم كفاية المعلومات العلمية حوله.

وأكد دراغمة أن المرض لا يشكل خطورة على الإنسان العادي الذي لا يعاني من مشاكل صحية مزمنة، فحوالي 80% من المرضى الذين أصيبوا بالفيروس يتم شفاؤهم دون التوجه للمراكز الصحية والخدمات الطبية، من خلال مناعة الجسم.

يقسم المرضى المصابون بفيروس كوفيد- 19 إلى نوعين: مرضى مع أعراض، ومرضى من دون أعراض، فالمرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض لا داعي للتدخل الطبي في حالتهم، ويتم التعامل معهم عن طريق الحجر وإبعادهم عن بقية المواطنين، وهؤلاء يحتاجون لفترة زمنية معينة حتى يتعافى جسـدهم ويكتســب مناعة ذاتية ضد الفيروس.

أما القسم الثاني وهم المرضى الذين تظهر لديهم الأعراض ويتم التعامل معهم في المرافق الصحية، لأن خطورة المرض تكمن في المضاعفات التي تنتج عنه، وهذه بحاجة لعناية طبية كونها تشكل خطرا على حياة المريض أو المصاب بها.

أوضح دراغمة أن التعامل مع المصابين بالفيروس أو المخالطين لمصابين يتم ضمن مفهومين، وهما: الحجر، والعزل، فالحجر يتم للأشخاص المخالطين للمرضى ولكن لا يحملون الفيروس وهؤلاء يدخلون في مرحلة الحجر لمدة 14 يوما، وفي بداية الحجر يتم إجراء فحوصات لهم لإثبات إن كانوا حاملين للفيروس، وفي نهاية فترة الحجر قبل إخلائهم يتم عمل الفحص مرة أخرى، علما أن الحجر لا يكون في المستشفيات والمرافق الصحية.

أما الإجراء الثاني، وهو العزل ويكون للمرضى الذين ثبت لديهم وجود الفيروس، وهؤلاء يحتاجون إلى رقابة طبية يومية ومتابعة الأمور الحيوية لأجسامهم، أما الذين لديهم أعراض حادة وتبعات يحتاجون لتدخل طبي متقدم.

وتطرق دراغمة للأمور التي يجب أن يتبعها المواطن ليقي نفسه وأسرته من الفيروس، وأهمها المحافظة على النظافة الشخصية، وفي حال دخول أماكن مكتظة كالمواصلات العمومية يجب غسل اليدين وتعقيمهما جيدا بعد ذلك، خاصة ان نقل الفيروس للجسم يكون عن طريق اليدين غالبا.

ودعا إلى تجنب الأماكن المزدحمة، وتقليل الخروج إلا لما هو ضروري، كذلك تقليل الاختلاط بالناس وتجنب استقبال الزوار، مع ضرورة استخدام المناديل في حالات العطاس والسعال لمنع تطاير الرذاذ.

ولا تقتصر وسائل انتقال المرض من شخص لآخر على العطاس أو بالرذاذ وغيرها، فكل الأدوات والأسطح التي يستخدمها الإنسان، وحتى الملابس والأحذية تكون ناقلة للفيروس إذا لمسها الإنسان وكانت ملوثة برذاذ من شخص مصاب.

ودعا دراغمة المواطنين للاطمئنان وعدم الخوف أو الذعر من أي أعراض زكام أو رشح عادية لديهم، مشيرا إلى أهم الشروط التي يجب توافرها في الشخص الذي يحتمل إصابته بالفيروس، فيجب أن تكون لدى الشخص أعراض انفلونزا حادة، وهي السعال، وارتفاع الحرارة، وآلام الرأس والمفاصل والحلق، وضيق التنفس، شريطة أن يتزامن مع ذلك مخالطة مريض أو إن كان الشخص قادما من منطقة موبوءة، فهؤلاء يجب أن يتوجهوا لإجراء الفحص في دوائر الطب الوقائي في مديريات الصحة القريبة عليهم.

يذكر أن الحكومة أعلنت حالة طوارئ لمواجهة مخاطر فيروس كورونا ومنع تفشيه، وشملت سلسلة إجراءات، أهمها: إغلاق كافة المؤسسات التعليمية من مدارس ورياض أطفال وكليات وجامعات، مع بقاء موظفي الوزارات والمؤسسات الحكومية والكوادر الطبية على رأس عملهم، والحد من حركة التنقل بين المدن مع إغلاق محافظة بيت لحم، ودراسة إمكانية إغلاق المعابر والحدود.

وكان مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في فلسطين جيرالد روكنشواب أكد أن الحكومة الفلسطينية اتخذت إجراءات متقدمة لمكافحة انتشار فيروس كورونا، وتفوق ما هو موصى به دوليا.

يوم الأربعاء المنصرم الحادي عشر من آذار الجاري، أعلنت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة الأربعاء على لسان مديرها العام تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، أنها باتت تعتبر فيروس كورونا المسبّب لمرض "كوفيد- 19" (جائحة)، أي أنه وباء متفشي عالميا، لكنها أكدت في الوقت ذاته أنه ما زال من الممكن "السيطرة عليه".