رام الله الإخباري
رام الله الاخباري:
حذرت جهات ومختصين في الهند، من خطر قرار الحكومة الوطنية الهندوسية في الهند، مؤخراً، قانون تعديل المواطنة لتعديل قانون الجنسية لعام 1955، مما يمهد الطريق لمنح الجنسية الهندية للأقليات الدينية من باكستان وأفغانستان وبنغلاديش، وتحديداً من الهندوس والسيخ والجاين والبارسيس والمسيحيين، باستثناء المسلمين.
ووفقا لوسائل اعلام مختلفة، فإنه يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من الهندسة العرقية والطائفية التي تقوم بها حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
وبحسب "عربي بوست"، فإنه ليس لدى المعارضين للقانون الجديد أي اعتراض على منح الجنسية الهندية لطالبي اللجوء من الدول الثلاث المجاورة، التي قد يكون لها وجهات نظرها الخاصة حول كيفية تعامل الهند مع الأقليات الدينية الخاصة بها، إلا أن هناك معارضة قوية في الهند – وخاصة من المجتمع المسلم – للقانون، لأنه يستبعد المسلمين، مما يثير الشكوك حول الدافع الحقيقي وراء هذا القانون المعدل.
وقد أدلى كل من رئيس الوزراء مودي، ووزير خارجيته أميت شاه، بتصريحات تعتبر استفزازية وضد الجالية المسلمة، رغم أن وزارة الداخلية بحكومة حزب «بهارتيا جاناتا» قامت «بحملة تضليل» مروجةً أن قانون تعديل المواطنة لا يؤثر على أي مواطن هندي، بمن في ذلك المسلمون، الذين يتمتعون بجميع الحقوق الأساسية بموجب الدستور.
لكن معارضي القانون طالبوا بسحبه بشكل كامل، إذ يرتبط القانون الجديد باختبار غريب للجنسية لأكثر من 1.3 مليار شخص في الهند، يطلق عليه «السجل القومي للمواطنين»، وهو ما يرعب الناس، حيث سيُطلب منهم إثبات جنسيتهم الهندية.
في أي بلد عادي، تعرف الحكومة من يكون مواطناً ومن ليس كذلك، وحينما تكون لديها شكوك، فإنها تجري الاختبارات المطلوبة على الفرد، أما في الهند، فالاختبار يشمل البلد بأكمله، وهو ما لم يسمع عنه في تاريخ البشرية.
وما زاد الأمور تعقيداً تصريحات قادة حزب بهاراتيا جاناتا المعادية للمسلمين الذين يخشون أن يؤدي الفشل في إثبات جنسيتهم الهندية إلى حذفهم من قوائم المواطنة.
في السياق ذاته، تقوم الهند بالفعل ببناء مراكز احتجاز في ولاية آسام (شمال شرق)، التي تضم مختلف الأعراق والمجموعات اللغوية والديانات، حيث تم تطبيق «السجل القومي للمواطنين»؛ وبموجبه تم إقصاء كل من الهندوس والمسلمين الذين يبلغ عددهم 1.9 مليون شخص من السجل في الولاية.
وتمنح الهند الجنسية لأي شخص هاجر إليها قبل 19 يوليو/ تموز 1948، ما عدا في ولاية أسام، حيث تمنحها لمن هاجر قبل 25 مارس/آذار 1971، وكان الهدف من تطبيق «السجل القومي للمواطنين» في أسام تحديد المهاجرين غير الشرعيين من بنغلاديش المجاورة، لكن ذلك كان مليئاً بالتناقضات وأثار انتقادات بسبب تعسفه وعدم كفاءة المسؤولين عن إدارته.
ورغم استبعاد الهندوس من القائمة النهائية للسجل، فإنهم سيحصلون في آسام على الجنسية تلقائياً بفضل قانون المواطنة الجديد، بينما سيظل المسلمون بلا جنسية وسيتم الزج بهم في معسكرات اعتقال بظروف غير إنسانية.
وقد شبه البعض قانون المواطنة الجديد بالقوانين العنصرية لألمانيا النازية ضد اليهود، إذ قال حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم إنه سيطبق «السجل القومي للمواطنين»، في جميع أنحاء البلاد.
وهو ما يعد طموحاً للغاية بالأخذ في الاعتبار افتقار مئات الملايين بالهند إلى التعليم والرعاية الصحية والسكن المناسب والغذاء، كما أن معظم الناس ليس لديهم وثائق شخصية مناسبة.
ففي المناطق الريفية بالكاد يتم تسجيل المواليد والوفيات رسمياً، إذ يتسبب تعدد اللغات بتغير هجاء الأسماء عند الكتابة باللغة الإنجليزية، ومعظم الموظفين يسيئون نطق الكلمات حتى في لغتهم الأم.
من جانب آخر، يشير البعض إلى أن معظم المشرعين بالهند لن يكونوا قادرين على تقديم وثائق مناسبة لعائلاتهم وكذلك الوثائق الخاصة بالتعليم وحيازة الممتلكات، ولكن رغم هذا تريد الحكومة الهندية إجراء اختبار قومي للمواطنة، قد يسفر عن مآسٍ مروعة.
ويعتقد المعارضون لتطبيق السجل القومي للمواطنة في جميع أنحاء البلاد، أن كثيراً من الهنود لن يكونوا قادرين على تقديم الوثائق المطلوبة لنسبهم لإثبات جنسيتهم، كما أن الحكومة الهندية يمكن أن تضع قواعد جديدة في أي وقت.
إلا أن الواضح أنها (الحكومة) ستجد طرقاً مختلفة لمنح الجنسية للهندوس وتطبيق التمييز ضد المسلمين في فحص وثائقهم، ولهذا من الطبيعي أن يخشى المسلمون من قانون المواطنة ويعتبروه أداة لحرمانهم حتى من حقوقهم الأساسية بموجب الدستور.
إن صور وحشية الشرطة ضد المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في الولايات التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، حيث قُتل عشرات من المتظاهرين بنيران الشرطة، لا تظهر الهند كديمقراطية تعددية، ولهذا تضررت صورة الهند الدولية وسمعتها، فقد سجلت تقريباً كل وسائل الإعلام الأجنبية المهنية الأحداث المرعبة في الهند.
إن البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي هي إشارة واضحة إلى أن الناس خارج الهند لم يقتنعوا برواية حكومة نيودلهي، فلا يمكن لأدوات القوة الناعمة في الهند أن تصور هذا البلد كمركز للاستثمار عندما تشير المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية إلى أنها في الاتجاه الخاطئ.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد قد أخبر الهند كيف حققت بلاده الرخاء والاستقرار، من خلال قبول الأقليات الدينية الهندية والصينية كمواطنين متساوين بدلاً من السعي إلى الصراع.
عربي بوست